قبل نحو18 عاما بدأت فكرة الصندوق الاجتماعي للتنمية بهدف مساعدة الطامحين لإقامة مشروعات صغيرة, حيث إقراضهم مبالغ بفائدة أقل من البنوك نظرا للدور التكافلي الاجتماعي لمشروع الصندوق الذي لايعتمد علي الربحية بقدر الوعي بالدور التنموي. ثم تعرض المشروع للترهل, وتحت غبار البيروقراطية نمت الأعشاب الضارة والمتمثلة في وجود وسطاء متربحين يمدون ذراعا الي إصحاب المشاريع واخري الي الصندوق الذي من المفترض ان يكون التعامل معه مباشرة, وهكذا تضاعفت الفائدة من7% إلي نحو16%, فهل تخلي عن دوره الاجتماعي؟! يري سالم ربيع- وهو ما قدامي المقترضين- أن الصندوق تدهور, ويستشهد بتجربته حيث حصل علي قرض لمشروع قائم عبارة عن ورشة بلاط بفائدة9%, ولكن أحد اصدقائه فشل في الحصول علي قرض بنسبة16% لمشروع جديد, فبعد تجهيز الأوراق المطلوبة رفض الطلب بدون إبداء اسباب ويرجع ذلك الي وجود وسطاء يستفيدون من الطرف الأضعف- صاحب المشروع الصغير- وهؤلاء الوسطاء يعنيهم الربح بعيدا عن المسئولية الاجتماعية التي انشئ من اجلها الصندوق. وتساءل مستفيد آخر: أين الدور الاجتماعي للصندوق وقد أصبحت قيمة الفائدة اعلي من فوائد البنوك علي الرغم من تدفق الأموال علي الصندوق كمنح او قروض بنسبة لاتتعدي1% ليعيد الاقراض للشباب بنسبة7% الصندوق عاجز ولكن مسئولا بإحدي الجمعيات الوسيطة يؤكد أهمية الدور الذي يقوم به الوسطاء بعد عجز الصندوق عن تصريف امواله وعدم قدرته علي الوصول الي المستفيد المستهدف ونظرا لحاجة هذه الخدمة الي مصروفات تقوم الجمعية باضافة نسبة ضئيلة فوق نسبة الفائدة المستحقة للصندوق وتختلف هذه النسبة من جمعية لأخري علي حسب انفاقها وحجمها. وتساءل المسئول الذي رفض ذكر اسمه : كيف تتحمل الجمعيات وحدها مشكلة ارتفاع قيمة الفائدة علما بأن الصندوق قد اعطي بعض الجمعيات قروضا بنسبة10,5% ولم يحدد الفائدة النهائية للمستفيد فظهرت النسب المرتفعة وبدلا من تخفيضها بواقع2% بناء علي قرارات رئيس مجلس الوزراء د. أحمد نظيف ارتفعت حتي وصلت الي14%,16% أما الآن فقد تدخلت وزارة التضامن الاجتماعي لتقوم بدور الوسيط بين الصندوق والجمعيات من أجل تقنين الوضع وتحديد الفائدة ويقول مسئول آخر بالجمعية نفسها أن هناك مفارقة تتمثل في حصول بعض الجمعيات علي نوعين من القروض الأول من الصندوق الاجتماعي مباشرة بنسبة10,5% والآخر من وزارة التضامن بنسبة7% وأدي ذلك الي عدم العدالة في توزيع نفس القرض. ويبرر عصام القرشي مدير عام المشروعات الصغيرة أن الوسطاء- سواء البنوك والجمعيات- يوفرون قنوات الأقراض علي مستوي الجمهورية مع خفض التكاليف فهناك29 مركزا و10000 منفذ و4000 جهاز مصرفي و6000 جمعية يتم توجيه اعمالها لخدمة المستفيد النهائي لتبسيط اجراءات القرض في مقابل نسبة ضئيلة والتعامل مع العميل دون تكبد عناء الذهاب للصندوق او ارسال مندوبين اليه وهو ما يكلف الصندوق نفقات هائلة لذلك فان لهذه الجمعيات دورا مهما جدا. ويعترف بأن جميع الجهات الوسيطة تسعي الي الربح والذي يختلف من جهة لأخري حسب سياستها الادارية وقيمتها الاقتصادية. ولكنه يطالب الجمعيات بالالتزام