صلاح التيجاني أمام النيابة: "خديجة مريضة واتهمتني بالتحرش ظلم"    بتكلفة 9 ملايين جنيه.. افتتاح مسجد العتيقي بدسوق بكفر الشيخ    موعد امتحانات دورة أكتوبر 2024 لمحو الأمية بالأقصر    رئيس مركز ومدينة شبين الكوم يتفقد سير العمل بالمركز التكنولوجي    قصف بيروت| صفارات الانذار تدوي في شمال إسرائيل    يلا كورة يكشف كواليس انقسام مجلس الإسماعيلي بسبب حلمي طولان    "اعتذار عن اجتماع وغضب هؤلاء".. القصة الكاملة لانقسام مجلس الإسماعيلي بسبب طولان    مصرع سائق توك توك في حادث مروري أثناء عبوره الطريق بمركز جرجا    صلاح عبدالله يشكر المتحدة لدعمها أحمد عزمي: خطوة نحو مستقبل مشرق    صحة المنوفية: رش وتطهير المركز الإقليمي لتعليم الكبار بأسفيك والمنطقة المحيطة    واقف قلقان.. نجل الشيخ التيجاني يساند والده أمام النيابة خلال التحقيق معه (صور)    تشييع جثامين ثلاثة شهداء فلسطينيين ارتقوا خلال عدوان الاحتلال على قباطية بالضفة الغربية    صدور العدد الجديد من جريدة مسرحنا الإلكترونية وملف خاص عن الفنانة عايدة علام    عمرو الفقي ل«أحمد عزمي» بعد تعاقده على عمل درامي بموسم رمضان: نورت المتحدة وربنا يوفقك    دعاء يوم الجمعة: نافذة الأمل والإيمان    رئيس الإدارة المركزية لشئون الدعوة وسكرتير عام محافظة البحيرة يشهدان احتفال المحافظة بالعيد القومي    غدًا.. انطلاق العام الدراسى الجديد بالمدارس| حضور الطلاب تباعا لعدم التكدس.. و25 مليون طالب ينتظمون الأسبوعين المقبلين.. وزير التعليم يستعد لجولات ميدانية تبدأ من سوهاج وقنا    نجم ليفربول يرغب في شراء نادي نانت الفرنسي    خلال ساعات.. قطع المياه عن مناطق بالجيزة    وزير الأوقاف يشهد احتفال "الأشراف" بالمولد النبوي.. والشريف يهديه درع النقابة    بعد الموجة الحارة.. موعد انخفاض الحرارة وتحسن الأحوال الجوية    وزير العمل: حريصون على سرعة إصدار الاستراتيجية الوطنية للتشغيل    روسيا: تفجير أجهزة ال"بيجر" في لبنان نوع جديد من الهجمات الإرهابية    خبير يكشف تفاصيل جديدة في تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية بلبنان    مصدر لبناني: البطاريات التي يستخدمها حزب الله مزجت بمادة شديدة الانفجار    كوجك: حققنا 6.1% فائضا أوليا متضمنًا عوائد "رأس الحكمة"    الإفتاء تُحذِّر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن المصحوبةً بالموسيقى أو الترويج لها    جمعية الخبراء: نؤيد وزير الاستثمار في إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة    جامعة عين شمس تعلن إنشاء وحدة لحقوق الإنسان لتحقيق التنمية المستدامة    طريقة عمل بيتزا صحية بمكونات بسيطة واقتصادية    هذا ما يحدث للسكري والقلب والدماغ عند تناول القهوة    موعد مباراة أوجسبورج وماينز في الدوري الالماني والقنوات الناقلة    إعلام إسرائيلي: تضرر 50 منزلا فى مستوطنة المطلة إثر قصف صاروخي من لبنان    الأزهر للفتوى الإلكترونية: القدوة أهم شيء لغرس الأخلاق والتربية الصالحة بالأولاد    معرض «الناس ومكتبة الإسكندرية».. احتفاء بالتأثير الثقافي والاجتماعي لمكتبة الإسكندرية في أوسلو عاصمة النرويج    مفتي الجمهورية يشارك في أعمال المنتدى الإسلامي العالمي بموسكو    سهر الصايغ تشارك في