رغم الصخب الدائر الآن في تركيا بشأن مشاكل الحياة السياسية التي لا تتوقف, إلا أن حدثا مثيرا أوقف مؤقتا صراع الأحزاب استعدادا للاستفتاء علي التعديلات الدستورية الشهر بعد القادم لينقلها إلي حدث مثير بيد أنه زاد من سخونة الاجواء بالإضافة إلي أنه نكأ جراح وأعاد مواجع إلي السطح. فالمطربة الامريكية اللاتينية الاصل' جنيفر لوبيز' ألغت حفلها المرتقب والذي كان سيقام يوم السادس عشر من يوليو الحالي في الجزء الشمالي من الجزيرة القبرصية المقسمة منذ عام1974 والذي يسكنه القبارصة الاتراك احتفالا بافتتاح واحد من الفنادق الفخمة. ولم يكن الإلغاء في حد ذاته هو الذي ازعج واشعل غضب الاتراك هنا في الأناضول وإنما في الاسباب التي ساقتها المطرية الشهيرة فعلي حسب ما جاء في موقعها الالكتروني منسوبا لها, قالت لوبيز انها لا تقبل أبدا أن تغني في مجتمع يقهر النساء وينتهك حرية الانسان, ومرد ذلك كما قالت الميديا سواء في اسطنبول أو قبرص الشمالية ان لوبيز بدا عليها الجهل الفاضح, لأنها لم تفرق بين شمال قبرص وأفغانستان فالقاصي والداني من العالم حتي وإن لم يعترف بشمال قبرص إلا أنهم جميعا علي قناعة في بأن هذا المكان الذي يفصله عن السواحل التركية بالجنوب70 ميلا فقط, بعيد كل البعد عن اضطهاد المرأة أو قهر حرية التعبير. وكان عليها أن تذكر الحقيقة وهي أنها خافت علي حياتها وحياة أولادها وهذا حق مشروع من خطابات التهديد والتي وصل عددها إلي ما يزيد علي السبعة آلاف. وبالأمس بدت كل الصحف إسلامية وعلمانية في حالة صدمة فعلي حد المتحدث باسم الخارجية التركيةBurakOzigergn بوراك أوزجردين لقد نجح اللوبي الأرميني في مخططه بالضغط والإرهاب, حزب العدالة والتنمية الحاكم لم يفوت الحادث معتبرا أنه معيب ومخجل ومن خلال نائبته عن مدينة اسطنبول إنجي كار قالت إن العيب ليس فيها ولكن علي الذين أعطوها قيمة, ومضت قائلة كان الأولي ان تنفق الثلاثة ملايين دولار التي كانت ستحصل عليها لوبيز علي دعوة العقول التي تفكر وليس علي من يهزون اردافهم العارية وفي مدينة أزمير المطلة علي بحر إيجه الفاصل بين تركيا واليونان, قال نائب عن حزب الحركة القومية اليميني أن لوبيز أقحمت السياسة في الفن بشكل غير مبرر واصفا ما قالته بأنه تحقير للقومية التركية ونضالها الطويل لتكريس حقوق النساء في عموم البلاد. أما في الجزيرة المقسمة فقد تهللت أسارير أهل الجنوب المعترف بهم من قبل العالم, والمنعوتين بالروم طبقا لوصف الاتراك, وكتبت صحفها في صفحاتها الأولي لوبيز لن تغني في ارضنا المحتلة, في المقابل بدت هناك خيبة أمل في شمال قبرص الذي اعد العدة لإستقبال المطربة كرؤساء دول. فوزير المالية بهذا الشطر( جمهورية شمال قبرص التركية والتي لا تعترف بها سوي أنقرة) أرسين تتارTararErsin كان مفترضا أن يكون علي رأس مستقبليها, والفندق نفسه حجز لها جناحا علي مساحة700 لها ولابنيها الاثنين وزوجها المطرب مارك أنطونيو, فضلا علي تلال من ورود الياسمين التي تهواها لوبيز, بالاضافة إلي غرف للطباخين الذين سيأتون معها لإعداد الطعام الخاص بها, كما تم اعداد فريق أمني مدرب لمرافقتها وحمايتها طوال مدة إقامتها وحتي مغادراتها, وتكريما لها كان سيحتفل بها في مناسبة خاصة بعيد ميلادها الحادي والاربعين, صحيح أن القائمين علي الفندق قرروا إقامة دعوي قضائية ضد المطربة ومطالبتها بتعويض للاضرار المادية والمعنوية التي تسببت فيها خاصة أنها قبلت المجيء بطريقة لا لبس فيها, إلا أن شعورا بالخسارة مازال طاغيا بيد أن الواقعة جاءت في سياق تكريس الحصار علي القبارصة الاتراك, وكانت هناك آمال في أن يصبح وجود لوبيز بمثابة رسالة إلي اركان المعمورة لوضع حد للغبن وسياسة العزلة المفروضة علي ثلث الجزيرة القبرصية. ومن جانبه أكد وزير السياحة القبرصي الشماليKemalDirist كمال دورست) أن الحاصل يقدم دليلا قاطعا علي ان قبرص الجنوبية لا تريد السلام!! والقصة ليتها توقفت عند هذا الحد, فقد اعادت للاذهان حكاية مماثلة وان اختلفت في التفاصيل, فتركيا في كل مرة, خلال العقدين الماضيين, والذي تبدي فيها موافقتها علي تصوير فيلم أجنبي يتناول حياة مؤسسها مصطفي كمال أتاتورك, إلا أنها تفاجأ بإلغاء المشروع برمته, والسبب اعتذار المرشحين عن القيام بدور الغازي أتاتورك1880 1938 رغم أنهم ابدوا موافقتهم وحماسهم في البداية لكن تهديدات ما يطلق عليهم' شهداء الأرمن بالقتل يجعلهم ينسحبون وهذا ما حدث مع عمرالشريف والاسباني أنطونيو بندرياس.