كلما حاولت وزارة الداخلية القيام من جديد.. وكلما اقترب الشعب من شرطته.. والتصق بها.. وأشار إلي ما تقدمه من تضحيات يشهد بها وجهود مضنية من أجل عودة الأمن وعودتها أيضا تسبب بعض أمناء الشرطة في تشويه تلك الصورة. والعودة بها في أحيان كثيرة- إلي ما قبل25 يناير حينما كانت الشرطة أداة للقمع وعصا في يد الحاكم يحركها ضد من يريد ويعاقب بها من يرغب. بعد ثورة30 يونيو كانت الشرطة إحدي أدوات كشف الغمة وإزاحة عصابتها بتعاون كبير مع إرادة الشعب ولكن بعد أن هدأت الأوضاع عاد بعض أمناء الشرطة لممارسة دورهم في تشويه الشرطة من جديد ومحاولة العودة بها إلي حيث لا يريد الشعب ولا الشرطة ولا مصر الجديدة التي يلتحم فيها الشعب مع جيشه وشرطته.. ولكن. تأتي الرياح بما تشتهي السفن.. أمين يغتصب فتاة معاقة بأحد أقسام الشرطة وآخرون يتجاوزون في حق جثة متهم دون إنسانية.. وأمين يطلق الرصاص علي جاره.. وآخر يعتدي علي مواطن.. وآخر يشترك مع عصابة... وكثيرون يعملون ضد الشعب والشرطة والصورة الجديدة لوزارة الداخلية في الشارع المصري. مشكلات عديدة باتت تواجهها وزارة الداخلية بسبب التجاوزات والمخالفات التي يرتكبها أمناء الشرطة بصفة مستمرة مما جعل المسئولين يحاولون إيجاد بديل لامين الشرطة بعد الأحداث الساخنة التي قاموا بها من مظاهرات ووقفات احتجاجات أصابت الحياة الشرطية بالتوتر ليصفهم البعض بالجناة الذين يسعون في الأرض خرابا خاصة بعد إلغاء المحاكمات العسكرية التي كانت كفيلة بردع المتجاوز, في الوقت ذاته يحمل العديد من القيادات السابقة الوزارة مسئولية منح الفرصة للأمناء لارتكاب المخالفات لعدم توفير الحياة الكريمة لهم من رعاية طبية وصحية واجتماعية لوجود تفاوت في الرواتب بين فرد وأخر ليصبحوا ضحايا مغلوبين علي أمرهم. الأمين في غرفة الطبيب النفسي ارجع بعض المتخصصين في مجال الطب النفسي الأسباب التي حولت أمين الشرطة إلي شخص عدواني لتعرضه لضغوط شديدة أثناء العمل جعلت درجة اعتراضه غير متوقعة, لافتقاده إلي الإعداد النفسي والأمني والتعليمي والثقافي كما ينبغي خلال فترة الدراسة, فضلا عن حاجتهم إلي دورات مكثفة لإعادة تأهيلهم وتدريبهم من جديد لإبعادهم عن العدوانية التي تملكت بعضهم بعد ضياع حلم الترقي إلي رتبة الضابط. الدكتور هاشم بحري رئيس قسم الطب النفسي جامعة الأزهر يقول إنه عمل كطبيب نفسي لمؤسسة الشرطة منذ عام2006 وحتي2011 وخلال تلك الفترة شعر بوجود شيء خطأ في هذه المنظومة لوجود رتب لكل فرد فيها, وكل واحد لديه رغبه في النجاح من العسكري حتي مساعد الوزير, إلا أن الرتب الصغيرة والمتوسطة وقع عليها ضغوط شديدة أثناء تنفيذ الأوامر حتي لا يتعرضوا للعقاب, وبالتالي تتأخر ترقيتهم ومن هؤلاء فئة الضباط, ولكن أمين الشرطة يقع بين العسكري والضابط وعدد ليس قليلا منهم لديهم الرغبة بان يصبحوا ضباطا