قناة فرانس24 بدأت بثها بالعربية. هذه هي آخر سلسلة قنوات التليفزيون الأجنبية الموجهة للعالم العربي. الأمريكيون بدأوا هذه السلسلة من القنوات بقناتهم' الحرة'. ركز الأمريكيون علي الحرية وركزت قناتهم علي العالم العربي عجبت الأمريكيون اللعبة فأنشأوا' حرة' أخري مخصصة للعراق وموجهة له. هيئة الإذاعة البريطانية لحقت بالأمريكيين فأسست قناة عربية مستفيدة من كل ميراث ومصداقية وعراقة واستقلال راديو بي بي سي.' روسيا اليوم' الناطقة بالعربية أعادت روسيا' بوتين' ومن خلفوه للمشاهد العربي. تركيز القناة الروسية علي روسيا يعكس أولويات موسكو. تحسين صورة روسيا الأمة والدولة بعد التشويه الذي لحق بها منذ انهيار الاتحاد السوفيتي كان ومازال هم روسيا الأول. لم تتخلف الصين عن الركب فكانت لها هي الأخري قناتها العربية. مثل روسيا ركزت القناة الصينية علي تحسين صورة الصين وإظهار نهضتها وتقدمها الاقتصادي السريع. القوي الدولية الصاعدة مهمومة بنفسها أكثر من اهتمامها بشئون الآخرين بينما تبدو القوي الغربية أكثر انشغالا بالآخرين, ربما من باب الاهتمام الحقيقي, أو بسبب تقاليد امبريالية مازالت لها بقايا. القوي الإقليمية المتنافسة علي كعكة العالم العربي لم تتأخر عن دخول مجال التليفزيونات العربية. إيران كانت السابقة بقناتها العالم, وبعدها جاءت تركيا. الإيرانيون أساتذة في توظيف الإعلام لخدمة السياسة, ففي هذا لا يستطيع أحد أن يهزم الدولة الثورية. كان جمال عبد الناصر هو أستاذ الأساتذة في هذا المجال, وكانت إذاعة صوت العرب هي سلاحه الذي لا يقهر. قناة العالم الإيرانية تنقل صورة إيران بعد إعمال' الفوتوشوب' والخيال الإعلامي الثوري فيها, وتنقل صورة العالم العربي كما تحب إيران أن تراه. الاهتمام المفاجئ بالعالم العربي يؤكد أن للمهتمين مصالح, وأن للعرب وعالمهم رغم ضعفه أهميته. ربما كان ضعف العرب هو سبب اهتمام الآخرين بهم, فالفراغ الذي أتاحه الضعف العربي يغري الآخرين علي التنافس لشغله. هجمة كبار العالم والإقليم علي العالم العربي تشبه كثيرا ما حدث زمن الحرب الباردة عندما تسابق الروس والأمريكيون علي النفاذ للمنطقة بالمال والسلاح والمساعدات والإعلام أيضا, فالتنافس علي المنطقة لم ولن ينتهي قريبا. لست متأكدا بالضبط من أثر كل هذه القنوات علي خدمة مصالح أصحابها في منطقتنا. فالعرب مازالوا يفضلون قنواتهم العربية, كما كانوا يفضلون' صوت العرب' في زمن الراديو. بعض قنوات الأجانب تدخل في باب الوجاهة واستكمال الشكل, أما المضمون والأثر الحقيقي فله قواعد ومعايير أخري.