مهرجان الإسكندرية بدورته ال 40 بفيلم "لعل الله يراني"    سكرتير عام مساعد بني سويف يتفقد سير أعمال تعديل الحركة المرورية بميدان الزراعيين    ضبط شخصين قاما بغسل 80 مليون جنيه من تجارتهما في النقد الاجنبى    خبير تربوي: مصر طورت عملية هيكلة المناهج لتخفيف المواد    رئيس جهاز العبور الجديدة يتفقد مشروعات المرافق والطرق والكهرباء بمنطقة ال2600 فدان بالمدينة    الأنبا رافائيل: الألحان القبطية مرتبطة بجوانب روحية كثيرة للكنيسة الأرثوذكسية    غرق موظف بترعة الإبراهيمية بالمنيا في ظروف غامضة    أزهري يحسم حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    «الداخلية» تنفي قيام عدد من الأشخاص بحمل عصي لترويع المواطنين في قنا    سوء معاملة والدته السبب.. طالب ينهي حياته شنقًا في بولاق الدكرور    وزير الإسكان يتابع استعدادات أجهزة مدن السويس وأسيوط وبني سويف الجديدة والشيخ زايد لاستقبال الشتاء    وثائق: روسيا توقعت هجوم كورسك وتعاني انهيار معنويات قواتها    مستشفى قنا العام تستضيف يوما علميا لجراحة المناظير المتقدمة    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام ضمك.. توني يقود الهجوم    عبد الباسط حمودة ضيف منى الشاذلي في «معكم».. اليوم    استطلاع رأي: ترامب وهاريس متعادلان في الولايات المتأرجحة    رابط خطوات مرحلة تقليل الاغتراب 2024..    تراجع طفيف في أسعار الحديد اليوم الجمعة 20-9-2024 بالأسواق    «الخارجية الروسية»: الغرب تحول بشكل علني لدعم هجمات كييف ضد المدنيين    نجم الزمالك السابق يتعجب من عدم وجود بديل ل أحمد فتوح في المنتخب    عاجل.. موعد توقيع ميكالي عقود تدريب منتخب مصر للشباب    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاخوان وأمريكا الحلقة الأولي

كنا قد وعدناكم في نهاية مقالنا السابق‏(‏ الإخوان ينسحبون‏..‏ والأمريكان يعترضون‏..‏ من يحرك من؟‏!),‏ بأن نكشف بالوثائق عن تفاصيل علاقة الإخوان بواشنطن‏,‏ وتطور تلك العلاقة المريبة حتي وقتنا الراهن
وها نحن نفي بالوعد‏,‏ واليوم نبدأ حلقات هذه السلسلة‏,‏ التي نأمل في أن تلقي الضوء علي بعضا من تفاصيل تلك العلاقة الملتبسة بين الطرفين‏,‏ والتي وصلت إلي حد بناء أكبر فرع للجماعة في بلاد العم سام‏,‏ في الوقت الذي تقوم فيه قوات المارينز بمطاردة كل التيارات الإسلامية في العالم‏.‏
البدايات‏:‏
بدأت علاقة الإخوان المسلمين بأمريكا بعد المواجهة التي حدثت بين الجماعة والثورة في عام‏1954‏ والتي كانت بسبب رغبة الجماعة في السيطرة علي القادة الجدد واختطاف الثورة لصالح الجماعة‏.‏
كانت الجماعة تعيش في بداية الثورة حالة من الوفاق مع قادتها خصوصا بعد استثناء الجماعة من قرار حل الأحزاب السياسية والذي ساهم في تنامي شعور الجماعة بالقوة‏,‏ و أدي بعد ذلك الي الصدام‏.‏
الأسباب الحقيقية للصدام يرويها البكباشي جمال عبد الناصر في قرار حل الجماعة‏,‏ الذي صدر في‏14-1-1954.‏ والذي يؤكد فيه أن‏:‏
‏'‏ نفرا من الصفوف الأولي في هيئة الاخوان أرادوا أن يسخروا هذه الهيئة لمنافع شخصية واطماع ذاتية مستغلين سلطان الدين علي النفوس وبراءة وحماسة الشبان المسلمين ولم يكونوا في هذا مخلصين لوطن أو لدين‏.‏
