لم أندهش من صحيفة واشنطن بوست الأمريكية التي تبنت في عددها الصادر أمس موقفا مناهضا للقرار المصري باعتبار الإخوان جماعة إرهابية, وطالبت الإدارة الأمريكية باتخاذ مواقف أكثر تشددا تجاه مصر, لأننا تعودنا هذه الغطرسة الأمريكية. وهذا التوجهيكاد ينسحب علي كل الصحف الغربية التي لا تزال لا تعترف بثورة مصر التي أطاحتبنظام فاشي كان عميلا للغرب, وبالتالي كان طبيعيا أن تتخذ هذه الصحف مواقفا غير موضوعية من الأحداث في مصر, وهو ما يعكس ازدواجية في المعايير التي بدت عليها النظم الغربية, خصوصا الإدارة الأمريكية في التعاطي مع الثورة المصرية. ولا أدري كيف كانت الواشنطن بوست تتعامل صحفيا إذا تعرضت بعض المدن الأمريكيةلتفجيرات مروعة مثل التي وقعتقبل أيام بالمنصورة وتقع يوميا في سيناء أو ماذا ستكتب إذاقامبعض طلاب جامعات الولاياتالمتحدة بتعطيل الدراسة والاعتداء علي المدرسين أو نزلت مجموعات مسلحة إلي شوارع المدن الأمريكية وقطعت الطرق, وروعت المواطنين؟ المؤكد أن الإدارة الأمريكية ستقوم علي الفور بوصف هذه الأحداث بأنها إرهاب وسوف تلقي القبض علي كل من يشتبه به, بل وستلقي بالاتهامات علي كل من له علاقة أو لا يمت بصلة لهذه الأفعال. وتذكر الواشنطن بوست ماذا فعلت أمريكا عندما تعرضت لتفجيرات برج التجارة العالمي.. قامت بحربين ضد العراق وأفغانستان دون دليل أو برهان, واعتقلت الآلاف الذين لا يزالون في المعتقلات دون تحقيق, ثم تأتي اليوم بلا خجل وتتحدث عن أن مصر بإعلانها الإخوان منظمة إرهابية قد تخلت عن طريق الديمقراطية وتمادت في هجومها بكل تبجح لتقول: إن هذا الإجراء يمثل الانتكاسة الأكثر ضررا.!! والمثير للسخرية أن الصحيفة وصلت بها الغطرسة إلي أنها اعتبرت قرار تجميد أموال الجمعيات التابعة للإخوان سيضر بالفقراء الذين يعتمدون علي خدمات هذه الجمعيات, وكأنها أحرص علي المواطنين المصريين من الحكومة التي اتخذت القرار, وفي مغالطةمهنية مفضوحة لم تذكر الصحيفة أن القرار الخاص بالجمعيات لم يتضمن وقف النشاط, بل حرص علي استمرار عمل هذه الجمعيات في خدماتها من خلال لجان فنية تتولي إدارتها بما لا يسبب ضررا للمستفيدين, كما أن الصحيفة وقعت في سقطة أخري حينما تجاهلت أن التحقيقات كشفت أن هناك138 فرعا للجمعية الشرعية تعمل في السياسة لمصلحة الإخوان ولديها مخطط ضد الدولة.. فهل تقبل أمريكا أن تكون لديها جمعيات تعمل ضد الدولة وتتخفي تحت ستار الأعمال الخيرية؟! يقينا.. إن مصر حينما تتخذ قرارا لا يعنيها أنه يروق لأمريكا أو لا, بل تتخذه من منطلق المصلحة القومية فقط, أما الذين يدعون أنهم أنصار الديمقرطية, وحماة الحرية في العالم, فقد سقطت أقنعتهم عندما حرموا الإرهاب عندهم وأحلوه عند غيرهم.. فقط لأن فيه مصلحتهم. تسقط حرية أمريكا.. [email protected]