مع بدء شهر سبتمبر من كل عام يتجدد مسلسل حرق قش الإرز بمحافظات الجمهورية والدقهلية تحديدا نظرا لكونها محافظة زراعية من محافظات الدلتا مع بدء حصاد محصول الأرز في المحافظة بداية الشهر الحالي وبدأت الأدخنة تتصاعد حتي غطت سحبها سماء المحافظة وعلي الرغم من تصريحات المحافظ بمحاصرة السحابة السوداء إلا أنها منتشرة خاصة علي الطريق الدولي الساحلي والطرق الداخلية بين المراكز والمدن, والتي تتسبب في وقوع العديد من الحوادث بسبب انعدام الرؤية فالفلاحون قاموا بزراعة المحصول بالمخالفة للقانون والذي حدد مساحة معينة للزراعة ولكن نظرا لأن الأرز محصول استراتيجي ويدر عائدا جيدا علي الفلاحين فإنهم يقومون بالمخالفة وزراعة مساحات غير مقررة كما أن انتشار مكامير الفحم في المحافظة, والتي يبلغ عددها57 مكمورة بالدقهلية ساعد علي انتشار الدخان الذي يكون له دور في تكوين السحابة السوداء ويصف ابراهيم حسن الوضع بالمأساة قائلا: وإحنا بنموت كل يوم نتيجة الاختناق والإصابة بضيق التنفس, خاصة في فترات الليل, حيث تزداد عمليات الحرق للأخشاب في المكامير ويتصاعد دخانها إلي السماء ويدخل البيوت. مشيرا إلي أن الدخان يتصاعد ويمتد إلي المدارس الموجودة بالقرية مما يتسبب في اختناق التلاميذ خلال فصل الشتاء لافتا إلي أن حرق الأخشاب في المكامير يتصاعد منها الدخان لعدة أيام متواصلة, ولمدة أكثر من شهر, ولانستطيع أن نفعل شيئا سوي السكوت, لأننا اشتكينا أكتر من مرة وماحدش من المسئولين اتحرك وقرارات الغلق اللي بتصدر للمكامير لا تنفذ. وقال إن مشكلة المكامير لايمكن أن تحل إلا بقرارات صارمة من الحكومة, لضمان إزالة هذه المكامير غير المرخصة فمعاناة أبناء القرية مع مكامير الفحم قائمة بسبب دخان الفحم الذي يتسبب في اصابة العديد من أطفال القرية بأمراض الحساسية وضيق التنفس وأضاف السيد مصباح عامل بإحدي المكامير انا خريج جامعة الازهر ولم أجد عملا انا ورفاقي بعد تخرجنا مما اضطرنا للعمل بالمكامير حيث طرقنا كل الأبواب ولم نجد بديلا فعملنا كسائر أهالي قريتنا ولو تم إغلاقها هانتشرد في الشارع علي الرغم من اصابة معظمنا بالالتهاب الرئوي والأمراض الصدرية الا اننا لم نجد بديلا وعن الأخطار الصحية للمكامير, قال الدكتور أشرف العدوي مستشار الأمراض الصدرية بمديربة الصحة بالدقهلية:الدخان الناتج عن حرق الأخشاب بمكامير الفحم يسبب الفشل التنفسي وسرطان الرئة, لأنه يهيج الشعب الهوائية, ويسبب حساسية بالصدر, وأزمات الربو المتكررة, والالتهابات المزمنة في الجهاز التنفسي, ومع مرور السنين والتعرض لفترات طويلة لاستنشاق هذا الدخان يصاب الإنسان بالفشل التنفسي, وأيضا التليف في الرئة والذي يؤدي في النهاية إلي سرطان الرئة, وأكد المهندس هشام ربيع, رئيس جهاز شئون البيئة, بمنطقة شرق الدلتا, إن الوزارة تتصدي بكل حزم لانتشار مكامير الفحم, ولاتمنحها أي تراخيص لمزاولة نشاطها, مضيفا أن مكامير الفحم تعمل بدون ترخيص وصدرت لها جميعا قرارات إغلاق. ويري ربيع, أن حل أزمة انتشار مكامير الفحم ليس بإصدار قرارات الإغلاق, ولكن بتطوير صناعتها وتوفير بدائل لأصحاب المكامير, مثل الأفران المطورة أو نقلها إلي مناطق خارج الكتلة