في11 سبتمبر عام2001 اختطف19 ارهابيا أربعة طائرات وشنوا هجمات ارهابية علي واشنطن وغيروا مجري التاريخ, وما تبع ذلك ليس بالنتيجة السهلة وهو بدء الحرب العالمية علي الارهاب بقيادة الولاياتالمتحدة, نتج عن ذلك انفجار تنظيم القاعدة حيث فقد معسكرات تدريبه وقواعد اطلاق عملياته وقيادته المشتركة في كابولبافغانستان, الي جانب استمرار قتل واعتقال المئات من تنظيم القاعدة حتي يومنا هذا. هكذا يبدأ المؤلفان بروس هوفمان وفرناندو ريناريس كتاب( تقييم تهديد الارهاب العالمي منذ اا سبتمبر وحتي مقتل بن لادن) الصادر عن جامعة كولومبيا عن سلسلة دراسات كولومبيا حول الحرب والارهاب والذي جاء في696 صفحة. يقول المؤلفان بعد مرور أكثر من عقد علي هجمات سبتمبر نحن نعرف لماذا نشن هذه الحرب, ولكننا لا نعرف حقيقة الان نشنها تحديدا ضد من ؟ هذا لاننا انتقلنا من مرحلة القضاء علي القاعدة الي مرحلة الحرب اللانهائية ضد فروع القاعدة ومن يعتقدون في أفكارها وايديولوجيتها مما أطلق العشرات من الجماعات والمنظمات والجهاديين فأصبحنا كل يوم أمام عدو جديد. الخطر الحقيقي يري الاكاديميون في الغرب ان القاعدة كانت محددة وقيادتها معروفة, ويرون ان الخطر الحقيقي الان ليس من المنظمات الارهابية المحددة التي يمكن تتبع أنشطتها, ولكن الخطر الاكبر يأتي من جانب الخلايا المحلية والافراد الذين يعملون بمعزل عن هذه المنظمات ولكنهم بسيروا علي نفس الدرب. كان أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الراحل قد وضع قيادات مدربة لتنظيم القاعدة وكان يؤثر فيما يسميحركات الجهاد العالمية المتصلة بالقاعدة, ولكن الان أصبح هناك جماعات ارهابية متنوعة يتبعون نفس الاستراتيجية. ويشير المؤلفان الي ان الاشخاص الذين يتجهون الي الفكر الجهادي بانفسهم ويمارسون العنف بأبسط الاسلحة هم الاكثر خطورة علي الامن نظرا لصعوبة تتبع عملياتهم لان العمليات الارهابية في هذه الحالة تصبح بدون قيادة. كشفت الدراسات الغربية عن ظهور عمليات ارهابية خلال السنوات القليلة الماضية تمت بشكل منفرد مثل التفجيرات الانتحارية في لندن عام2005 ومؤامرة2006 لتفجير طائرات تجارية في مطار هيثرو ببريطانبا وحادث تفجير مدريد عام2004 والتي نفذتها جماعات الجهاد الاسلامي والجماعة الاسلامية بالمغرب الي جانب عمليات القاعدة في العراق وأفغانستان وجنوب أسيا. ويتساءل الكتاب: هل ادي مقتل اسامة بن لادن لتقليل الهجمات الارهابية, ام اصبح مرشدا للعديد من المنظمات والجماعات الارهابية التي تفرعت عنه. ويؤكد الكتاب ان مفهوم ما يعرف بالارهاب الجهادي مازال أمامنا الكثير لكي نفهمه ونعرف أبعاد مخاطره, كما ان هذا الجانب غير موثق بشكل جيد. ومن أجل فهم هذا الجانب استعان المؤلفان بأكاديميين واعلاميين وخبراء في مراكز بحثية مختلفة بدعم من معهد الكانو الملكي ومعهد دراسات الامن في مدينة جورج تاون ومدرسة وولش للخدمات الخارجية في