حري بنا ألا نغفل عما أودع الله جلت قدرته في عقول الأطفال ووجدانهم من مواهب وأسرار, وما أفاءه عليهم من قدرات واعدة وطاقات مبدعة.. تبدأ الموهبة مع بداية الحياة كاستعداد كامل أو امكانية محتملة تنمو وتنضج مع نمو الفرد في مراحل حياته الأولي, لتصل إلي مرحلة تحقق فيها أعلي مراتب الابتكار والإبداع. وتذكر البحوث والدراسات العلمية أن هناك نسبة ما بين2% و5% من الناس يمثلون المتفوقين والموهوبين, حيث يبرز من بينهم صفوة العلماء والمفكرين والمصلحين والقادة والمبتكرين والمخترعين.. ويعد الطفل الموهوب ثروة وطنية وكنزا لامته وعاملا من عوامل نهضة مجتمعه في مجالات الحياة العلمية والمهنية والفنية, ومن ثم فان استغلال قدراته استغلالا تربويا يعد ضرورة حتمية, فالموهوبون والمتميزون في أغلب المجتمعات هم الذين تقوم علي كواهلهم نهضتها فهم عقولها المدبرة وقلوبها الواعية وواضعو الأهداف وراسمو خطط تحقيق تلك الأهداف.. علي أن الملاحظ اليوم بشكل ظاهر, تسابق المجتمعات وسعي الأمم والبلدان في الكشف عن هؤلاء المتفوقين والموهوبين والمبدعين ورعايتهم, حيث أدركت تلك الدول أن قدراتها تعلو بموهوبيها ومبدعيها, وأنها تتقدم علي غيرها من الدول بعقول علمائها ومفكريها ومخترعيها من أجيالها المبدعين والموهوبين. ورعاية الموهبة في البيت تشير إلي أن الأطفال الموهوبين يختلفون عن سواهم اختلافا قد يؤدي إلي سوء فهمهم وارتكاب الأخطاء الجسيمة بحقهم, ولذلك كان من الأهمية بمكان أن ينظر بتمعن في نفسية الطفل الموهوب المبدع, ووالدا الطفل الموهوب هما أولا الشخصان المهمان في حياة هذا الطفل, وهما بالت إلي أول من يجب أن يساعداه علي إظهار مواهبه الكامنة والتعبير عنها, ولذلك كان مهما جدا أن يكون للأبوين القدرة الكاملة والمعرفة المتبصرة والطرائق الصحيحة لإعانة الطفل علي إظهار مواهبه والتعبير عنها ورعايتها. واقترح أكثر من باحث بعض الطرائق العملية التي يمكن أن يلجأ إليها الوالدان, والتي تعين علي الكشف عن الطفل المبدع, من بينها أن يكون الوالدان منتبهين إلي فاعليات الطفل ومقدرين نوعية هذه الفاعليات, وتفضيله حل المشكلات علي الحفظ عن ظهر قلب.. إن الكثيرين من الآباء والمعلمين يضيقون ذرعا بأبنائهم أو تلامذتهم إذا أظهروا ميولا للتعلم والتفكير بطريقة فعلية.. إن واحدا من أسباب هذا الضيق هو الخوف من ان يحسب الناس أن هؤلاء الآباء مختلفون عن غيرهم أو أنهم ملحاحون أو أنهم شاذون, والصحيح أن الطفل المبدع طفل سوي أصلا ومن اللازم رعايته لإنماء قدرته علي الموهبة, وأن في هذه الرعاية ما يدعم عددا من جوانب حياته وإنتاجه. ولذلك كله يجب أن يتاح للأطفال الموهوبين الوقت اللازم للتفكير, وأن يعطوا حق المخالفة, وأن تنمي فيهم روح التساؤل والمناقشة, وأن تربي فيهم القدرة علي مواجهة المشكلات والتصدي لها, فالموهبة استعداد ينعم به الخالق سبحانه وتع إلي علي فئة قليلة من عباده, بحيث تمكنهم إذا وجدوا العناية والرعاية من الامتياز والتفوق والإجادة بشكل غير عادي في مجال أو أكثر من مجالات الحياة, بحيث يبرز منهم صفوة العلماء والمفكرين والمبدعين والمخترعين, وللموهبة خاصية مميزة في ذات طبيعة تخصصية مثل الموهوبين في مجالات الأدب والشعر والفن والموسيقي والفنون التشكيلية والعلوم الرياضية, وقد تلعب الوراثة دورا مهما في ظهور الموهبة, ويقوم التعليم والتدريب بصقلها, ولكن لا يوجدها إذا لم تكن موجودة أصلا.