بدأت تركيا بالفعل تكتوي بنيران الإرهاب التي رعته حتي أصبح وحشا يأكل من غذائه, فاندلعت المواجهات بين متظاهرين أكراد في عموم البلاد مما أسفر عن مصرع ما يزيد عن18 شخصا وتسارعت وتيرة أعمال العنف حتي اتهم الأكراد أردوغان بالتخطيط لإسقاط كوباني بأيدي تنظيم داعش الإرهابي وتأثرت الأسواق التركية بتلك التطورات بما سيلقي بظلاله علي ملف المصالحة الكردي التركي الذي تحاول أنقره حلحلته منذ عقود, وفي حالة سقوط المدينة في يد داعش فإن تركيا ستقع تحت ابتزاز التنظيم بعد أن نجح داعش في عقد صفقة مع أنقرة تمكن بموجبها إطلاق سراح العديد من المقاتلين الأجانب الذين احتجزتهم تركيا في مقابل موظفي القنصلية التركية في الموصل. ويبدو أن القرائن والأدلة حول الدور التركي في دعم الجماعات المتطرفة في ثورات الربيع العربي قد تأكدت للجميع حيث كانت أنقرة تتهم بتمويل هذه الجماعات المتطرفة منذ بداية الأزمة السورية وتحويل المعارضة السورية إلي معارضة مسلحة حيث مولتها بالسلاح والعتاد والمقاتلين الذين سهلت لهم عبور الحدود مستغلة الهجوم الدولي علي النظام السوري ومستفيدة من الحدود المفتوحة بينها وبين سوريا, وصولا إلي إعادة تكوين خريطة جديدة للوطن العربي لتحقيق حلم الخلافة العثمانية وسلطانها الجديد أردوغان واليوم ورغم كارثة نزوح أكثر من300 ألف شخص من مدينة كوباني الكردية أو عين العرب السورية لا تزال تركيا مترددة في المشاركة الفعالة في تحالف مكافحة الإرهاب رغم اقتراب داعش( علي بعد ميلين) من حدود دولته. لكن عين الأتراك علي الأكراد أكثر من تنظيم داعش علي ما يبدو, فسقوط كوباني السورية, وبالتالي السيطرة علي شريط يمتد علي طول الحدود الشمالية لسوريا مع تركيا في قبضة التنظيم, سيعني احتمال تغيير معطيات مسار المصالحة الوطنية التركية-الكردية, وربما تنفيذ عمليات انتحارية أو تفجيرية داخل تركيا نفسها, وذلك وفقا لما قاله الكاتب والمحلل السياسي الكردي, عبد الوهاب بدرخان. وأكد بدرخان علي إشارة حكومة أحمد داوود أوغلو إلي أن ما يحدث في كوباني ربما سيؤخر عملية المصالحة بين الأكراد والأتراك. والتأخير في عملية المصالحة التركية الكردية رآه بدرخان واقعيا في ظل اعتراض ناشطين أكراد علي شروط المصالحة التي عقدها الزعيم الكردي, عبد الله أوجلان, مع رئيس المخابرات التركية, فيدان هاكان, وكذلك اعتراض التيار اليميني الذي يشكك في المصالحة ويري إنها تهدد الكيان الداخلي بإعطائها مميزات للأكراد دون غيرهم. وأوضح بدرخان أن الحكومة التركية تدرك أن استمرار العمل نحو المصالحة مع الأكراد في ظل ما يشبه بالحكم الذاتي للأكراد في المنطقة ربما يزيد طموحات تأسيس دولة كردية, وهو ما يعد بالنسبة للدولة والجيش التركي خطا أحمر. وأشار إلي أن سيطرة تنظيم الدولة علي كوباني بالكامل, ربما سينتج عنه ابتزازات للنظام التركي الذي سبق وأن أجري معه صفقة مقابل الإفراج عن رهائن له, وفي حال إن لم تستجب تركيا لابتزازات التنظيم ربما تتعرض لعمليات إرهاب في الداخل. ورغم الضبط الذي تمارسه قوات الأمن التركية علي مخيمات اللاجئين السوريين داخل الأراضي التركية, إلا أن أنقرة تدرك إمكانية غزو التنظيم لها عبر خلايا نائمة تتواجد في هذه المخيمات. من جانبه, قال مراد كارايلان, عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة حزب العمال الكردستاني( بي.