لا تؤجل عمل الخير.. لا تستصغر ما في يدك.. تستطيع أن تقدم الكثير.. تستطيع أن تمسح أحزان الناس.. ولو بمجرد مكالمة تليفونية.. أو كلمة طيبة.. أو موقف تعاطف.. قف إلي جانب من تراه في حاجة إلي المساعدة.. لا تقل إنك لا تملك شيئا.. أنت تملك المواساة.. التعزية.. الأمل.. المساندة.. أحيانا كثيرة تكون هذه الأشياء واللفتات المخلصة أغلي من كنوز الأرض. الناس لا يحتاجون فقط إلي المال.. أو الغذاء.. أو الكساء.. أو الدواء.. الناس يحتاجون إليك.. يحتاجون إلي الناس.. بما هم ناس.. يريدون لمسة حانية.. يريدون إحساسا بالاهتمام.. أنت في حد ذاتك جزء مما يحتاجه الناس في أوقات أزماتهم.. الإنسان يستقوي بالإنسان.. يجد فيه العون.. ليس المطلوب إنسانا قويا أو غنيا أو صاحب نفوذ.. المطلوب هو إنسان يملك عاطفة نبيلة تجاه من حوله.. كلنا ضعفاء.. لا تصدق أدعياء القوة.. لا يوجد فينا من يستغني عن الآخرين.. لا يوجد من يستكفي بنفسه.. لا يوجد أحد أعلي من الناس.. في لحظة الشدة تكشف عن الحقيقة.. في لحظة الحاجة تنجلي الغمامة من الأعين.. نبصر بنور الفطرة.. ندرك أن البسطاء والضعفاء الذين من حولنا وقد لا نعبأ بهم.. وندرك أنهم ينطوون في الأعماق علي كنوز علي معين وثروات ومشاعر إنسانية نحن في أشد الحاجة إليها.. في يوم واحد.. انتقل أكثر من صديق من بيته أو من عمله إلي المستشفي في حالات صعبة.. هكذا فجأة وبدون مقدمات.. الأعزاء الأحباب يرقدون في الغرفات.. في يوم واحد.. أكثر من صديق يذهب بأبنائه الأطباء.. أصعب ما فيها علي نفسي طفلة في التاسعة من عمرها يكتشف الطبيب أنها تعاني من القولون العصبي. ضغوط الحياة تزحف علي الجميع.. الأطفال أنفسهم يسقطون ضحايا الحياة الحديثة. تعالوا نتنفس بهدوء.. نأخذ أنفاسا عميقة.. نرخي حبال الأعصاب المشدودة.. نخرج من أنانيتنا.. نترك حبنا لأنفسنا.. نتحرر من ذواتنا.. تعالوا نذهب لغيرنا.. نعطي الناس من اهتمامنا.. من حبنا.. من عطفنا.. من سؤالنا.. الناس لا يريدون منا شيئا مكلفا.. إنهم يريدون منا أن نعود إلي جوهرنا.. إلي حقيقة الإنسان الذي نكاد نقتله في أعماقنا.. ونكاد ندفنه في اللحم والعظم.. ونتحرك بدون أن ننهش اللحوم.. ونكسر العظام.