ولقد أثبت تسلسل الحوادث ان هذا النفر من الطامعين استغلوا هيئة الاخوان والنظم التي تقوم عليها هذه الهيئة لاحداث انقلاب في نظام الحكم القائم تحت ستار الدين‏.‏
ويوضح جمال عبد الناصر في متن قرار الحل‏,‏ التفصيلات التي أدت الي وصول العلاقة بين الطرفين الي طريق مسدود‏,‏ والتي دفعت مجلس قيادة الثورة الي اتخاذ مثل هذا القرار بالقول‏:'‏ ولقد سارت الحوادث بين الثورة وهيئة الاخوان قد جرت بالتسلسل الآتي‏:‏
‏1‏ في صباح يوم الثورة استدعي الاستاذ حسن العشماوي لسان حال المرشد العام إلي مقر القيادة العامة بكوبري القبة وابلغ اليه ان يطلب من المرشد العام اصدار بيان لتأييد الثورة ولكن المرشد بقي في مصيفه بالاسكندرية لائذا بالصمت فلم يحضر إلي القاهرة الا بعد عزل الملك ثم اصدر بيانا مقتضبا طلب بعده أن يقابل أحد رجال الثورة فقابله البكباشي جمال عبدالناصر في منزل الاستاذ صالح أبورقيق الموظف بالجامعة العربية وقد بدأ المرشد حديثه مطالبا بتطبيق أحكام القرآن في الحال فرد عليه البكباشي جمال عبدالناصر بأن هذه الثورة قامت بحرب علي الظلم الاجتماعي والاستبداد السياسي والاستعمار البريطاني وهي بذلك ليست إلا تطبيقا لتعاليم القرآن الكريم‏.‏
فانتقل المرشد بالحديث إلي تحديد الملكية وقال ان رأيه أن يكون الحد الأقصي 500‏ فدان‏.‏
فرد عليه البكباشي جمال قائلا ان الثورة رأت التحديد بمائتي فدان فقط وهي مصممة علي ذلك فانتقل المرشد بالحديث قائلا أنه يري لكي تؤيد هيئة الاخوان الثورة أن يعرض عليه أي تصرف للثورة قبل اقراره فرد عليه البكباشي جمال قائلا ان هذه الثورة قامت بدون وصاية احد عليها وهي لن تقبل بحال أن توضع تحت وصاية أحد وان كان هذا لا يمنع القائمين علي الثورة من التشاور في السياسة العامة مع كل المخلصين من أهل الرأي دون التقيد بهيئة من الهيئات ولم يلق هذا الحديث قبولا من نفس المرشد‏.‏
‏2‏ سارعت الثورة بعد نجاحها في اعادة الحق إلي نصابه وكان من أول أعمالها أن أعادت التحقيق في مقتل الشهيد حسن البنا فقبضت علي المتهمين في الوقت الذي كان المرشد لا يزال في مصيفه في الاسكندرية‏.‏
‏3‏ طالبت الثورة الرئيس السابق علي ماهر بمجرد توليه الوزارة بأن يصدر عفوا شاملا عن المعتقلين والمسجونين السياسيين وفي مقدمتهم الاخوان وقد نفذ هذا فعلا بمجرد تولي الرئيس نجيب رئاسة الوزارة‏.‏
‏4‏ حينما تقرر اسناد الوزارة إلي الرئيس نجيب تقرر أن يشترك فيها الاخوان المسلمون بثلاثة أعضاء علي ان يكون احدهم الاستاذ الشيخ أحد حسن الباقوري‏.‏
وقد تم اتصال تليفوني بين اللواء عبدالحكيم عامر والمرشد ظهر يوم‏7‏ سبتمبر سنة‏1952‏ فوافق علي هذا الرأي قائلا إنه سيبلغ القيادة بالاسمين الآخرين ثم حضر الاستاذ حسن العشماوي إلي القيادة في كوبري القبة وابلغ البكباشي جمال عبدالناصر بأن المرشد يرشح للوزارة الأستاذ منير الدلة الموظف في مجلس الدولة والاستاذ حسن العشماوي المحامي وقد عرض هذا الترشيح علي مجلس الثورة فلم يوافق عليهما‏,‏ وطلب البكباشي جمال عبدالناصر من الاستاذ حسن العشماوي ان يبلغ ذلك إلي المرشد ليرشح غيرهما وفي الوقت نفسه اتصل البكباشي جمال بالمرشد فقال الاخير انه سيجمع مكتب الارشاد في الساعة السادسة ويرد عليه بعد الاجتماع‏.‏
