كشفت أحدث الاحصائيات الصادرة عن وزارة الزراعة عن وجود7739 مخالفة لعمليات ذبح إناث صغار الماشية خارج المجازر الأمر الذي يهدر الثروة الحيوانية, ويفاقم من حدة أزمة اللحوم الحمراء. يأتي ذلك في الوقت الذي أكد فيه رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية ان دور الهيئة يقتصر علي التوعية فقط, وأنهم ليسوا مطالبين بمراقبة الفلاح في بيته, كما أكد ان الرغبة في تحقيق الكسب السريع, وعدم استطاعة الفلاح توفير مصادر غذائية للماشية يمثلان السبب في الذبح المبكر, ومسئولان عن حدوث هذه الفجوة. أما خبراء الإنتاج الحيواني, فشنوا هجوما حادا علي الهيئة, واتهموها بالتقصير, وعدم تطبيق القانون, وهو الهجوم الذي رفضه الدكتور مصطفي الجارحي رئيس الهيئة ودافع باستماته عن موقف الهيئة قائلا: ليس من مسئوليتنا تعيين طبيب بيطري في كل حارة وشارع لمراقبة الذبح, وإنما يقتصر دورنا علي توعية المواطنين بعدم ذبح الإناث فقط.. يقول الدكتور سعيد عمر أستاذ رعاية الحيوان وعميد كلية الزراعة جامعة المنوفية إن أكثر من90% من الثروة الحيوانية في مصر تتركز في إيدي صغار المربين, والذين يضطرون إلي بيع الكثير منها في اعمار وأوزان غير مناسبة للتسويق بتلو إناث في سوق اللحم التي أصبحت تحقق أرباحا كثيرة في الفترة الأخيرة, وذلك في غياب الرقابة خاصة في القري والمناطق النائية. ويضيف ان القانون يحظر ذبح البتلو الجاموسي ما لم يصل وزنه إلي120 كيلوجراما تبعا للقرار الوزاري رقم21 لسنة2005, وكذلك صغار الإناث, لكن الواقع يقول إن60% من عمليات الذبح لصغار الإناث تتم بعيدا عن الرقابة, خاصة في المناسبات الدينية مثل عيد الأضحي, وترتب علي ذلك عدم وجود إناث العجول اللازمة للإحلال والاستبدال للإناث المستبعدةالجاموس والأبقار التي تعاني من مشكلات تناسلية أو إنتاجية, مما كا له الاثر في نقص اعداد الحيوانات, وتدهور الثروة الحيوانية, وينعكس ذلك في نقص المنتجات الحيوانية وارتفاع أسعارها وتدني متوسط نصيب المواطن المصري من البروتين الحيواني, مما يؤثر علي صحته وادائه. ويشدد الدكتور سعيد علي ضرورة تفعيل قرار منع ذبح إناث الماشية خاصة الصغيرة وزيادة الوعي عند المربين بخطورة ذبحها لما لها من مردود بيئي عليهم في المقام الأول ثم علي المستوي القومي موضحا انه يوجد اقتراح لدي شعبة القصابين بالغرفة التجارية باستخدام سلطة العمدة وشيخ البلد والقبيلة لمنع ذبح الإناث, وتغريم أي منهم عشرة آلاف جنيه عن كل انثي يتم ذبحها, خاصة مع وجود نحو4300 قرية في مصر تقوم كل منها علي الأقل بذبح انثي واحدة أسبوعيا, الأمر الذي يترتب عليه فقد نحو224 ألف رأس سنويا. الدكتور حسام العطار الأستاذ بكلية الطب البيطري جامعة بنها طالب في المقابل ضرورة العمل علي عدة محاور لتنمية الثروة الحيوانية في مصر, نظرا لأن نقص المعروض يقف وراء هذا الارتفاع الرعيب في الأسعار, لذلك يري انه يجب العمل علي تنمية السلالات التي يتم تربيتها سواء بالتقليح الصناعي أو بالطرق الطبيعية لإيجاد سلالات جديدة لها القدرة علي إعطاء كميات أكبر من اللحوم مع تناول كميات أقل من الأعلاف, وبذلك يمكننا التغلب علي مشكلة الأعلاف التي تظهر كل مرة, ويقول إنه يوجد محور يتعلق بمستلزمات الإنتاج مثل الأعلاف, وإذا كانت الذرة الصفراء قليلة في مصر, فلابد من البحث عن بدائل أخري للأعلاف التقليدية واستغلال الأراضي الجديدة في زراعة المحاصيل التي تستخدم في صناعة الأعلاف, مع التوسع في