بالتعاقدات المبرمة وألا تزيد نسبة الفائدة الخاصة بكل جمعية علي3% تضاف الي نسبة7% حق الصندوق ثم يضاف2% لشركات التأمين ضد مخاطر الائتمان لتصبح الفائدة النهائية12%. علما بأن شركات التأمين هي التي تضمن استرداد هذه الأموال( الأموال عامة) للصندوق وكانت الجمعية المصرية للتأمين التعاوني اولي هذه الشركات بعدها ثم انشاء4 شركات بواسطة القطاع المصرفي والخاص مع ضرورة التفرقة بين الأوراق التي يقدمها طالب القرض وهي دليل جدية المشروع وبين ضمانات المشروع التي تقدمها شركات التأمين. لتغطية التكاليف ويوضح ان نسبة ال7% التي يتقاضاها الصندوق تغطي اجراءات عمليات الاقراض حيث يتم سداد القرض بفوائد1% للدول المانحة وهناك مصاريف انشاء المراكز والمنافد والعمالة والتدريب. اضافة الي تقديم القرض للمرأة المعيلة بنسبة فائدة صفر% ولذوي الاحتياجات الخاصة بنسبة6% اما المشروعات الاخري فيتم اقراضها بنسبة10%, فقروض الصندوق من الدول الاوروبية ليست منحة كما هو شائع ولكنه قرض يتم سداده بالفوائد ولم ننس الدور الاجتماعي للصندوق والهدف من انشائه فنسبة فائدته تقل عن اي جهة أخري بنحو5% وهناك جمعية رجال الاعمال بالاسكندرية تقرض بفائدة42% ولايوجد بها متعثر. وعلي ادارة الصندوق ان تسعي للحفاظ علي مكانتها الاقتصادية برد القروض مع فوائدها مع الأخذ في الاعتبار مشكلة مخاطر العملة. وكذلك الخدمات المقدمة المالية وغير المالية كالمعارض والمساعدات الفنية والتدريب لذلك قام البنك بالاطمئنان للصندوق ومنحه قرضا لتمويل المشروعات الصغيرة بمبلغ300 مليون دولار. ويعترف بوجود بعض التجاوزات في بعض الجمعيات مطالبا بالتصدي لها بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي المسئول الأول عن تلك الجمعيات حتي يظل الصندوق الاجتماعي قائما بأعماله وتنمية المجتمع نسبة معقولة ويقول مجدي موسي رئيس قطاع الاقراض متناهي الصغر إن مسئول الاقراض الميداني يمكنه التعامل مع200 عميل بحد أقصي ولذلك يحتاج الصندوق لآلاف العاملين وهنا تظهر اهمية دور الجمعيات وتعتبر نسبة16% ليست كبيرة لأنها تغطي فقط تكاليف عمل الجمعية علما بأنه يحظر علي الجمعية تحقيق أي ارباح وتوزيعها بالقانون84 لسنة2003 وأن أي فائض يضاف الي رصيد محفظة قروضه ليتيح للجمعية التوسع حتي يمكنها تقديم قروض قليلة الفائدة حيث بدأت لكثير من الجمعيات بعملاء محدودين ولديها الآن أكثر من50 ألف عميل نشط وعلي كل جمعية تقديم مستندين الأول التقرير الفني الذي يشمل اعمالها خلال العام الماضي والثاني تقرير مالي بالايرادات والمصروفات ومراجع من محاسبين قانونيين وينفي ان يكون الصندوق عاجزا عن تصريف امواله ولكن الجمعيات تعاون الصندوق في فتح منافد لتمويل المستفيدين الجدد واعطاء الفرصة للصندوق للسيطرة علي حجم العمل علما بأن الصندوق لايهمل التعامل المباشر مع الفئات المستهدفة وخاصة اصحاب المخاطر العالية مثل المناطق المنكوبة( سيول اسوانوسيناء مثلا) وقد وصل عدد عملاء الصندوق الاجتماعي الي مليون و900 الف مواطن تم التعامل معهم علي فوائد الجمعيات16% وبالرغم من ذلك فالاعداد في زيادة مستمرة. إجراءات