الولاياتالمتحدة الامريكية. الكتاب مقسم الي جزءين الاول يبحث في الهجمات الارهابية الجهادية والمؤامرات في الغرب بين هجمات سبتمبر ومقتل بن لادن, والثاني يعرب عن قلقه ازاء هجمات الارهاب التي تتم خارج الغرب في نفس الفترة, والتي تتركز علي عمليات تنظيم القاعدة في أفغانستان وجنوب شرق أسيا المعروفة باسم( الجماعة الاسلامية) والتي نفذت هجمات انتحارية في الجزائر عام2007 وهجمات مومباسا عام2002 وهجمات اسطنبول نوفمبر2003 الي جانب عمليات تنظيم القاعدة في المغرب, ويشمل الجزء الثاني أيضاالكشف عن31 عملية ارهابية بعضها غير معروف للعامة. العقل المدبر يخصص الكتاب مساحة كبيرة للحديث عن خالد شيخ العقل المدبر لهجمات سبتمبر والذي تعكس حياته بحق عالمية الارهاب وتعقد اتصالاتها وارتباطها بمنظمات عديدة وفي دول مختلفة حول العالم. خالد شيخ اعترف بانه خطط ودرب وراقب ومول الهجمات, موضحا انه كان يخطط أيضا للهجوم علي بورصة نيويورك, وضرب الكباري في نيويورك الي جانب برج في شيكاغو لناقلات الدبابات. بعض محللي المخابرات الامريكية اعتبروا اعترافات شيخ محاولة لاكساب نفسه اهمية وتضليل العامة وبث الرعب بشأن قدرات تنظيم القاعدة, بينما اعتبرها البعض الاخر جاءت نتيجة التعذيب الذي شهده في معسكر جوانتانامو, وقد قال خالد للجنة الصليب الاحمر التي زارته انه اضطر للادلاء بمعلومات خاطئة حتي تتوقف عمليات التعذيب التي تعرض لها. والبعض الاخر يري ان خالد كان يقول الحقيقة في الكثير من الاعترافات التي ادلي بها وقالوا انه في الحقيقة شخصية معروفة وأساسية في عالم الارهاب, وانه تورط في31 مؤامرة ارهابية علي حد قولهم. ويقول المؤلفان انه منذ هجمات2001 اكتشفت السلطات الامريكية العشرات من مؤامرات الهجمات ضد أهداف متنوعة حول البلاد. ويشيرا الي انه من غير المعروف حتي الان اذا ما كانت الولاياتالمتحدة استطاعت الحصول علي صورة كاملة لمؤامرات خالد شيخ أم أن هناك العديد من الاسرار غير المعروفة حتي الان. ولد خالد شيخ عام1965 في الكويت وكان واحدا من5 اخوة انتقل هو وأسرته للامارات وكانت اسرته متدينة حيث كان والده اماما لمسجد محلي واصبح شقيقه زياد واحدا من قيادات الفروع المحلية للاخوان المسلمين, انضم خالد الي الاخوان المسلمين عندما كان شابا وتعمق في الفكر الجهادي هو واشقاؤه وابن شقيقه رمزي يوسف الذي أصبح معروفا لاحقا بالعقل المدبر لتفجير مركز التجارة العالمي بنيويورك عام1993, سافر الي امريكا للالتحاق بكلية شمال كارولينا, ووفقا لمذكراته في جوانتانامو لم يستمتع خالد بتجربته في الولاياتالمتحدة فقد سجن من قبل لعدم دفعه للفواتير كما ان تعامله المحدود مع الامريكيين اكد وجهة نظره بان أمريكا دولة عنصرية. بعد ان أتم شيخ دراسة الهندسة بكلية الزراعة والتكنولوجيا شمال كارولينا بدلا من ان يعود للكويت انضم لاخيه زياد في بيشاوربباكستان وكانت بوابة المرور الي افغانستان, هناك