البحث عن بدائل للأعلاف وتصنيعها من المخلفات الزراعية بدلا من التخلص منها بشكل كبير يضر بالبيئة, موضحا أن هناك جهات بحثية كثيرة يجب تشجيعها لتطبيقها علي نطاق واسع. ويضيق العطار ان هذين المحورين السلالات والأعلاف يؤديان إلي خفض تكلفة الإنتاج الحيواني, وبالتالي انخفاض الأسعار مستقبلا اما المحور الثالث الذي يراه, فهو الاهتمام بذبح اللحوم وتصنيعها, بحيث لايتم اهدار أي جزء من أجزاء الحيوان دون الاستفادة منه, خاصة أننا لدينا مشكلة في الجلود نظرا لعدم القدرة علي الاستفادة منها كاملة. وأكد انه تجب العودة مرة أخري لمشروع البتلو, وعدم ذبح الإناث, وفرض غرامة مالية كبيرة علي من يذبحها, مع التوسع في الاستيراد الآمن من للحوم من دول موثوق فيها واستغلال أجزاء الحيوانات وبيعها بأسعار تناسب كل الطبقات. ويوضح العطار أن المشكلة الحالية لارتفاع أسعار اللحوم بهذا الشكل كانت متوقعة نظرا لزيادة عدد السكان في حين أن هناك نقصا في أعداد الثروة الحيوانية أو علي الأقل ثباتها, لذلك يجب العمل علي تنميتها مع الاستيراد لمنع جشع الجزارين, بشرط أن تكون اللحوم المستوردة سليمة, وغير مصابة بالأمراض, وذلك لتحقيق المعادلة الصعبة في زيادة المعروض علي الطلب بالإضافة إلي زيادة أعداد الثروة الحيوانية وتنميتها من خلال توافر الأعلاف والأدوية والأمصال اللازمة للوقابة من الأمراض وتنشيط النمو, وتوافر الخدمة البيطرية الجيدة للحيوانات عن طريق توافر عدد من الأطباء البيطريين المدربين بشكل جيد علي رعاية الحيوانات وتسمينها لزيادة أعداد الثروة الحيوانية. أما الدكتور أحمد فرحات نقيب البيطريين, فيقول: إن لجوء بعض الجزارين للذبح خارج المجازر لأنهم يخشون تطبيق الاشتراطات الصحية علي الماشية, خاصة إذا كانت بها اصابات, وبالتالي لن تسمح اللجان البيطرية بالذبح, وستقرر في هذه الحالة إعدام الجزء المصاب من الحيوان أو إعدامه كليا, حيث يسبب ذلك خسارة مالية للجزارين, كما يتجه البعض للذبح عن المجازر هربا من تلك الاشتراطات المتعلقة بخطر ذبح الماضية التي تقل في الوزن عن300 كجم, ويعتبر الذبح لأقل من هذا الوزن مخالفا للقانون, ويمثل خطورة شديدة علي الثروة الحيوانية, ويسهم في تفاقم أزمة اللحوم البلدية في وقت يعمل فيه الدولة جاهدة لحل المشكلة بالاستيراد من الخارج. ويضيف فرحات أن الخطر الذي يجب ان نواجهه بكل حزم هو ذبح إناث الماشية, موضحا أنها مجزرة تتم يوميا في كل نجع وقرية بالأقاليم. مما يهدد ثروتنا الحيوانية وتجعلنا دائما نستورد من الخارج لسد الفجوة بين الانتاج المحلي ومعدلات الاستهلاك, بالإضافة إلي أن الذبح خارج المجاز يحدث نتيجة غياب العقوبات الرادعة. ويقول فرحات أن الاختام يتم تزويرها ولذلك يجب تعريف المستهلك بان هذه الاختام اما مستطيلة الشكل, وهي للحيوانات الصغيرة السن, أو مثلثة للكبيرة السن, اما ألوان الأختام فهي مختلفة أيضا حيث يكون لون الختم في اللحوم البلدية أحمر ورديا, وفي لحوم الجمال بنفسجيا غامقا, وبالنسبة للحوم المستوردة يتم الاتفاق علي لون الختم قبل الاستيراد, وبذلك يستطيع المستهلكون التمييز بين أنواع اللحوم سواء كانت صغيرة أو كبيرة السن من خلال الشكل الهندسي للختم ولونه, حيث يوجد تاريخ علي الختم, كما أن هناك علامة سرية لكل مجزر يتم وضعها قبل الذبح مباشرة, وبالتالي يصبح من السهل علي اللجان البيطرية التعرف علي ما إذا كان الختم صحيحا أو مزورا, وبالتالي اكتشاف الذبح داخل المجزر من