صارمة ويقول اللواء عبد الحكيم حمودة مستشار وزارة التضامن الاجتماعي ورئيس مشروع دعم وتمويل الأسر المنتجة بالتعاون مع الصندوق الاجتماعي أنه يجب اتخاذ كل التدابير الواجبة للحفاظ علي اموال الصندوق حيث يتم الاستعلام عن الجمعية التي تحصل علي قروض من الصندوق الاجتماعي لتعيد هي اقراضه للمواطنين تم نقوم بتدريب كوادرها بعد ذلك نتابع عملية إنفاقها فاذا ثبت عدم وجود هيكل وظيفي او تأرجح في الموقف المالي وعدم خبرة في التعامل مع الأسر المنتجة يتم اتخاد قرار بعدم التعامل معها. ويضيف ان هناك بعض التلاعب في بعض الجمعيات ولكننا بدورنا نقوم بكشفه من خلال التفتيش العشوائي والميداني وعندما تثبت الادانة يتم سحب الاسناد وقد حدث من قبل وتدخل وزير التضامن د. علي المصيلحي وقام بعزل عدد من رؤساء مجالس ادارات هذه الجمعيات ويقول محمد رشوان مدير المشروعات أنه تم انشاء مشروع دعم وتمويل الأسر المنتجة بوزارة التضامن الاجتماعي مباشرة بالتعاون مع الصندوق الاجتماعي عام2007 وبقيمة23 مليون جنيه ومن خلال الوزارة يتم التعامل مع26 الف جمعية اهلية تشارك بالفعل في عملية التنمية وخاصة اذا ما تم وضع اطار واضح وتحديد خط التعامل معها وكذلك تعاملها مع المستفيدين باقل نسبة فائدة ممكنه لتعظيم النفع العام. ويضيف انه كان متبعا في السابق عمل مبادرات فردية بين الصندوق والجمعيات بعقود غير ملزمة للجمعيات بتحديد نسبة فوائدها. أما الآن فيوجد بروتوكول تعاون بين الصندوق والوزارة يتم الحصول من خلاله علي الأموال من الصندوق واقراضها للجمعيات بفائدة7% علي أن تقوم الجمعيات باقراض المستفيدين بنسبة8% ليكون الفرق1% كمصاريف ادارية. وكذلك يستخدم جزء منه ضد مخاطر الائتمان عندما يتعثر أحد المشروعات اما الدور الذي نقوم به من خلال المؤسسة القومية لتنمية الاسر والمجتمع فهو اجتماعي غير هادف للربح وتقوم الوزارة بدعمنا ماديا اضافة الي منحة من الصندوق مخصصة للمصروفات الادارية والتدريب والتسويق حيث لا يوجد عميل جيد وآخر سيئ ولكن هناك قرضا جيدا وقرضا سيئا والجيد هو الذي يستوفي ضماناته وشروطه ومتابعته. ويوضح ان جميع الحركات المالية للجمعيات محكومة بسجلات مالية ورقابة تامة. وأن الخلل يحدث نتيجة للتعاقدات السابقة التي تركت لكل جمعية حرية تحديد نسبة فوائدها. اما ما يحدث الآن فهو وفقا للتوجيهات التي تراعي الابعاد الاجتماعية وهذا ما دفع وزير التضامن الدعم المؤسسة والمشروع بخمسة ملايين جنيه من الصندوق المركزي لاغاثة الجمعيات من أجل اقراضه والاستفادة من فوائده الاجتماعية والتنموية اولا ثم المالية فانخفاض نسبة الفائدة علي المقترض تسهل عليه عملية التسديد ويتم استرداد مبلغ القرض كاملا مع انعدام حالات التعثر. إلغاء الوسطاء ويطالب الدكتور سامي نجيب أستاذ التمويل بكلية التجارة بجامعة بني سويف بإلغاء دور هذه الجمعيات ليكون التعامل مباشرة مع الصندوق الاجتماعي. حتي وان كان الأمر مكلفا بعض الشيء كبناء مقار وفروع للصندوق بجميع انحاء الجمهورية ولكن تعد هذه البنايات من الاصول الثابتة للصندوق فيما بعد, فالحصول علي القرض مباشرة يخفض