في الكتاب النادر تاريخ الاستشراق وسياسته يحوي مؤلف كاري لوقمان الخلاف علي تفسير معني الشرق الاوسط ويتحدث كثيرا عن مستودعات الافكار وثرثرة الاعلام يقول هناك ثمن يتعين دفعه مقابل الفجوة التي انفتحت بين عالم البحث في الشرق الاوسط وعالم صناع السياسة لأنه إذا كان كثير من الاكاديميين العاملين في الكليات والجامعات لم يعودوا يشاركون في رؤية العالم السائدة في واشنطن.. انهم لم يعوددا يشعرون بالحاجة إلي تشكيل برامجهم البحثية بحيث تكون ذات أهمية للسياسات المتبعة النابعة من رؤية العالم هذه.. فإن هناك آخرين يقفون علي أتم استعداد لتلبية الطلب علي المعرفة التي تخدم الدولة. كثير من هؤلاء لا يعملون في مؤسسات التعليم العالي ولكنهم مجموعات يعملون فيما يسمونه مستودعات الأفكارTHinktanks التي انتشرت كثيرا بعد سبعينيات القرن الماضي.. مؤسسات ذات تمويل خاص موجه إلي انتاج ونشر معرفة مصممة لتزويد السياسة العامة بالمعرفة.. بل والتأثير عليها كل ذلك من أجل خدمة السياسة الخارجية العامة. والحديث عن مستودعات الافكار حديث طويل له جذور.. مثلا عندما أنشئت منحة كارينجي للسلام الدولي في عام1910 لتشجيع التعاون الدولي بينما أسس مجلس العلاقات الخارجية والذي يصدر مجلة واسعة التأثير الشئون الخارجيةForienRelation كنوع من ناد لتناول العشاء للصفوة.. وأقيمت مؤسسة بروكينجز الليبرالية في عام1927 بدعم مالي من كارينيجي وروكفلر وانشئ معهد المشروع الامريكي المحافظ في عام1943 وذلك من أجل تشجيع حكومة محدودة المسئوليات والمشروع الحر وسياسة خارجية قوية ودفاع قومي وبعد الحرب العالمية الثانية والتي مازالت تحكمنا نتائجها من اختراعات للمعرفة والتحكم.. أجهزة انترنت وموبايل الان لتوحد تفكير العالم الامريكي للتحكم تحت عدة مسميات اهمها نقط الارهاب.. ونقط ازمات الشرق الاوسط! بعد الحرب العالمية دخل المجال مقاولون كبار مثل شركة راند الضخمة لانتاج وتمويل أبحاث للجيش والمخابرات وكل الوكالات الحكومية المعنية بالسياسة الخارجية.. وشهدت موجة جديدة بدأت منذ الستينيات باقامة عدد كبير مما اسموه مستودعات الافكار الحامية والتي تخلق حججا للدفاع عن سياسة ما مثل مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومؤسسات التراث وكذلك معهد كاتو والتي تجمع بين البحث في السياسة وتقنيات التسويق الشرس. إنها تفاضل لتضمن التمويل والنفوذ في سوق متزايدة التنافسية. وهناك أيضا مؤسسات قائمة علي هيبة شخصية مثل مركز كارتر في اتلانتا ومركز نيكسون للسلام والحرية في واشنطن العاصمة. وفي نهاية القرن العشرين كان هناك ما يقدر بألفي منظمة تعمل في تحليل السياسة في الولاياتالمتحدة تركز نسبة معتبرة منها علي السياسة الخارجية والعلاقات الدولية. وشهدت السبعينيات أيضا ما أسموه جيلا جديدا من مدارس الدراسات العليا المحترفة في السياسة العامة يذهب كثير من خريجيها للعمل في مستودعات الأفكار بهدف التأثير السياسي في الكليات والجامعات. وفي مجال الشرق الأوسط كانت الدراسات هامشية حتي الثمانينيات.. لكن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط قد وصف نفسه بأنه مؤسسة تعليمية عامة مكرسة للبحث والجدل العلمي بشأن مصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية في الشرق الأوسط.. كمستودع أفكار قيادي وموال لإسرائيل في واشنطن وقد عمل مديره المؤسس مارتن اندياك قبل ذلك في الشئون العامة الأمريكية الاسرائيلية أيباك والتي أقيمت عام1959 وأصبحت في السبعينيات المنظمة الأولي بمراحل في التمويل والانتشار والتأثير داخل اللوبي الموالي لإسرائيل. هناك من فسر بأن الشرق الأوسط هو الارهاب وكيف تتم محاربة هذا الارهاب.. بالارهاب أيضا.. لقد عززت معاداة نزعة القومية العربية في الخمسينيات والستينيات مكانة قادة مثل عبد الناصر.. ونزعت المصداقية عن النظم المؤيدة للولايات المتحدة.. وولدت إطاحة المخابرات المركزية الأمريكية بحكومة إيران البرلمانية في1953.. واحتضان واشنطن القومي للشاة. شعور واسع الانتشار معادي لأمريكا وساعدا في اعداد المسرح لسقوط الشاه ووصول نظام ثوري بشكل صارخ.. صاخب للولايات المتحدة إلي السلطة بعد ربع قرن.. وأتاح تدعيم القوات الاسلامية المتطرفة التي حاربت السوفيت في أفغانستان.. مقترنا بعدم المبالاة بتفكك البلد بمجرد انسحاب السوفيت واستيلاء طالبان علي السلطة.. وساعدت في إنشاء الجماعات والشبكات التي انتجت القاعدة في التسعينيات.. وأكد تدعيم الولاياتالمتحدة لصدام حسين في حرب العدوان علي ايران في الثمانينيات المسرح لاحتلال العراق للكويت عام1990 وما تلا ذلك. وان بعض السياسيين المعلنين هم انفسهم الذين دقوا طبول الحرب ضد العراق بشكل صاخب.. بدأوا بالفعل خلال أيام من غزو الولاياتالمتحدة للعراق في المطالبة بالتحرك ضد كل من سوريا وايران هي التي ردد موظفو إدارة بوش صداها بشكل أضعف قليلا ويجييء سؤال: ماذا علينا أن نسأل! ليس علينا أن نسأل.. ولكن علينا أن نقرأ.. ونفكر من خلال مؤسسات فكر!!.