تشهد الدورة الثالثة والعشرين لأيام قرطاج السينمائية والتي سيسدل الستار عليها غدا حالة من الحراك الفني والسينمائي لم تشهدها الدورات السابقة.. فإلي جانب عدد الأفلام الكبير المشاركة في كل المسابقات والأقسام والذي تخطي250 فيلما, وعدد المدعوين الذي تجاوز500 شخصية من65 دولة, وكذلك المعارض الفنية والندوات واللقاءات المتنوعة, نجد هناك العديد من الفعاليات الأخري التي أثرت أيام قرطاج السينمائية وحولتها إلي ما يشبه سوق عكاظ ولكن للفن السابع. فهناك حالة حراك فني كبيرة شهدتها هذه الدورة منذ انطلاقها يوم23 أكتوبر الحالي, حيث تمت لقاءات بين المنتجين والموزعين وأصحاب الأفلام العربية والإفريقية وأفلام الجنوب لبحث فتح أسواق توزيع هذه الأفلام في تونس والمنطقة العربية.. واستثمار هذا الحدث السينمائي المتميز لجعله نافذة حقيقية تطل منها السينما الإفريقية علي العالم, خاصة بعد المستوي الفني المتميز والموضوعات الجديدة التي ظهرت بها الكثير من أفلام إفريقيا السمراء والتي بدأت تبوح بأسرارها وإبداعاتها من خلال شريط السينما, ومنها مثلا أفلام: شيرلي آدامس سيناريو وإخراج أوليفي هرمانوس من جنوب إفريقيا, وقام ببطولته دونيز نومان والتي أشاد بأدائها التمثيلي الرائع كل الحضور, بل وتم ترشيح الفيلم لإحدي جوائز المهرجان.. كذلك الفيلم الكيني فتي الروح إخراج هاوا أسومان.. وإيماني من أوغندا, اخراج كارولين كاميا التي تحاول إلقاء الضوء علي الجهود الفردية التي بذلت في أوغندا لإزالة تأثيرات الحرب علي الأطفال.. هذا إلي جانب توزيع أفلام الشمال الإفريقي ومصر. * كما شهدت هذه الدورة تحركا من جانب شبكة المنتجين العاملين وكان الهدف من حضور أكثر من40 منتجا من دول العالم منهم جابي خوري من مصر, هو الاطلاع علي مشاريع شباب السينمائيين العرب والأفارقة وإعطاء الفرصة لهذه المشاريع لكي تري النور بعد توفير التمويل اللازم لإنتاجها.. وقد تقدم بالفعل35 مشروعا منها30 فيلما روائيا و5 أفلام وثائقية, من بينها مشروع للمخرج المصري الشاب أحمد رشوان والذي حظي مشروعه بإعجاب الحضور وتحمس له المنتج المصري جابي خوري. * شهدت الدورة الثالثة والعشرين هذا العام أيضا انطلاق الدورة الأولي للأيام السمعية البصرية, وذلك من أجل النهوض بمشهد سمعي.. بصري.. أوروبي متوسطي, وهي تظاهرة نظمتها سفارة فرنسابتونس بالتعاون مع وزارة الاتصال والثقافة والمحافظة علي التراث التونسي وأيام قرطاج السينمائية, الهدف منها فتح نقاشات ثرية بين المهنيين من أجل تقريب وجهات النظر بين السينمائيين والفنيين الفرنسيين والتونسيين لزيادة المعرفة بالإنتاج السمعي البصري التونسي, وكذلك دعم التبادل في هذا المجال بين البلدين, وكيفية العمل بين البلدين بشكل أفضل, والنهوض بمشهد سمعي بصري أوروبي متوسطي, وهو فرصة لكي تستفيد دول المتوسط من التكنولوجيا والخبرات الأوروبية في مجال التقنية السمعية والبصرية وهي فرصة كبيرة لكي يستفيد جمهور الشباب الجديد من هذا المجال. وأكد المخرج التونسي فريد بوغدير أن هذا اللقاء سيكون خطوة مهمة لسن قوانين سينمائية جديدة وآليات مهمة يستفيد منها القطاع السمعي البصري سواء في التليفزيون أو السينما.. وطالب بوغدير بضرورة إسهام القنوات التليفزيونية الوطنية في الإنتاج السينمائي. كما أكدت بعض الآراء المشاركة أن القنوات الفضائية الأوروبية ترفض الانفتاح علي جنوب المتوسط, وعارضت بعض الآراء هذا الكلام, مؤكدة ضرورة الحفاظ علي الهوية المتوسطية, ولابد من إبراز مكوناتها والتركيز علي ما هو مشترك. وقالت ماري كريستين المديرة العامة لقناةT.V5. أن جنوب المتوسط حاضر علي طاولة النقاش ويمثل جزءا لا يتجزأ من سياسة التحرير, وأكبر دليل علي ذلك أن القناة تعد حاليا ملفا حول المرأة التونسية, كما أن العالم سوف يشاهد خلال هذه الفترة وانطلاقا من أيام قرطاج السينمائية أفلاما تونسية طويلة وقصيرة سيتم عرضها علي القناة. واختتم اللقاء بإعلان ممثل الاتحاد من أجل المتوسط عن انطلاق قناة فضائية قريبا ستكون موجهة إلي كل شعوب الحوض المتوسطي لدعم الاتصال والتعاون بين سكان المتوسط. * في إطار التنوع الكبير الذي تشهده هذه الدورة من أيام قرطاج السينمائية, التقي أحباء الفن السابع بالمخرج يسري نصر الله بقاعة الفن الرابع.. وقد تحدث يسري مع الشباب التونسي عن تجربته السينمائية, وعلاقته بالمخرج الراحل يوسف شاهين, وكيف استطاع أن يستفيد منه دون أن يقلده لكي يحافظ علي شخصيته الفنية. وقال نصر الله منذ كتابة وداعا بونابرت ولشاهين عالمه الخاص جدا, بحيث يصعب تقليده, ولم يكن بإمكاني القول إننا كتبنا السيناريو معا.. وأعتقد أن شاهين أول من قدم أفلاما وليس سيرة ذاتية, وأكثر أفلامه التي أحبها هو عودة الابن الضال.. ثم تحدث عن سينما المؤلف متسائلا: هل الشخص يكتب نصه ثم يخرجه أم ماذا؟!.. فبين كتابة السيناريو والإخراج حسب قوله فرق كبير, والمخرج يوجد عالم النص.. ثم تحدث عن تجربته مع السيناريست وحيد حامد في فيلم احكي يا شهر زاد وقال: عندما قرأت السيناريو كنت أنوي إعادة كتابته.. ولكنني أعدت التفكير فوجد أننا نتحدث في مجتمعنا بهذه الطريقة.