عدمه, وأوضح أن ظاهرة الذبح خارج المجزر موجودة بقوة في المدن والعواصم الكبري الي ترتفع فيها الكثافة السكانية, بينما تقل في الريف والقري لأن المستهلكين يعرفون الجزار. اما الدكتور حسين منصور رئيس جهاز سلامة الغذاء بوزارة التجارة والصناعة, فأكد أن القانون يحرم ذبح صغار إناث الماضية, وأنه نتيجة لذلك فإن من يملك الإناث, ولايستطيع ذبحها داخل السلخانات يقوم بذبحها حارجها, فتصبح بذلك عرضة للاصابات المرضية نتيجة لعدم الكشف عليها عن طريق الجهات البيطرية المختلفة. ويشدد منصور علي أن الأمر يستلزم التعامل مع الفلاح الصغير وإرشاده لطرق الحل ودعمه, خاصة وأن دعم المنتج الصغير في مجال الزراعة يعتبر أحد الأركان الرئيسية لتطوير منظومة الإنتاج في المجتمع, بالإضافة إلي أن العلاقة بين المدخلات والمخرجات أصبحت غير متكافئة بسبب ارتفاع أسعار العلف, وتغير المكان وهجوم الأمراض وانخفاض انتاجية الحيوان, مطالبا بضرورة وجود جهات مسئولة لارشاد الفلاح في الحفاظ علي الثروة الحيوانية وتنميتها. ويقول إن مشكلة اللحوم الحالية تأتي نتيجة لعدم وجود قاعدة من العجول تغطي الاستهلاك المحلي وتساعد علي زيادة الثروة الحيوانية, بالإضافة إلي رغبة الذوق المصري في الاقبال علي العجول الصغيرة أقل من250 كجم, موضحا أنه يجب الوصول بتسمين العجول إلي وزن400 كجم. وهو ما لا يحدث ويؤدي إلي تفاقم الأزمة التي نعيشها الآن مطالبا بضرورة استيراد ماشية عشار والعجول البتلو الصغيرة الوزن من الخارج لتسمينها لتصل إلي450 كجم ويتم ذبحها. ويضيف منصور أن القانون الذي يحرم ذبح صغار الاناث ورقي, وغير مفعل بالإضافة إلي عدم وجود رقابة علي عملية الذبح في الكشف علي العجول, وأن المجازر تحتاج إلي عمليات تطوير لتحديثها أو تحويلها لمجازر آلية. ويقول الدكتور محمود العسقلاني عميد كلية الطب البيطري جامعة بني سويف ان المشكلة تكمن في لجوء المربين لشراء الإناث نظرا لانخفاض أسعارها علي عكس الذكور التي قد يصل سعرها إلي8500 جنيه فيضطر إلي تسمين الاناث ويقومون بذبحها خارج المجازر, بالإضافة إلي ظهور بعض المشكلات التناسلية في الاناث والتهابات الضرع, فيقوم الفلاح بالتخلص منها إما بالذبح أو البيع نتيجة لعدم جداوها الاقتصادية, وبذلك يؤدي إلي إهدار وحدة إنتاجية. ويوضح العسقلاني أن الكثير من الفلاحين أو المربين يقومون بتوليد الحيوانات علي الرغم من الاحتياج الفعلي للطببيب البيطري, الأمر الذي يؤدي إلي إصابة تلك الحيوانات, بعقم كما أن الخطورة الأكبر تكمن في أن المربين يقومون بالاستعانة بعجل واحد في عملية التلقيح الطبيعي لقرية بأكملها قد تصل إلي1000 أنثي, مما يترتب عليه انتشار الأمراض التناسلية مثل البروسيلا ويتم نقل العدوي لباقي الاناث الأمر الذي يدفع المربي إلي التخلص منها. ويطالب بضرورة تشديد الرقابة من قبل مباحث التموين بالتعاون مع الهيئة العامة للخدمات البيطرية لعدم ذبح الاناث خارج المجازر, وللعمل علي رفع كفاءة الأطباء البيطريين في الوحدات البيطرية لحل المشكلات التناسلية في الاناث, بالإضافة إلي استخدام التقليح الاصطناعي لرفع الكفاءة الانتاجية للحيوان, وتحسين السلالات, لمنع انتشار الأمراض, وتدعيم أسعار الأدوية التي تعالج المشكلات اللتناسلية في الاناث أو الخصوبة في الحيوان, بتوافر ذلك في الوحدات البيطرية, وتدعيم الارشاد البيطري بالقري عن طريق نشر ثقافة عدم ذبح الاناث وتفعيل القانون. أما الدكتور فتحي النواوي أستاذ الرقابة