وقد أعاد البكباشي جمال الاتصال مرة أخري بالمرشد فرد عليه أن مكتب الارشاد قرر عدم الاشتراك في الوزارة فلما قال له‏:‏ لقد اخطرنا الشيخ الباقوري بموافقتك وطلبنا منه أن يتقابل مع الوزراء في الساعة السابعة لحلف اليمين أجابه بأنه يرشح بعض أصدقاء الاخوان للاشتراك في الوزارة ولا يوافق علي ترشيح أحد من الاخوان‏.‏
وفي اليوم التالي صدر قرار من مكتب الارشاد بفصل الشيخ الباقوري من هيئة الاخوان فاستدعي البكباشي جمال عبدالناصر الاستاذ حسن العشماوي وعاتبه علي هذا التصرف الذي يظهر الاخوان بمظهر الممتنع عن تأييد وزارة الرئيس نجيب وهدد بنشر جميع التفاصيل التي لازمت تشكيل الوزارة فكان رد العشماوي أن هذا النشر يحدث فرقة في صفوف الاخوان وليس لموقف المرشد العام ورجاه عدم النشر‏.‏
‏5‏ عندما طلب من الاحزاب أن تقدم اخطارات عن تكوينها قدم الاخوان اخطارا باعتبارهم حزبا سياسيا وقد نصحت الثورة رجال الاخوان بألا يترددوا في الحزبية ويكفي أن يمارسوا دعوتهم الاسلامية بعيدا عن غبار المعارك السياسية والشهوات الحزبية وقد ترددوا بادئ الأمر ثم استجابوا قبل انتهاء موعد تقديم الاخطارات وطلبوا اعتبارهم هيئة وطلبوا من البكباشي جمال عبدالناصر أن يساعدهم علي تصحيح الأخطاء فذهب إلي وزارة الداخلية حيث تقابل مع المرشد في مكتب الاستاذ سليمان حافظ وزير الداخلية وقتئذ وتم الاتفاق علي أن تطلب وزارة الداخلية من الاخوان تفسيرا عما اذا كانت أهدافهم سيعمل علي تحقيقها عن طريق اسباب الحكم كالانتخابات وان يكون رد الاخوان بالنفي حتي ينطبق عليهم القانون‏.‏
‏6‏ وفي صبيحة يوم صدور قرار الاحزاب في يناير سنة 1953‏ حضر إلي مكتب البكباشي جمال عبدالناصر الصاغ صلاح شادي والاستاذ منير الدلة وقالا له الآن وبعد حل الأحزاب لم يبق من مؤيد للثورة الا هيئة الاخوان ولهذا فانهم يجب أن يكونوا في وضع يمكنهم من أن يردوا علي كل اسباب التساؤل فلما سألهما ما هو هذا الوضع المطلوب أجابا بأنه يريدن الاشتراك في الوزارة فقال لهما اننا لسنا في محنة واذا كنتم تعتقدون أن هذا الظرف هو ظرف المطالب وفرض الشروط فأنتم مخطئون فقالوا له اذا لم توافق علي هذا فاننا نطالب بتكوين لجنة من هيئة الاخوان تعرض عليها القوانين قبل صدورها للموافقة عليها وهذا هو سبيلنا لتأييدكم ان أردتم التأييد فقال لهم جمال لقد قلت للمرشد سابقا اننا لن نقبل الوصاية وإنني أكررها اليوم مرة أخري في عزم وإصرار‏.‏ وكانت هذه الحادثة هي نقطة التحول في موقف الاخوان من الثورة وحكومة الثورة‏.‏ اذ دأب المرشد بعد هذا علي اعطاء تصريحات صحفية مهاجما فيها الثورة وحكومتها في الصحافة الخارجية والداخلية كما كانت تصدر الأوامر شفهيا إلي هيئات الاخوان بأن يظهروا دائما في المناسبات التي يعقدها رجال الثورة بمظهر الخصم المتحدي‏.‏
‏7‏ لما علم المرشد بتكوين هيئة التحرير تقابل مع البكباشي جمال في مبني القيادة بكوبري القبة وقال له انه لا لزوم لإنشاء هيئة التحرير ما دام الاخوان قائمين فرد عليه البكباشي جمال ان في البلاد من لا يرغب في الانضمام للاخوان وان مجال الاصلاح متسع امام الهيئتين فقال المرشد انني لن أؤيد هذه الهيئة وبدأ منذ ذلك اليوم في محاربة هيئة التحرير واصدار أوامره بإثارة الشغب واختلاق المناسبات لإيجاد جو من الخصومة بين ابناء الوطن الواحد‏.‏
