كثير منا ما يصيبه الهم أو الكرب وتضيق بوجهه الحياة ولا يجد مفرا من المعاناة والقلق والتوتر وألم النفس.. نتيجة حالة نفسية شائعة حيث تكثر المؤثرات في عصرنا هذا من ضغوط عديدة ولعل ما تعانيه مصر الآن يعد كربا وعلي كل المصريين أن يدعوا الله أن يفرج كربهم ولكن بأداء الواجبات والبحث الشرعي عن الحقوق واستغفار الله وطلب تفريج ما يعانونه من كرب. إن ديننا الحنيف لم يهمل أمرا من أمور الدنيا ولم يترك داء إلا وقدم له الدواء وأكد ذلك رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم بقوله :( من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب).. وفي مسند الإمام أحمد عن ابن مسعود عن النبي صلي الله عليه وسلم قال:( ما أصاب عبدا منا هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك, عدل في قضاؤك, أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك, أو أنزلته في كتابك, أو علمته أحدا من خلقك, أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي, ونور صدري, وجلاء حزني, وذهاب همي. إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحا). ويعرف الشيخ محمد توفيق من علماء الأزهر الكرب أو الغم والهم بأنه فقدان الأمل في غد وعدم القدرة علي أداء الواجب أو أداء الحق أو أداء ما علينا من متطلبات وأن بعض الناس يحملون هموما ولا يعلمون أين المخرج, وأن هناك أيضا من يكسوه الغم وعندما تسأله يجيب بأنه ليس لديه أمل فهو لا يري الأمل في حياته..( ويري توفيق أن الذي دعا للهموم والكروب أننا أصبحنا في ازدواجية وهذا ما يجعلنا في اضطراب وغم دائمين,.. ويتساءل هل نحن تحت ستار الدين ونعمل به أم أننا في مجال السياسة وليس لدينا القدرة علي العمل بها؟.. فإذا كنا نعيش في حضن مصر ونشعر أننا مشتاقون لها وإذا كنا نعيش متآخيين فيها ونشعر أننا في غربة اذن: العيب ليس في مصر ولكن العيب فينا, لاننا خلطنا الأوراق ودخلنا في السياسة تحت ستار الدين. ولكي نخرج منها نتبع قول رسول الله صلي الله عليه وسلم رحم الله امرءا عرف قدر نفسه وانا اعرف حدودي علي الأقل دينية فلن أدخل في متاهة: فالدين يقول الموفون بالعهد, أما السياسة فليس فيها وفاء بالعهد في بعض الأحوال.. والدين: هو الصدق والالتزام: هو الصدق والالتزام بالكلمة في كل الأحوال. ويقول الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق إذا شعرت بأن الحياة أظلمت في وجهك, ومل من شكواك القريب والبعيد, ولم تجد السلوي ولا الراحة في كل القلوب فإن للاستغفار فوائد عظيمة, يقول الله عز وجل: إن أحب عبادي إلي المتحابون بحبي والمتعلقة قلوبهم بالمساجد والمستغفرون بالأسحار, أولئك الذين إذا ألمت بأهل الأرض عقوبة ذكرتهم فتركتهم وصرفت العقوبة عنهم.., وقال العلامة البوني: إذا أردت استعمال اسمه تعالي اللطيف فصل ركعتين بالفاتحة وألم نشرح في جوف الليل واقرأ هذا الاسم العظيم بحضور القلب وخشوع ووجل من الله. فالاستغفار وسيلة من الوسائل التي يمكن للعبد أن يستعملها لتحقيق مطلوبه مثلا لإنزال المطر واستجلاب الرزق أو الذرية أو القوة أو الصبر علي ابتلاء أو الحصول علي مغفرة للذنوب, وتفريج الكروب, والخروج من الهموم والأزمات. وقد أوصي علماء الاسلام بالاستغفار لزوال الهم والكرب فسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالي عن قوله: ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم والليلة سبعين مرة: هل المراد ذكر الاستغفار باللفظ أو أنه إذا استغفر ينوي بالقلب أن لا يعود إلي الذنب؟ فأجاب: الحمد لله, بل المراد الاستغفار بالقلب مع اللسان, فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له كما في الحديث الآخر: لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغير مع الإصرار, وعن جعفر بن محمد بن علي الحسين قال لما قال له سفيان: لا أقوم حتي تحدثني قال جعفر: أما إني أحدثك وما كثرة الحديث لك بخير يا سفيان, إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقاءها ودوامها, فأكثر من الحمد والشكر عليها, فإن الله عز وجل قال في كتابه:( لئن شكرتم لأزيدنكم), وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار, فإن الله عز وجل قال في كتابه:( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) سورة نوح, في الآخرة يا سفيان إذا حزبك أمر من سلطان أو غيره فأكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله, فإنها مفتاح الفرج وكنز من كنوز الجنة. رابط دائم :