ولكن هذه الرغبة لا ترضي الضباط أنفسهم ولذلك دائما هناك حساسية في التعامل بين الضابط وأمين الشرطة. أشار إلي أن وزارة الداخلي شعرت بالإزعاج من طلبات الأمناء, خاصة أنهم يريدون الحصول علي حقوقهم مثل الضباط رغم أنهم ليسوا من هذه الفئة, موضحا أن الأمناء لا يعرفون كيفية الحصول علي تلك الحقوق لأنهم في جهاز أمني قوي والرتب فيه لها قيمتها ولذلك بدأوا في الاعتراض بعد أن علمت الحكومة الناس أن من يعترض ويقطع الطريق تجاب مطالبه, لذلك تعلم الأمناء هذا الطريق من الفئات المختلفة التي كانت تتظاهر وبدأوا في تصعيد الأمر ودخلوا في تظاهرات وتوقف العمل بعد أن أغلقوا عددا من أقسام الشرطة بالسلاسل الحديدية للتعبير عن وجهة نظرهم فيما قال الدكتور سيد صبحي أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية جامعة عين شمس إن شخصية أمين الشرطة لم تعد الإعداد النفسي والأمني والتعليمي والثقافي كما ينبغي وبما تقتضيه متطلبات الوظيفية حتي يستطيع أن يتعامل مع المواطنين بطريقة سوية, مطالبا قيادات الوزارة بإعادة النظر في إعدادهم وتكوين اتجاه لديهم نحو المواطنة فضلا عن تعريفهم بالسلوكيات الأخلاقية التي يجب أن تكون, موضحا أن معهد الأمناء لم يعط النتيجة المرجوة منه عند تخرج الأمناء بعد أن تسرع القائمون علي تعليمهم في تأهيلهم وإعدادهم بالشكل اللائق حتي يخرجوا دفعة تمارس المهنة وتدخل الخدمة. أضاف أن الأمناء الحاليين بحاجة إلي دورات تدريبية مكثفة من اجل تكوين اتجاهات سليمة يستطيعون السير عليها خلال فترة العمل, مشيرا إلي أن القيادات لم تهتم بإعداد الأمين أثناء وجوده بالمعهد والذي وجد انه يمتلك سلطة بعد تخرجه لم يحسن التعامل معها علي ارض الواقع, لافتا إلي أن اختيار طلبة المعهد لم يخضع لضوابط معينة ولم يتحر المسئولون الدقة عند الاختيارات, أكد الدكتور محمد سيد خليل أستاذ علم النفس جامعة عين شمس أن أمناء الشرطة فريق يساعد الضباط في أداء عملهم بعد تخرجهم من المعهد المتخصص, وقبل التحاقهم بالمعهد علموا انه من الممكن ترقيتهم إلي رتبة ضابط بعد الحصول علي ليسانس الحقوق, ثم اكتشفوا أن هذا الكلام غير صحيح وانهم ليسوا عساكر ولا ضباطا, موضحا أن بعض الأمناء الذين حصلوا علي المؤهل العالي رفضت الداخلية ترقيتهم, ولم يسأل فيهم احد الأمر الذي جعلهم يلجأون إلي ساحات المحاكم للحصول علي حقوقهم بالطرق القانونية بعد حصولهم علي وعود لم تنفذ لتختفي الصورة التي رسمها كل أمين في خياله بأنه سوف يضع النجوم علي كتفيه ويصبح ضابطا في يوم من الأيام ليكتمل الحلم الذي جال بخاطره منذ التحاقه بالمعهد, وبعد فشلهم في تحقيق. أحلامهم تحول بعضهم إلي أشخاص عدوانية ليهملوا العمل وسعوا إلي الحصول علي أقصي استفادة من وظائفهم في إطار منظومة يغلب عليها الفساد خاصة وأنهم يمتلكون سلطة فكانت رائحة الفساد فجة للغاية.