السكنية. وقال, إن صناعة الفحم بشكلها البدائي الحالي لا تنتج سوي042 ألف طن فقط من8 ملايين طن تمثل إنتاج مصر من فحم الأخشاب كل عام, وهناك دراسات لتطوير هذه الصناعة بإنشاء فرن بتكنولوجيا عملية لحرق الأخشاب وتحويلها إلي فحم. ويطالب الدكتور زيدان شهاب الدين الأستاذ بمركز البحوث الزراعية بضرورة إصدار قوانين جديدة تجرم ظاهرة حرق قش الأرز وقال القوانين الحالية عقيمة. نظر الانتشار المحسوبية التي تقف دائما عائقا أمام تطبيق القانون وأيضا المجاملات, حيث يخشي المهندس الزراعي أو موظف البيئة من تحرير محضر يتسبب في غضب الفلاحين منه, وهذا لايمكن أن يحدث في بلد يريد أن يتقدم لافتا إلي أنه لابد من تطبيق القانون علي كل المزارعين أصحاب الاراضي ففي الماضي لم نكن نلجأ الي حرق القش ولكننا كنا نستخدم المكابس الخاصة في كبس أجزاء منه وبيعها لأصحاب المكابس أو معالف الحيوانات والباقي كنا نقوم بخلطه مع مخلفات الماشية لتصنيع السماد البلدي كبديل للأسمدة الكيماوية, وكنا نحقق من ورائه أعلي انتاج, واليوم لم يعد هذا ولاذاك. ويضيف مهند يحيي طبيب يعاني كبار السن والمرضي, خاصة المصابين بالربو من الآثار السلبية الخطيرة للدخان الكثيف لذا فإن أسوأ فترة يمر بها المرضي طوال العام هي فترة حصاد الإرز التي تبدأ معها حرائق القش في كل مكان,فيهجر الاهالي مساكنهم وطالب المسئولين بالتدخل لحل هذه المشكلة, خاصة أنه ثبت أن الوعود المتكررة كل عام تذهب أدراج الرياح. ويشير صلاح منصور مالك اراض زراعية( الفلاح الفصيح) إلي أن قوانين البيئة لاتسمح بهذه الظاهرة فالسحابة السوداء ظاهرة تحتاج الي تعاون الجميع للقضاء عليها فلابد من مساعدة وزارة الزراعة, ونزول المرشدين الزراعون ومرور لجان من البيئة حتي يتم القضاء نهائيا علي تلك الظاهرة فالمزارعين يقومون بحرق قش الارز توفيرا لنفقات نقله الي مصانع تدوير القش ونحن نطالب الشركات الخاصة بالتدوير بشراء القش من الأراضي حتي نبطل اسبابهم الواهية ويوضح الدكتور نشأت السيد استشاري الأمراض الصدرية ان حرق قش الأرز ظاهرة قديمة بمصر عائدها سلبي علي الأصحاء والمرضي فيجب علينا كبلد متحضر ان تكون هناك قرارات فورية ضد المضرين والعابثين بالبيئة رحمة بالمرضي الذين يصل بهم الحال الي الوفاة فما يحدث لا يليق بنا كدولة تسعي الي الوصول الي مصاف الدول المتقدمة فمرضي الربو والامراض الصدرية يجب أن يعيشوا في بيئة نقية ونظيفة ومايحدث هو ابادة جماعية لهؤلاء المرضي. فيما قرر اللواء عمر الشوادفي محافظ الدقهلية, حظر تشغيل المكامير والفواخير من منتصف شهر أغسطس وحتي نهاية شهر نوفمبر وغلق مصانع الطوب غير المرخصة ومنع الحرق المكشوف مع تشديد الرقابة علي المقالب العمومية علي السيارات, خصوصا سيارات النقل والأجرة والسرفيس وضبط السيارات المخالفة, وذلك في اطار خطة المحافظة لمواجهة نوبات التلوث الحادة بوسط الدلتا. كما شكل المحافظ لجنة من العاملين بالجمعيات الزراعية والوحدات المحلية القروية للمرور الدوري في الفترة المسائية لضبط أي مخالفة وتوقيع الغرامة الفورية عليها وذلك بالتنسيق مع جهاز شئون البيئة وذلك في إطار خطة المحافظة للقضاء علي ظاهرة السحابة السوداء.