كان يتم تدريب المتطوعين الاجانب ليصبحوا مجاهدين ضد القوات السوفيتية وبفضل اتصالات أخيه المؤثرة استطاع ان يجري اتصالات مع القادة الجهاديين بافغانستان, مثل الكثير من غير الافغان انضم الي قوات( عبد الرسول سياف) وهو أفغاني وكان يقود أهم الجماعات المحاربة ضد السوفيت, ونظرا لاجادته اللغة العربية ولانه كان سلفيا كان يجيد التعامل مع كل المجاهدين وكان أكثر المتلقين للمساعدات من دول الخليج لدعم المجاهدين, ثم عاد الي بيشاور وانضم الي عبد الله عزام القائد الروحي لعرب أفغانستان وعقب انتهاء الحرب انتقل خالد الي البوسنة ثم عاد الي باكستان لاكمال عمله مع الشبكة التي أقامها عزام الذي اغتيل عام1989. ثم سافر خالد الي أفغانستان مع رمزي يوسف لتلقي التدريب علي التفجيرات والذي ابلغه انه سيستخدم خبراته الجديدة لمهاجمة الولاياتالمتحدة. استمر القريبان في التواصل بعد سفر يوسف لامريكا, وتوجه خالد لقطر للعمل مهندسا في وزارة الكهرباء والمياه, ووفقا للسلطات الامريكية فان خالد شيخ حصل علي اموال من قطر مد بها يوسف لتنفيذ الهجمات ضد الولاياتالمتحدة الامريكية. سافر خالد حول العالم لاجراء اتصالات واستطاع أن يجمع الاموال ويحصل علي المتفجرات ثم يحول الاموال لتنفيذ العمليات الارهابية. في1994 انضم خالد الي يوسف في مانيلا وكونوا خلية من الميليشيات العربية معظمهم متطوعون من معسكرات أفغانستان او أصدقاء الطفولة في الكويت والذين خططوا للعديد من العمليات الارهابية فيما بعد. بدأ خالد تظهر قدرته كعقل مدبر في عاصمة الفلبين واستطاعوا ان ينفذوا عملية ارهابية ضد إحدي دور السينما في مانيلا. وضع خالد وميليشيته خطط لقتل البابا والرئيس الامريكي الاسبق بيل كلينتون خلال زيارتهم لمانيلا ولكن العملية فشلت. وفي يناير عام1995 أشعل يوسف النيران في الشقة التي كانت تستخدمها الخلية الارهابية لخلط المواد الكيميائية بالمتفجرات المصنوعة يدويا, واستطاعت السلطات الفلبينية القبض علي بعض عناصر الخلية ولكن خالد شيخ ويوسف استطاعا الفرار. ومع اقتحام السلطات الفلبينية للشقة فوجئت بوجود اسكتش لم تطوله النيران كان يحدد خطة لضرب12 طائرةأمريكية فوق الباسيفيك. لقاء بن لادن بعد ذلك ترك خالد قطر الي أفغانستان وعاد لسياف ثم التقي باسامة ين لادن زعيم تنظيم القاعدة, التقي الرجلان كثيرا خلال الثمانينات, وكان خالد علي علاقة بمحمد عاطف الذي أصبح بعد ذلك القائد العسكري لتنظيم القاعدة, وقال لبن لادن انه لديه خطط لشن هجمات علي أمريكا والتي تتضمن اختطاف10 طائرات داخل الولاياتالمتحدة وكانت الخطة تقوم علي قيام9 طائرات بضرب المباني الاساسية علي الساحلين والعاشرة ينزل بها خالد في احد مطارات الولاياتالمتحدة وبعد قيامه بقتل المسافرين هناك يوجه رسالة امام الكاميرات يدين فيها السياسات الامريكية, الا ان بن لادن رفض هذا الجزء المسرحي من الخطة بينما أيد فكرة اختطاف الطائرات