تزايدت في الآونة الأخيرة جبهات الصراع بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والصين من جولة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الآسيوية لتطويق بكين إلي اتهام أمريكا للصين أخيرا باختراق المواقع العسكرية الأمريكية علي الإنترنت في أبريل الماضي, وأحدث مجالات الصراع بين البلدين يدور حاليا علي المعادن النادرة, حيث تسيطر بكين علي95% من إمدادات العالم لتلك المعادن مثل السيزيوم واللثانوم والنيوديميوم والجادولينيوم, وهي اللازمة لإنتاج أشياء عديدة تمس أمن الدول وتؤثر علي اقتصادها مثل أنظمة الصواريخ والسيارات الكهربائية والطائرات المقاتلة. وما يثير قلق واشنطن فرض الصين أخيرا حظرا علي شحنات معادن أساسية للولايات المتحدة وأوروبا واليابان, مما اثار مخاوف جديدة بشأن احتكار بكين لتلك المعادن وضرورة سعي الدول الأخري لتطوير مصادرها الخاصة من المعادن خاصة إذا علمنا أن الولاياتالمتحدة لديها منجم واحد ينتج تلك المعادن في ماونتن باس بكاليفورنيا, والذي تم إيقاف التعدين به عام2002 بسبب تسرب السوائل المشعة, حيث يعد الدفع للصين للحصول علي تلك المعادن أقل تكلفة من عملية إعادة استخراج تلك المعادن من موقعها في كاليفورنيا. والمثير كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن الولاياتالمتحدة ليس لديها نفس الخبرة التقنية للتنافس مع الصين في تصنيع تلك المعادن, علي الرغم من ضرورة تلك العناصر الأرضية النادرة في المصالح الأمنية والاقتصادية لأمريكا. سيندي هيرست المحلل الأمريكي بمكتب الدراسات العسكرية في كنساس قال في تقرير نشر أخيرا حول المعادن النادرة, وماذا يمكن أن يتعلم الغرب من احتكار الصين لها إن بكين لديها عشرات الآلاف من الخبراء الذين يعملون علي تطوير العناصر الأرضية النادرة, بينما لا تملك الولاياتالمتحدة إلا عددا قليلا, مضيفا أن واحدا من أكبر التحديات التي تواجه واشنطن هو افتقارها للخبرة التكنولوجية في هذا المجال. وأشار هيرست إلي أنه منذ الخمسينيات حتي الثمانينيات ظهرت في الولاياتالمتحدة آفاق جديدة في مجال الابتكارات القائمة علي المعادن النادرة ومنها استخدام اليوروبيوم في إنتاج التليفزيونات الملونة, كما تم استخدام النيوديميوم أو المغناطيس في صناعة السيارات, موضحا أن تلك التكنولوجيا انتقلت في نهاية المطاف إلي الصين ولم تعد هناك شركات اليوم في الولاياتالمتحدة تقوم بتصنيع تلك المعادن, وهي الضرورية في تطبيقات ذات تقنية عالية مثل عملية تكرير البترول, بينما نجحت الصين في استخدام تلك المعادن النادرة في تطوير صناعاتها مثل المحركات الكهربائية والبطاريات وأقراص الليزر المدمجة والهواتف المحمولة وغيرها. وأضاف أن الخطورة أيضا تكمن في أن الولاياتالمتحدة لم تعد تستطيع تحويل تلك العناصر الأرضية النادرة من أكاسيد إلي مركبات معدنية, ومن ثم قد تضطر لإعادتها إلي الصين لتصنيعها وإعادتها للولايات المتحدة أخري. ومن جانبه, قال كينيث جرين, الباحث الأمريكي في معهد أمريكا انتربرايز إن المعادن النادرة تعد عناصر حاسمة في العديد من التطبيقات مثل محركات الطائرات المقاتلة ونظم الاتصالات عبر الأقمار الصناعية ومعدات الكشف عن الألغام والأجهزة الطبية وتوربينات الرياح. ووصف تعليق الصين أخيرا لشحنة من المعادن النادرة بأنه نوع من الاستعراض لعضلاتها الاحتكارية للتأكد من أنها أكبر مورد في العالم للتكنولوجيا الفائقة, مؤكدا أن الاقتصاد الأمريكي انتقل من التصنيع إلي الخدمات, وهو أمر مؤلم للعديد من الخبراء الاقتصاديين, بينما يعد انفراد واحتكار الصين بتلك المعادن بداية لارتفاع أسعارها عالميا.