كيه.كيه), إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يخطط لسقوط بلدة كوباني( عين العرب) في شمالي سوريا في أيدي داعش موضحا أنه أصدر قرارا بشن حرب جديدة مثلما حدث في عام.2011 ووفقا لخبر نشرته وكالة أنباء قريبة من بي.كيه.كيه, أكد كارايلان في تصريحاته أن السياسات التي تتبعها الحكومة التركية تجاه بلدة كوباني الكردية في شمالي سوريا خطيرة جدا, قائلا إن أردوغان يفكر في التدخل في اللحظة الأخيرة ويخطط لسقوط البلدة بالفعل, وبهذا يكون قد شن حربا جديدة ضد الشعب الكردي مثلما فعل في عام2011. ونقلت وكالة أنباء جيهان التركية عن كارايلان تأكيده أهمية تصعيد الاحتجاجات والمظاهرات الداعمة لبلدة كوباني في كل مكان, مضيفا لابد أن يتحول كل مكان لبلدة كوباني جديدة, فاليوم هو يوم مقاومة, ويوم الوقوف إلي جانب الإنسانية, بل هو يوم يستدعي تحرك جميع المؤسسات المرتبطة بمبادئ الديمقراطية والقومية. وأكد كارايلان أن عمليات المقاومة ستستمر حتي وإن كانت في الشوارع والأزقة, ونأمل في تحقيق النصر في بلدة كوباني الكردية ضد داعش وعزمنا في إنقاذ شرف الإنسانية في مواجهة هذه العمليات الوحشية أصبح أكثر مما كان عليه في السابق. وفي واشنطن ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية, أمس, إن البيت الأبيض يشعر بمزيد من الإحباط إزاء عدم تحرك أنقرة للتصدي لتنظيم داعش ومنع مدينة كوباني الواقعة علي الحدود التركية السورية من الوقوع في أيدي التنظيم الإرهابي. ونقلت الصحيفة عن مسئول كبير بالإدارة الأمريكية انتقاداته للحكومة التركية بشأن تقاعسها عن منع وقوع مذبحة علي بعد أقل من ميل واحد من حدودها وقال المسئول الأمريكي الذي لم يذكر اسمه إنه علي الرغم من اشتعال المأساة الإنسانية في سوريا لا يزال الأتراك يخترعون الأسباب لعدم التحرك لمنع وقوع مأساة إنسانية أخري. وعلق المسئول علي التصرف التركي قائلا إن هذا ليس تصرف أحد الدول الأعضاء بحلف شمال الأطلنطي الناتو في الوقت الذي تستعر فيه نار جهنم علي بعد خطوات من حدودها علي حد قوله. وأشارت الصحيفة إلي أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري كان قد اتصل هاتفيا برئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو ووزير خارجيته عدة مرات خلال ال72 ساعة الماضية من أجل بذل مزيد من الجهود لتسوية الخلافات بين الولاياتالمتحدةوتركيا التي تطالب بفرض منطقة حظر جوي ضد القوات الجوية السورية وهو الأمر الذي تراه واشنطن لا جدوي له علي أساس أن الضربات الجوية التي يتم تنفيذها ضد داعش في سوريا خلقت منطقة حظر طيران بدون إعلانها. وفي سياق متصل, ذكرت وكالة رويترز أن الأسهم والسندات التركية قد تراجعت مع مراقبة المستثمرين في قلق التطورات في جنوب شرق البلاد الذي تسكنه غالبية كردية حيث فرض حظر علي التجول في أكثر من16 مدينة.