من يدقق في سلوك العنف الذي بدت عليه طالبات الازهر لن يجد معاناة في التحليل أو مشقة في الرصد حيث سيكتشف أن التطرف الفكري عندهن تحول إلي جهاد عقدي, تحركه دوافع دينية مغلوطة, ونوازع انتقامية مضلله, كما أن التشدد والجرأة والتحدي في مجابهة السلطات يعكس تحولا في شخصية الفتاة المصرية يحتاج الي دراسة اجتماعية ترصد جذور هذه التحولات, وتتلمس اصولها ومنابعها بعد ان اصبحت تشكل خطرا مجتمعيا قد يتسع ويتزايد شرره في المجتمع, إذ ان هؤلاء الفتيات هن امهات المستقبل وتقع عليهن مسئولية اعداد جيل جديد يفترض ان يتربي علي قيم الدين الصحيح, والوسطية السمحاء, لا التطرف والبغضاء. اللافت ايضا ان اكثر الفتيات تشددا وتطرفا في هذه الأحداث التي تشتعل بها جامعة الازهر طالبات الفرق الاولي, وهو ما يعكس عدة حقائق تحتاج إلي رصد وتحليل في مقدمتها: ان هذا التطرف تشكل في رحم المعاهد الأزهرية, وهي المرحلة التعليمية السابقة للجامعة ويبدوا انها تحولت الي حاضنات لتفريخ الغلو, والي معامل لغرس الكراهية, وبالتالي لا بد من البحث عن الية لتطهير منابع التطرف, ومراجعة المناهج التعليمية التي يتم تدريسها للتأكد من انها تعلي قيم وسماحة الاسلام, كما ان الملاحظة الجديرة بالاهتمام ايضا ان هؤلاء الفتيات قادمات من الاقاليم والقري الفقيرة التي ترزح تحت الجهل والفقر, وبالتالي اصبحن صيدا ثمينا للمتطرفين الذين نجحوا في استقطابهن واقناعهن بالافكار المتطرفة, وغرسوا في نفوسهن نوازع الانتقام من السلطات, وقد وصلت عملية التغييب الذهني لهن الي حد اقناعهن بأكاذيب مثل ان ما يقمن به جهاد ضد مجتمع كافر, وان السلطات الحالية في البلاد اطاحت بحكم اسلامي ليأتوا بسلطة علمانية ضد الدين. بالامس مثلا واثناء اصابة احد الجنود امام المدينة الجامعية للفتيات بجامعة الازهر, انخرطت الطالبات في هتاف محموم ب الله اكبر وكأنه فتح وانتصار علي عدو, ومن ثم فان هذا السلوك يعكس قناعات, وعقيدة راسخة, تتجاوز الشكل الظاهري الذي يرجعه البعض الي دوافع سياسية تتعلق بثورة30 يونيو وماترتب عليها. إذن نحن امام حالة خاصة, وظاهرة تستحق الدراسة قبل ان يستفحل خطرها ويتصاعد شررها. رابط دائم :