الصحية علي اللحوم ومنتجاتها بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة, فيقول: إنه يوجد القانون رقم53 لسنة1966 الذي ينص علي تحريم ذبح الاناث إلا عندما يصل عمرها ل5 سنوات فأكثر, لكن في حالة عدم صلاحيتها لأغراض التربية أو إنتاج اللبن أو مصابة بأمراض السل أو البروسيلا يصرح بذبحها, نظرا لأنها ثروة محلية ذات قيمة مثل الأبقار والجاموس والأغنام. ويوضح أن الذبح خارج المجازر موجود ويحدث يوميا, لكن الخطورة تأتي من أن هذه اللحوم لا يتم فحصها لا قبل الذبح ولا بعده بالتالي فإن التأكد من صلاحية هذه اللحوم للاستهلاك الآدمي أمر غير وارد, فتصبح مصدرا للتلوث ونشر الأمراض المشتركة التي تنتقل بين الانسان والحيوان. ويضيف النواوي أننا اتجهنا لحل مشكلة نقص اللحوم بالاستيراد من الخارج, بينما لم نتجه لتنمية الثروة الحيوانية, خاصة أنه يتم ذبحها في معظم محافظات مصر, مطالبا بضرورة وجود شرطة بيطرية لمتابعة هذا الأمر لخطورته وضبط القائمين عليه ومعاقبتهم طبقا للقوانين واللوائح المعمول بها, لتنمية الثروة الحيوانية, بالإضافة إلي زيادة إنتاجية الألبان. ويقول الدكتور توفيق شلبي, المشرف علي قطاع تنمية الثروة الحيوانية, إنه توجد ممارسات خاطئة من المربين والجزارين بهدف الكسب الشريع, وذلك نتيجة أن الفلاح لا يستطيع تربية الحيوان, فيضطر للتخلص منه موضحا أن الإناث التي يتم ذبحها في المجازر نظرا لأنها لا تصلح تناسليا ولا تصلح للولادة وتكون كبيرة السن أي في أواخر مواسم الإنتاج, وبذلك يتم الكشف عليها من قبل الطبيب البيطري الذي يصرح بذبحها. ويضيف أن معظم الإناث التي يتم ذبحها خارج المجازر تكون مصابة بأمراض شديدة الخطورة تنتقل للإنسان مطالبا بزيادة توعية المستهلك بتجنب الاقبال علي مثل هذه اللحوم المذبوحة خارج المجازر ضمانا لعدم إصابة الانسان ببعض الأمراض المشتركة, وبالتالي حماية الثروة الحيوانية من الإهدار نتيجة التصرفات غير المسئولة من بعض الأفراد. ويقول الدكتور مصطفي الجارحي رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية بوزارة الزراعة, إن القانون يحظر ذبح الإناث الا تحت ظروف معينة مثل تعرضها لكسر باعتبارها رأس مال الثروة الحيوانية, كما أن المربي يتجه إلي ذبحها بسبب ارتفاع أسعار الاعلاف, فيضطر إلي التخلص منها عن طريق سياسة استبدال القطيع, فيلجأ لبيعها لأنه يتخيل أنه يقوم بدفع مبالغ كبيرة في المجزر, وهذا غير حقيقي, وليس مسئوليتنا أن نضع طبيبا بيطريا في كل شارع وحارة. ويضيف أن سبب الأزمة الحالية دخول الحمي القلاعية سنة2006 مع الحيوانات المقبلة من اثيوبيا, ومع أزمة العليقة بدأ الفلاح في التخلص من الحيوانات التي توجد لديه حتي الإناث, موضحا أن الفلاح بدلا من أن يبيع العجل وزن40 كجم أو120 كجم من الممكن أن يظل لديه حتي يصل إلي250 كجم, بحيث يعطيه عائدا أكبر, كما أن الدولة من ناحيتها تشجع الفلاح للاحتفاظ بهذه الحيوانات لزيادة الإنتاج عن طريق بنك الائتمان الزراعي وصندوق التأمين علي الماشية. وحول وجود خطة للنهوض بالإنتاج الحيواني في مصر علي غرار المشروع القومي للبتلو يقول الدكتور الجارحي إن هناك بعض المشاريع الدولية, كالمشروع الفرنسي والاسباني, حيث يسهم في تحسين السلالات المصرية, بالإضافة إلي التركيز علي أشياء جديدة مثل نقل الاجنة, وتوافر طبيب بيطري متخصص في التلقيح الصناعي, وغي العقم, ونقص الخصوبة والتغذية, للمساهمة والنهوض بتطوير الثروة الحيوانية.