أشرنا في مقال سابق إلي الموقف الذي اتخذته سلسلة صالات العرض الفرنسية المعروفة باسم يوتوبيا عندما أجلت عرض فيلم إسرائيلي كان من المفترض عرضه في صالاتها من بعد أحداث قافلة الحرية التي هاجمتها القوات الإسرائيلية في عرض المياه الدولية وقتلت منها عددا من نشطاء فك الحصار المفروض علي غزة. فقد قررت إدارة صالات العرض عرض فيلم تسجيلي من إخراج المخرجة الفرنسية الإسرائيلية من أصل مغربي سيمون بيتون عن ناشطة السلام الأمريكية راشيل خوري التي ماتت تحت البلدوزرات الإسرائيلية في قطاع غزة عندما حاولت منعهم من هدم بيت لأحد سكان القطاع. أول ردود الأفعال جاءت من سبعة اتحادات لسينمائيين فرنسا( كتاب سيناريو تصوير....) ضد الموقف الذي اتخذته صالات عرض( يوتوبيا) وذلك من خلال بيان تطالب فيه بالرجوع عن هذا القرار الذي وصفته صالات يوتوبيا بأنه قرار أخلاقي وأعلن البيان المشترك للسبعة اتحادات سينمائية بأنها كانت مندهشة من بعد سمعها للقرار ضد الفيلم الإسرائيلي, ووصفت القرار بأنه عملية احتجاز رهائن ثقافية وأن جنسية أي فيلم لا علاقة له بسلوك دولته. في نفس الوقت خرج وزير الثقافة الفرنسي فردريك ميتران عن دهشته و عدم موافقته علي قرار مقاطعة الفيلم الإسرائيلي, مصرحا بأن حرية التعبير تفسح المجال للكثير من النقاش والجدل, وأنه لايمكن لأحد أن يعيق حرية التعبير تلك لأي سبب من الأسباب.. مشيرا أن صالات سينما يوتوبيا تحصل علي دعم من الدولة لكونها صالات عرض الأفلام الفنية الرفيعة, حيث يقدر ما حصلت عليه العام الماضي من مساعدات وصلت إلي295 ألف يورو وقد لمح البعض الي أن صالات سينما يوتوبياوالقائمين عليها ينتمون للتيار اليساري المعادي لحركة العولمة والتابع للزعيم موريس بوفيه محاولين بهذا عبر هذا تبرير موقفها الذي اتخذته من بعد قيام إسرائيل بعملها الاجرامي. الأكثر من هذا حفلت العديد من الصحف الفرنسية والتي منها صحف مرموقة مثل لوموند بالهجوم علي المخرج الإنجليزي كين لوتش وذلك لموقفه ضد إسرائيل, حيث رفض مؤخرا عرض فيلمه الأخير في مهرجان مالبورن في أستراليا وذلك لوجود فيلم إسرائيلي تم دعم سفر مخرجته من قبل السلطات الإسرائيلية, وكلنا نذكر موقف كين لوتش في مهرجان تورنتو العام الماضي عندما رفض المشاركة هو والعديد من السينمائيين في فعاليات المهرجان لاحتفاء المهرجان بمدينة تل أبيب وعرض العديد من الأفلام التسجيلية التي مولها صندوق السياحة في إسرائيل. وقد اتهمه المقال المنشور بجريدة لوموند بالنفاق لكونه دائم المشاركة في مهرجان كان السينمائي بالرغم من مشاركة العديد من الأفلام الإسرائيليلة وسفر مخرجيها علي حساب وزارة الثقافة الإسرائيلية لكان سنويا, وبرر المقال ذلك بأن لوتش لايستطيع مقاطعة مهرجان كان لأنه مهرجان كبير( سبق له الفوز بعدة جوائز فيه بما فيها السعفة الذهبية) ولكنه يأخذ مواقف ضد المهرجانات الصغيرة. كل ردود الفعل تلك توضح أنه من الصعب أن تتكلم وتعلن عن رأيك في دولة إسرائيل في الغرب, وألا سيطلق عليك زبانية الإعلام الموالي للصهيونية وقد تتهم بالمعاداة للسامية وهي تهمة تؤدي للسجن في كل أوربا وبالتحديد فرنسا بل أن وزير الثقافة الفرنسي يهدد بشكل غير مباشر بقطع المعونات عن صالات عرض يوتوبيا لموقفها من الفيلم الإسرائيلي بالرغم من إعلانها أن الفيلم منع شهر يونيو فقط وسيعاد عرضه خلال شهر يوليو. بل أن اتحادات السينمائيين وصفت موقف يوتوبيا بأنه عملية أخذ رهائن ثقافية دون النظر الي عملية أخذ الرهائن الفعلية التي تمارسها إسرائيل مع قطاع غزة بأكمله حيث يحاصر شعب بأكمله ضد كل الاتفاقيات الدولية, بل أن الوزير فردريك ميتران يقول أن جنسية المخرج أو الفيلم لاعلاقة لها بما تفعله دولته في معترك السياسة, وهو أمر غير مقبول وإلا كان علي الجميع قبول أفلام جنوب أفريقيا في فترة العنصرية, بل أني أوافقه في هذا المبدأ أن طبقته إسرائيل في السياسة حيث أن مصير الشعوب لاتحدده مواقف حكوماتها السياسية, فهل يعقل أن يتم حصار وتجويع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة للخلاف مع حكومة حماس ؟؟؟أصبح الكلام علي إسرائيل في الغرب كاللعب بالنار والمشي علي الأشواك فتحية لكل من جرؤ علي الكلام وأعلن موقفه من تلك الدولة التي تمارس الإرهاب بكل أنواعه, تحية لكل أبناء الفن السابع السينما الذين جرأوا علي إعلان رأيهم ومواجهة اللوبي. [email protected]