انت تعبث.. إذن انت موجود, تفسير جديد يمكن ان نطلق عليه إنفلونزا العقول, واعراضه ان تفعل وتقول وتكتب ماتشاء دون أي التزامات وطنية أو اخلاقية ولاحتي دينية. في زمن سابق جري جدل طويل وعميق بين كبار الفنانين حول مقولة الضحك من اجل الضحك, والسبب كان الافتقاد إلي هدف ورسالة واضحة للعمل الفني, وكان علي النجوم ان يأتوا بالمستحيل من المشاهد لانتزاع الضحكات من الجمهور. والآن يتكرر السيناريو ولكن هذه المرة في وسائل الاعلام التي تحاول بجميع الطرق المشروعة وغير المشروعة جذب المزيد من القراء والمشاهدين, مساحات الحرية تتيح للبعض أن يتجاوز في حق الوطن, وتخرج عناوين تقول علي لسان واحد من العابثين علي الإنترنت.. لو لم اكن مصريا.. لارتحت نفسيا. وفي العبارة سخرية قد تأتي بابتسامة صفراء عند استقبالها, وبعدها نتأمل هذا المشهد العبثي بكامله, فالشاب الذي لم يدرك ماعاناه الزعيم مصطفي كامل الذي قاد الحركة الوطنية ومصر تحت الاحتلال وكانت مقولته الشهيرة لو لم اكن مصريا.. لوددت ان اكون مصريا هذا الشاب يحتاج إلي إعادة للتربية الوطنية التي جعلته لايجد مادة للضحك إلا هذه, ولكن الاخطر والاهم ان تتسابق بعض الصحف لنشر تلك الكلمات مؤكدة ان هناك من الشباب من تسابقوا لمبادلة الكلمات بأخري علي نفس المنوال, والسخرية.
وقد نجد من يقول وقد انتفخت اوداجه من كثرة النضال ولماذا لانتعرف علي رؤية الشباب أي كانت.. والمسألة هنا لاترتبط برؤية أو فكر وإنما بإنسان تائه يحتاج لمن يرسله حتي يعود إلي بيته واهله. فهل نقف صامتين وهذا الشاب وامثاله سيكونون تربة خصبة للتطرف ولقمة سائغة للمناضلين الجدد الذين يجدون مئات الصفحات والفضائيات التي تتسابق لنشر افكارهم لمجرد انهم ينشرون العبث دون قيود..
انها إنفلونزا العقول التي نقف في صمت لنتابع اعراضها خوفا من اتهام بالوقوف ضد الحرية والديمقراطية. وإذا كان الامر المؤكد ان الشاب الذي لايريد ان يكون مصريا لايعي مايقول, فإن ناشر كلماته يدرك مايفعله جيدا مع سبق الاصرار والترصد. وإلي الصامتين نقول.. ان ابتسامة اليوم.. ستتحول إلي الدموع غدا أو بعد غد. [email protected]