منذ أن اعلنت طالبان في مارس2001, عزمها علي تدمير وتحطيم تمثالي بوذا في اقليم باميان بأفغانستان, قامت قيامة العالم ووقف الناس جميعا مندهشين كيف يمكن لانسان تصور تدمير تلك الحضارة الانسانية الفريدة والتي تعود لآلاف السنين, وقد قال الملا محمد عمر زعيم طالبان ومحطم التماثيل:' انه يريد ان يلقي الله وقد حطم الأصنام' ولم يعرف الناس معني أنها أصنام, فليس هناك احد يعبد اصناما هذه الايام وانما اصبحت كل تلك التماثيل والاثار قطعة عزيزة وفريدة من تاريخ الحضارة الانسانية, وبوذا حكيم صيني كبير ولد لاسرة ثرية في القرن السادس قبل الميلاد غير انه ترك حياة الترف والنعيم وراح يبحث عن العدل والسلام الروحي زاهدا متقشفا يعيش حياة الفقراء فأحبه الناس وأمنوا به واقاموا له التماثيل وراحوا يقدسون طريقته في العيش ومجاهدة النفس وترفعها عن الملذات وعن الشرور ومن هنا راحت تتكون عبادة لبوذا والبوذية ويصل عدد المؤمنين بها الان مابين ثلاثمائة مليون واربعمائة مليون يعيش معظمهم في الصين ويتوزع الباقي بين الهند وتايلاند وغيرهما من بلاد جنوب شرق اسيا وراح اتباعه يقيمون له التماثيل في كل مكان وعاشت تلك التماثيل التي تعود الي اكثر من الف وخمسمائة سنة وهي مصدر رزق لعشرات الالاف من السكان حتي كان قرار الملا محمد عمر وطالبان بتحطيمها, وكان من الطبيعي والحال كذلك ان يهب العالم كله لمحاولة اثناء طالبان عن مثل هذا العمل الذي لابد ان العالم سيراه عملا همجيا وخاصة وان كثيرا من علماء المسلمين الاجلاء رأوا في تحطيم تلك التماثيل عملا غير شرعي لا يستند علي اساس صحيح طالما انها اصبحت مجرد تماثيل تاريخية ومزارات سياحية ورغم ذلك لم تابه طالبان لتحذيرات العالم واستنكاراته, وقام رئيس رئيس منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة' اليونسكو' الياباني كوشيرا ماتسورا بزيارة افغانستان لإثناء طالبان عن هذا التحطيم غير انه لم يتمكن من مقابلة الملا محمد عمر, كما توجه الدكتور يوسف القرضاوي وهو حجة اسلامية محترمة بزيارة افغانستان ولكنه فشل ايضا وراحت الوفود من مختلف البلاد الاسلامية علي افغانستان ومنها وفد من الازهر بالطبع المهم ان تلك الوفود كلها لم تجد اذنا صاغية بل مماطلة وتأجيلا واستعدادا للنقاش والحوار حتي فوجئ العالم بمن يعلن ان طالبان قد قامت بالانتهاء من تدمير تماثيل بوذا, والي مثل ذلك كان الداعية محمد حسان, عندما سئل عن اكتشاف بعض الاثار قد قال بالنص:' إذا كانت الآثار في أرض تملكها أو في بيت لك, فهذا حقك ورزقك ساقه الله لك ولا إثم عليك ولا حرج, وليس من حق دولة ولا مجلس, ولا أي أحد أن يسلبك هذا الحق, سواء كان ذهبا أو كنزا, أما إذا كانت تلك الآثار تجسد أشخاصا فعليك أن تطمسها, لأن النبي نهي عن بيعها, ومن حرم بيعه حرم ثمنه. وأما إن كانت هذه الآثار في أرض عامة تمتلكها الدولة فليس من حقك أن تأخذها أو تهربها أو تسرقها وتبيعها, فهذا حرام ومالها حرام'. وطبعا لا يهم الشيخ موقف القانون المصري من فتواه, اذ يعتبر القانون ان تلك الاثار ملكية عامة لا يجوز بيعها او التصرف فيها بأي حال من الاحوال, وغاية الامر ان توافق الدولة علي تسجيل ملكية الشخص للاثر وتعلن استعدادها لشرائه اما ما دون ذلك من تصرفات فهو مجرم بحكم القانون, ولكن متي كان الشيخ محمد حسان وامثاله يأبهون بالقانون وهم الذين أقاموا مجدهم علي نقضه ورفضه, المهم انه يبدو ان هناك من حذر الشيخ حسان بأن موضوع الاثار احد الخطوط الحمراء في الدولة وان الآثار في مصر تعد نوعا من الامن القومي فهي تراث الاجداد ومستقبل الاوطان فضلا عن كونها موردا كبيرا للدخل القومي يعمل بها عشرات الالاف من المواطنين وتقوم عليها الاف المنشآت السياحية فضلا انه بفتواه تلك سيقع تحت طائلة القانون اذ ان قانون الاثار في مادته(11) يقول: يحظر الإتلاف المباشر أو غير المباشر للآثار الثابتة والمنقولة أو تشويهها أو إلحاق أي ضرر بها سواء بتغيير معالمها أو فصل جزء منها أو أي تحوير بها, ومن هنا سارع الشيخ حسان في برنامج48 ساعة بتاريخ9 اكتوبر ليقول بانه لم يفت مطلقا بطمس او تحطيم التماثيل وعندما بادرته المذيعة بقولها: هذا عكس مانسب إليك تماما سارع بقوله بالنص ايضا: هذا ما أدين به لله تعالي والذي لا يعرفه الشيخ او مشايعوه ان التكنولوجيا الحديثة لم تعد تجوز عليها مثل هذه الحيل والألاعيب فمن الممكن لمن يريد ان يدخل علي الموقع الالكتروني ويبحث تحت عنوان فتوي الشيخ حسان حول الاثار وسيجد المقطعين المتناقضين اللذين اشرت اليهما واضحين لا لبس فيهما في الاولي يحلل التشويه والطمس وفي الثانية يحرمه. فإلي اين يقودنا من مثل هؤلاء الشيوخ بفتاواهم المتناقضة التي تعد وتفصل حسب الطلب او حسب الظروف