خلال أقل من عامين صعد نجم عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة هاني أبو ريدة, ليصبح نائبا لرئيس الاتحاد وعضوا في اللجنة التنفيذية للاتحاد الإفريقي لكرة القدم, ثم عضوا باللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لكرة القدم, وهي أعلي هيئة داخل المنظمة العالمية التي تدير كرة القدم في العالم, ويراها كثيرون أهم من معظم حكومات دول العالم. لكن هذا الصعود الكروي السريع والمثير للاعجاب, اتبعه هاني أبو ريدة بصعود سياسي مغاير, إذ انتخب عضوا لمجلس الشعب عن محافظة بورسعيد ثم اختير رئيسا للجنة الشباب والرياضة بالبرلمان.. إضافة إلي عضويته في الحزب الوطني, وأمانة الشباب بالمجلس الأعلي للسياسات بالحزب. وقبل يومين كان أبو ريدة ضيفا في قناة مودرن كورة مع أحمد شوبير الذي يمثل نقيض أبو ريدة تماما, فشوبير الذي كان عضوا بمجلس الشعب عن محافظة الغربية, فشل في الحفاظ علي مقعده النيابي, وبالتالي ترك منصب وكيل لجنة الشباب والرياضة الذي كان يتولاه في البرلمان السابق. وقبلها بنحو عامين غادر شوبير منصبه كنائب لرئيس اتحاد كرة القدم, حيث حرمته اللائحة التي تنص علي عدم شغل العضوية أكثر من دورتين من الترشيح لكن شوبير حافظ علي حضوره الإعلامي بعد ان انتقل من قناة الحياة الفضائية الخاصة إلي موردن كورة. وكنت قد توقفت طويلا أمام ظاهرة أحمد شوبير في فترات الصعود, وتساءلت في صحيفة روز اليوسف عن كيف يكون مسئولا في لجنة الشباب والرياضة بالبرلمان, وهو في الوقت نفسه مسئول في اتحاد الكرة.. وحين يتصدي البرلمان لبحث اوضاع الكر ة أين سيكون شوبير وهل يصبح خصما وحكما في الوقت نفسه. لكن هاني أبو ريدة كفاني مشقة إعادة نفس السؤال وتحويله من شوبير إلي أبو ريدة حيث قال انه يعكف حاليا علي دراسة المناصب التي يشغلها جميعا بالانتخاب, ومدي التعارض بين العمل البرلماني الرقابي والعمل التطوعي في اتحاد الكرة. وأضاف أبو ريدة في نفس البرنامج: انه سيضطر لتقليل وجوده في اتحاد الكرة لمصلحة أبو ريدة البرلماني المطلوب منه القيام بأدوار مهمة لمصلحة أبناء دائرته.. في الوقت نفسه الذي عليه ان ينهض بمهام الرقابة والتشريع تحت قبة البرلمان. وحين سأله شوبير عن ترشيحه لرئاسة اتحاد كرة القدم في الدورة المقبلة قال أبو ريدة انه ليس واثقا الآن من هذا الترشيح بعد العبء البرلماني الجديد, وقال انه سيفكر كثيرا, وسيراجع اموره, ومهامه وواجباته. والحقيقة ان ماقاله ابو ريدة كلام في غاية الاحترام يستحق التحية والإشادة فنحن في هذا البلد نعيش منذسنوات منطق التكويش كل شخص يريد جمع أكبر قدر من المناصب والمهام ليضعها في سيرته الذاتيةبغض النظر عما إذا كان بمقدوره الوفاء بما يعهد إليه أم لا. نري مثلا استاذا جامعيا, عضوا في عشرات مجال إدارات شركات وهيئات ومؤسسات, ووزراء ومسئولين أعضاء في مجال إدارات البنوك والشركات وهيئات ومجالس قومية وهيئات عامة لاتعد.. ولاتحصي. وبغض النظر عن المقابل المالي الذي يتراوح مابين مئات الآلاف في عضوية بنك استثماري وعشرات الجنيهات في مؤسسة جامعية فلا احد في مصر يريد ان يترك الفرصة للآخرين. وإذا افترضنا مثلا ان في مصر عشرة آلاف أو مائة ألف عضو مجلس إدارة وهيئة وأمانة وغيرها من المجالات المتخصصة وغير المتخصصة, فإن استئثار نفر قليل بمعظم هذه المناصب يجعلها محدودة العدد. والمشكلة ان تمسك بعض الناس بالمناصب العامة, يغلق باب الأمل والترقي امام الاخرين, في الوقت نفسه الذي يؤدي إلي تكرارية نفس الأفكار وغياب الابتكار, وفي النهاية يتم طبع الحياة بصورة واحدة, ورأي واحد, واشخاص لايغيرهم إلا الموت. في مصر جيل كبير تتراوح اعمار من في هذا الجيل بين الأربعين والستين يقتربون من نهاية مسيرتهم المهنية والوظيفية بينما يضعون قدما واحدة علي السلم منذ سنوات. ولايستطعيون رفع القدم الأخري درجة واحدة إلي الأمام لأن جميع درجات السلم الوظيفي, والإداري, والاقتصادي مشغولة بمن اشتروا كل درجات الوطن لحسابهم الخاص. كل ماارجوه من المتشبثين باهداب الوطن, وبمصالحهم الخاصة, ان ينظروا إلي الكلمات البسيطة التي قالها هاني ابو ريدة في برنامج لكرة القدم, ولو تمعنوا فيما قاله لاكتشفوا كيف صادروا حقوق أجيال وأجيال, بينما لايرون سوي انفسهم.. ومصالحهم الصغيرة الضيقة.