وضرب اهداف محددة. وفي عام1999 وافق بن لادن علي بعض أجزاء الخطة, وسافر خالد الي قندهار للاتصال مع اهم عناصر القاعدة, ومدته قيادة القاعدة بمجموعة من الميليشيات اليمنية ليستخدمهم في الهجوم بالطائرات علي الولاياتالمتحدة, الا ان صعوبة حصولهم علي تأشيرة للولايات المتحدة جعلته يقسم الميليشيات الي قسمين جزء من عناصر القاعدة بالسعودية الذين حصلوا علي تاشيرات لامريكا بسهولة والمصري محمد عطا والقسم الثانيمن خلية هامبورج الذي انضم للقاعدة, اما اليمنيون فتم تدريبهم علي اسقاط طائرات أمريكية فوق محيط الباسيفيك. وفي عام2000 اتخذ بن لادن قرارا مفاده أن المؤامرتين من الصعب تنفيذهما معا, ومن ثم ألغي مؤامرة تفجير الطائرات فوق الباسيفيك. الإجراءات الامنية عقب غزو امريكالافغانستان بدعوي القضاء علي تنظيم القاعدة بدأ خالد شيخ التخطيط للمزيد من المؤامرات لتنفيذ هجمات ضد امريكا في الداخل, الا ان الاجراءات الامنية عطلته, كان خالد يخطط لجعل الخاطفين عربا علي ان يكونوا من جنوب شرق اسيا. واستعان خالد برضوان عصام الدين قائد العمليات في الجماعة الاسلامية وطلب مساعدته. كان رضوان يخطط لسلسلة من الهجمات جنوب شرق أسيا في نفس الوقت فجهز17 من منفذي العمليات الارهابية من جنوب شرق أسيا لما يعرف بالموجة الثانية للهجمات علي واشنطن وكانت تتضمن4 ماليزيين وكان أحدهم من منفذي تفجير فندق ماريوت جاكرتا عام2003 وكانوا قد تدربوا في معسكرات أفغانستان. الاربعة الماليزيين توجهوا الي أفغانستان للقاء بن لادن, وقالوا انهم اختيروا لتنفيذ عمليات انتحارية ضد الولاياتالمتحدة ولم بدلوا بتفاصيل أخري عندما تم استجوابهم لاحقا. كان خالد شيخ يخطط بعد ذلك لضرب برج مكتبة لوس أنجلوس وهو يعد أعلي ناطحة سحاب علي الشاطيء الغربي للولايات المتحدة الامريكية ليؤلم الامريكيين هناك مثلما فعل علي الجزء الشرقي من قبل خلال هجمات سبتمبر الا انها لم تنجح. وقال وقتها( زيني) الطيار الوحيد المدرب عقب عودتهم لماليزيا: لا أريد أن أموت وسلم نفسه للسلطات الماليزية وبعد ذلك تم اقتياد عناصر الشبكة الي جوانتانامو عندما اعترف خالد شيخ بمؤامرة لوس أنجلوس وأسماء أعضائها. الاتجاهات المستقبلية يقول المؤلفان ان هذا التقييم يشير الي سيناريوهات محتملة لهجمات مستقبلية ضد الولاياتالمتحدة في الداخل وذلك بسبب تنوع النماذج المتشددة التي تنمو بالداخل, وقد تصل الي شبكة تنمو علي أراضي واشنطن والتي قد تعيد عمليات تدريب الارهابيين بشكل مستقل كي تكون بعيدة عن الانظار, هذا التصور قد يفسر الهجوم علي ماراثون بوسطن في أبريل عام2013. وخلال السنوات القليلة الماضية ألقت السلطات الامريكية القبض علي عشرات الراديكاليين الذين يعملون بشكل منفصل في أنحاء البلاد الي جانب سيناريو الاتصال بالقاعدة والتنظيمات الارهابية الاخري عن طريق شبكة الانترنت, والذي وجدته السلطات الامريكية أمرا ممكنا منذ عام2009.