‏8‏ وفي شهر مايو سنة 1953‏ ثبت لرجال الثورة أن هناك اتصالا بين بعض الاخوان المحيطين بالمرشد وبين الانجليز عن طريق الدكتور محمد سالم الموظف في شركة النقل والهندسة وقد عرف البكباشي جمال من حديثه مع الاستاذ حسن العشماوي في هذا الخصوص أنه حدث اتصال فعلا بين الاستاذ منير الدلة والاستاذ صالح ابورقيق ممثلين عن الاخوان وبين مستر ايفانز المستشار الشرقي للسفارة البريطانية وان هذا الحديث سيعرض حينما يتقابل البكباشي جمال والمرشد وعندما التقي البكباشي جمال مع المرشد أظهر له استياءه من اتصال الاخوان مع الانجليز والتحدث معهم في القضية الوطنية‏,‏ الأمر الذي يدعو إلي التضارب في القول واظهار البلاد بمظهر الانقسام‏.‏
بعد حل الجماعة تحرك نظامها الخاص لاغتيال ناصر في حادثة المنشية الشهيرة والتي انتهت بالفشل وتصاعد المواجهة بين الثورة والجماعة‏,‏ اعتقل الآلاف من كوادر الجماعة وتم فصل البعض من أشغالهم‏,‏ وهرب الكثيرون واختفوا‏,‏ وكان الخيار الأفضل للكثير من اعضاء الجماعة هو السفر لأي دولة خارج مصر خصوصا الدول النفطية مثل السعودية والتي كانت علي خلاف في هذا الوقت مع نظام عبدالناصر‏,‏ ومنهم من اختار السفر للغرب وخصوصا اوروبا والولايات المتحدة الأمريكية‏,‏ وهناك كونوا روابط اخوانية وحاولوا البقاء متماسكين حتي تتضح الصورة في مصر وتظهر الجماعة من جديد‏,‏ وسنحاول في هذه الحلقات عرض مراحل تطور الجماعة في الولايات المتحدة الأمريكية تحديداي‏,‏ حتي وقتنا هذا‏.‏
ولكن لماذا الولايات المتحدة الأمريكية؟‏!‏
كانت الولايات المتحدة في فترة الخمسينات تمثل حلما وبريقا لبعض القوي‏,‏ خاصة الإسلامية منها‏,‏ وكانت تعد نفسها لوراثة الاستعمار القديم المتمثل في إنجلترا وفرنسا‏,‏ وتعاني منافسة حادة من الاتحاد السوفيتي الذي أخذ يسيطر وينشر أفكاره في منطقة الشرق الأوسط‏,‏ ووسط حركات التحرر الوطني بشكل عام‏,‏ الأمر الذي استنفر الأمريكان‏,‏ واخذوا في البحث عن قوي يمكن الإعتماد عليها في كسر شوكة قوي التحرر‏,‏ من ناحية‏,‏ والوقوف ضد تمدد نفوذ موسكو من ناحية أخري‏,‏ وسرعان ما وجدوا ضالتهم في حركة الإخوان المسلمين‏.‏
كانت الجماعة ومعها عدد من المفكرين الإسلاميين‏,‏ يعتبرون الاشتراكية كفرا بواحا‏,‏ ومن ينادي بها كفار يستحل دمهم‏.‏ الأمر الذي أدي الي مواجهات متعددة بين أنظمة وقوي التحرر الوطني الناشئة‏,‏ سواء تلك الحاكمة‏,‏ كثوار يوليو‏,‏ أو تلك التي تسعي الي تحرير بلادها من ربقة المستعمر‏,‏ كما عدد من بلدان المشرق العربي‏.‏
كل هذه العوامل أدت الي ازدياد موجات هجرة الإسلاميين الي الغرب بشكل عام‏,‏ والولايات المتحدة بشكل خاص‏,‏ هربا من تلك المواجهة‏.‏
كانت في الأغلب الأعم تلك الهجرات منظمة‏,‏ بمعني أن هناك جهات عديدة تابعة لتلك الحركات‏,‏ وفي القلب منها حركة الإخوان المسلمين‏,‏ كانت تشرف علي هجرة هؤلاء الشباب‏,‏ ثم تقوم بإعادة تجميعهم‏,‏ لتصفهم في صفوف منظمة‏,‏ تصب في بوتقة واحدة‏.‏
وهو ما حدث بالفعل في يناير‏1963,‏ عندما تكون‏'‏ اتحاد الطلبة المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا‏'‏ وهو أول كيان يجمع الشباب المنتمين الي حركة الإخوان في أمريكا‏.‏ وهو ما سنتحدث عنه وعن مسيرته تفصيليا في الحلقات القادمة إن شاء الله‏,‏ فإلي لقاء‏.‏

[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.