هي قامة كبيرة في عالم الغناء.. وصاحبة تجربة تقترب سنواتها من الثلاثين, وبالرغم من ذلك مازالت تحتفظ بموقعها في الصفوف الأولي بين المستمعين من الشباب لذلك تقول سميرة سعيد بثقة إن الحكم علي التجربة الفنية وصاحبها.. لايصح إلا بعد مرور عشرات السنوات!! وعن الفن والحب والحياة.. دار معها الحوار التالي: * كيف ترين حال الفن هذه الأيام؟ ** أري أن الفن بكل أنواعه وخاصة الغناء يمر بحالة من اللخبطة.. فلايوجد سيستم أو منظومة تحكم أطراف صناع الغناء من مطربين وملحنين وكتاب وشركات إنتاج.. هذه الفوضي هي التي أسفرت عن أن يصبح الغناء مهنة من لا مهنة له, وكل من هب ودب يجرب حظه في الغناء وكل راقصة أو فتاة جميلة تصور كليب لتغني فيه.. * ماذا تقصدين بكلمة منظومة تحكم الفن؟ ** أقصد أن تكون هناك شركات متخصصة لإدارة الفن والفنانين.. هذه الشركات تكون مهمتها اكتشاف الفنان ثم دعمه وتوجيهه وإدارة كل شئونه, وهذا نظام عالمي معمول به في الخارج, أما الوطن العربي فلايوجد سوي محاولات فردية يقوم بها كل فنان علي حدة, وكل واحد وحظه أو نصيبه, فأنا مثلا نجحت بمجهودي الخاص.. أما وجود هذه المنظومة فهو يضرب عصفورين بحجر واحد, أولا سيقضي علي أنصاف الموهوبين لانهم لن يستطيعوا المنافسة, وثانيا سيجعل الموهوبين يتفرغون لفنهم فيزيد الإبداع ويرقي حال الفن. * قلت انك نجحت بمجهودك الخاص.. كيف استطعت تحقيق هذا النجاح, بل والاستمرار فيه؟ ** بالاجتهاد.. فأنا أعطي لكل شيء حقه.. فقبل أن أغني أغنية واحدة أطلع علي كل ماهو جديد في عالم الموسيقي في العالم كله وأحاول تجربته, بل أضيف إليه, كما إنني أسعي دائما لدراسة السوق وما يحب الناس أن يسمعوه, وأحاول ألا أكون نمطية سواء في أدائي أو اختياراتي, فأنا لا أخاف من تجربة أي شيء جديد. * هذه الحداثة في أدائك جعلت جمهورك يطالبك بالعودة إلي الطرب الشرقي الأصيل.. لماذا لم تستجيبي له؟ ** بصراحة لانني أري أن الغناء والطرب اختلف الاختلاف الطبيعي الناتج عن اختلاف الزمن.. وقد تطور إلي هذا الشكل الموجود حاليا الذي لاأنكر انني أحببته جدا.. فأنا لا أقدم ما أقدمه حاليا لمجرد إرضاء الجمهور من الشباب كما يعتقد البعض, ولكن أيضا لانني أراه جميلا ويناسبني.. وبالرغم من ذلك فأنا دائما أحاول تحقيق المعادلة الصعبة وهي ايجاد هذا التوازن بين الطرب الأصيل وبين الحديث, وهذا واضح جدا في كل ألبوماتي التي لابد وأن تحتوي علي طرب حقيقي لكن للأسف فإن الجمهور لايستمع إلا للأغنية الهيد الرئيسية ولايستمع لباقي الألبوم.. * حالة اللخبطة التي وصفتيها سابقا.. هل أفرزت ولو القليل من التجارب الناجحة؟ ** بالتأكيد هناك بعض التجارب الناجحة فمثلا أعجني جدا ألبوم إليسا أواخر الشتا وأيضا أري أن نانسي نضجت وأصبح لها خطا وتعجبني رومانسية فضل شاكر وصابر الرباعي.. أما شيرين فهي حكاية.. لكن مع هذه التجارب الناجحة يجب أن أقول أن مهنتنا صعبة والحكم عليها يكون قاسيا ولا نستطيع أن نحكم علي تجربة أو علي صاحبها إلا بعد مرور عشرات السنين من النجاح والإستمرار في النجاح... وأنا بالفعل أغني منذ عشرات السنين!! فخمسة سنوات من النجاح لاتكفي للحكم علي المطرب, فعبدالحليم وهاني شاكر وغيرهما من العمالقة لم يصلوا إلي ما وصلوا إليه من مكانة عند الناس إلا بعد مرور عشرات السنين علي تجربتهم.. * آخر تجاربك مع شركات الإنتاج كانت مع عالم الفن محسن جابر التي إنتهت منذ عامين.. لماذا انفصلتما؟ ** نحن لم ننفصل لكن عقدي معه إنتهي ولم نجدده! وتجربتي معه كانت ناجحة جدا بدأت في2003 بألبوم يوم ورا يوم لكن أزمة الانتاج بدأت في2006 وأنا مع عالم الفن, وطبعا تأثرت جدا بها مثلما تأثر بها كل العاملين في المجال, وإنتظرت علي أمل أن تتحسن الظروف الإنتاجية وظروف الشركة, لكن للأسف تفاقمت الأزمة وطالت. حتي كبريات شركات الإنتاج التي أعلنت توقفها فهذه الشركات تخاف علي فلوسها وعندها حق! فما يحدث الآن في سوق الكاسيت من سرقة الأغاني وتحميلها علي الإنترنت سيؤدي لدمار الفن لذلك يجب التدخل فورا لإيجاد حل أو نوع من السيطرة كما يحدث في الخارج... لإن بقاء الحال علي ماهو عليه جعل شركات الإنتاج تلجأ إلي مشاركة الفنان بنسبة من حفلاته اللايف لتعويض الخسائر وفي هذا ظلم شديد للفنان خاصة أنه يقوم بكل أعماله بنفسه ولاتقدم له الشركة شيئا.. كل هذه الظروف لم تكن مشجعة علي تجديد عقدي مع عالم الفن فاكتفينا بما حققناه من نجاح معا. * لكنك ظللت حتي الآن بدون شركة إنتاج.. لماذا؟ ** حدثت مفاوضات بيني وبين الكثير من الشركات لكننا لم نصل إلي إتفاق.. فهذه الظروف التي حدثتك عنها جعلت الوصول إلي عرض مرض لي شيئا صعبا لانني أعترف بأنني فنانة غالية بمعني أن إسمي الذي تعبت واجتهدت لوضعه في المكانة الحالية لن أقبل أن يوضع علي عمل فني ضعيف أو رخيص! فأنا لن أوافق علي تصوير كليب تكلفته مائة ألف مثلا.. في حين أن هناك من يقبلون بنصف هذا المبلغ فأنا لي طلبات في هذه النواحي لا أتنازل عنها وهذا حقي حتي أستطيع مواصلة تقديم هذا النوع من الفن الراقي الذي يشيد به الناس ويحبونه. * لكنك مقبلة علي ألبوم جديد.. هل ستقومين بإنتاجه علي حسابك ؟ ** نعم قررت أن أخوض المغامرة بنفسي وأنا متفائلة بأنني لن أخسر شيئا.. صحيح أنني علي المستوي المادي لا أضمن أن أستعيد أموالي لكن علي الأقل أنا متأكدة أنني علي المستوي الفني سأكسب كثيرا لإن هذا الألبوم سيصبح ملكا لي وسيضاف إلي رصيدي وهذا ما يهمني.. إذن علي المدي الطويل أنا كسبانة كسبانة! ولا تنسي أنني أصلا لا أملك الخيارات حاليا فإما أن أنتج وإما أن أتوقف عن الغناء. * بمناسبة جملتك الأخيرة.. هل ترين أن هناك سنا أو عمرا يجب أن تتوقف فيه المطربة عن الغناء ؟ ** أنا أري أنه مثلما أن الفن لا وطن له.. فإنه أيضا لا عمر له.. فالفنان أو المطربة تحديدا يجب أن تغني مادامت تشعر أنها تمتلك أدواتها ومازال عندها إمكانات الغناء وليس هناك عمر محدد تقل فيه هذه الإمكانات.. ففي مصر كما في العالم كله كان هناك مطربون غنوا حتي وصلوا للثمانين أو حتي اللحظة الأخيرة في حياتهم.. وأنا شخصيا أفعل كل ما بوسعي حتي أحافظ علي هذه الإمكانات حتي أطول وقت ممكن. * كيف ؟ ** عموما أنا في حياتي إمرأة معتدلة لا أحب المبالغة في أي شئ وأتبني طريقة حياة أو لايف ستايل معتدلا فلا أسرف في الأكل ولا السهر مثلا... كما إنني حريصة علي ممارسة الرياضة.. ليست رياضة محددة حتي لا أصاب بالملل لكن أحيانا تكون الجري وأحيانا التنس وأحيانا كثيرة الإيروبيكس.. أما بالنسبة لصوتي فأنا حريصة علي تلقي تدريبات مستمرة علي يد مدربة محترفة مرة في الأسبوع علي الأقل حتي لايفقد صوتي مرونته وقوته.. وهكذا في كل تفاصيل حياتي. * أنت من الفنانات القليلات اللاتي لم تطلهن الشائعات والخلافات.. كيف إستطعت تحصين نفسك ؟! ** من البداية أحطت نفسي بسياج حتي أحميها من الشائعات والخلافات.. ليس بمعني أنني عزلت نفسي فأنا علاقتي طيبة بكل من حولي لكنني فرضت نوعا من الخصوصية إحترمها الجميع.. وصحيح أنني أتعرض للمشاكل في عملي مثل أي إنسان لكنني لا أضع نفسي في مواقف سيئة من الأصل وذلك لإنني أبتعد عن السيئ من البشر ولا أهاجم أحدا فأنا بطبيعتي مسالمة لكن ليس معني ذلك أنني سلبية أو أنني أتنازل عن حقي.. أبدا لكنني وضعت حدودا يعلمها الجميع. * هل صحيح أنك رفضت القيام ببطولة مسلسل تليفزيوني ؟ نعم هذا صحيح... فأنا لا أشعر أن التمثيل جنتي لذلك لا أعتقد أنني سأقدم فيه شيئا جيدا.. فأنا لي تجربة تمثيلية واحدة عندما شاركت في فيلم سأكتب إسمك علي الرمال إنتاج مصري مغربي وكان ذلك في أول حياتي الفنية ولم أجد نفسي في التمثيل لذلك رفضت عروضا كثيرة منذ بدايتي وحتي الآن. * تعيشين وحيدة منذ فترة طويلة.. هل إتخذت قرارا بعدم الزواج مرة أخري ؟ أنا لا أعيش وحيدة بل أعيش مع إبني شادي الذي أصبح رجلا صغيرا في الخامسة عشر من عمره... وأنا سعيدة جدا بالحياة معه بل إنني قد تعودت عليها حتي أصبح التغيير صعبا.. لكنني طبعا لا أنكر أنني مثل أي إمرأة طبيعية أشعر بالإحتياج إلي الحب وإلي وجود رجل في حياتي لكن هذا الإحتياج لايدفعني إلي الإرتباط بأي رجل والسلام بل يجب أن يكون رجلا بمعني الكلمة والرجولة في نظري هي قدرته علي إحتوائي.. فأنا لم أتخذ قرارا بعدم الزواج مرة أخري لكنني حاليا سعيدة بحياتي إلي أن يجد جديد!