نسبة الفوائد- أما بخصوص. وسيط التأمين علي سداد القرض فيجب ان يكون بدون ربح أيضا فهناك ما يسمي بالتأمين الاجتماعي لأن خدمات البنوك تتكامل مع خدمات التأمين وان كان لابد من وجود هذه الشركات فيتم تحديد نسبة مصاريفها بدون بذخ ولن تتعدي نسبة1%. غياب دور الدولة ويتفق مع الرأي السابق الدكتور أسامة الانصاري استاذ التمويل بكلية التجارة بجامعة القاهرة مؤكدا أن الاساس هو عدم وجود وسطاء فالوسيط بدوره يحتاج الي مصروفات تحمل علي عاتق المستفيد النهائي وعادة ما يكون شابا في مقتبل العمر او امرأة معيلة او اسرة فقيرة وقد انشئ الصندوق بهدف اعانتهم فاذا كانت هذه الاموال قرضا من الدول بنسبة1% فلماذا لا تقوم الدولة بدعم المشروع والانفاق علي الصندوق من ميزانيتها ويقدم القرض بنفس فائدته الاصلية بدلا من غياب دور الحكومة ويتضح من ذلك ان هناك اسلوب غير ناجح للادارة ومهما كان التروية باجتماعية الصندوق فهذا كلام غير واقعي فكل المؤسسات تهدف الي الربح بما في ذلك الصندوق الاجتماعي. تقليل الضمانات ويري الدكتور منصور مغاوري استاذ الاقتصاد بالمركز القومي للبحوث ان الصندوق يغالي في طلب الضمانات مما يفتح الباب لدخول تلك الجمعيات من أجل تقليل الضمانات وتحملها في مقابل دفع المزيد من الفوائد وهذا ما حدث لشركات التأمين ضد مخاطر الائتمان فلماذا لايتم تسهيل الاقتراض وخاصة اننا نتعامل مع شباب مقبل علي الحياة العملية ويجب ألا نثقل كاهله بالفوائد ومن ثم الديون والتهديد بالسجن في حالة التعثر واذا ما ظل الوضع كما هو سوف تتبدد اموال الصندوق لزيادة حالات التعثر كما حدث لكثير من الأسر بجنوب سيناء حيث قام الصندوق منذ فترة بالتنازل عن عدد110 قضايا محكوم علي اصحابها بالسجن لتعثرهم في دفع مديونية الصندوق والاخطر من هذا و ذاك حدوث خلل في عمليات التنمية الاجتماعية والاقتصادية وزيادة بنسبة البطالة وخلق جيل ضائع. الشوري ينتقد الجمعيات الأهلية وتنتقد الدكتورة يمن الحماقي وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشوري دور هذه الجمعيات مؤكدة أهمية العامل الاقتصادي لكل جمعية فبدون الاموال لايمكن تقديم خدمات اجتماعية للمواطنين ويجب ان تكون العملية محسوبة مع تفضيل المسألة الاجتماعية علي المسألة الربحية وخاصة في المشاريع القومية مثل مشروع الصندوق الاجتماعي فهناك خلل في تقديم الخدمة للمستفيدين وخاصة اسعار الفائدة المتباين لنفس الشريحة حيث يقترض الأخان قرضين بقيمة واحدة وبنفس الشروط ولكن تختلف نسبة الفائدة وكلتاهما مرتفعة وغير مصرح بها في وسائل الاعلام او نشرات الصندوق الاجتماعي فيكف تصل النسبة في بعض الجمعيات الي20%. وتضيف ان مجلس الشوري انتقد في ابريل الماضي هذه الجمعيات حيث كلفها السيد صفوت الشريف رئيس المجلس بدراسة القضية وابداء التوصيات. وتقول إنها عقدت لقاء مع الأمين العام للصندوق الدكتور هاني سيف النصر بحضور عدد من اعضاء اللجنة الاقتصادية واعضاء مجلس الشوري لدراسة مستفيضة لتحديد تكاليف اداء الخدمات والقروض وسعر الفائدة ودور الجمعيات الاهلية من أجل الحفاظ علي الدور الاجتماعي الاصيل للصندوق.