هل يمكن أن تكون قرية الصافية مسقط رأسي في الدلتا عينة عشوائية ممثلة لاتجاهات الرأي العام في مصر؟ في استطلاعات واستبيانات الرأي تكون العينة العشوائية واحدة من العينات التي يمكن استخدامها في قياس الرأي العام حول أمر من الامور. ولكي تكون العينة صحيحة وممثلة فإنه يشترط فيها أن تشمل شرائح عمرية مختلفة وأن تشمل الجنسين وأن تشمل ممثلين للعقائد المختلفة وأن تشمل مستويات علمية مختلفة وأن تشمل ممثلين لشرائح المجتمع من الناحية المهنية والحرفية. خلال عطلة عيد الاضحي في القرية تمثلت كل هذه الشرائح باستثناء أنها لم تشتمل علي مسيحيين لأن القرية ليس بها مسيحيون ولم يكن بينها ممثلون للاخوان وان شملت متعاطفين معهم. الاستثناء الآخر هو أنه في الاستطلاعات والاستبيانات يتم اختيار العينات العشوائية لكن الأمر في القرية لم يكن كذلك وانما كان مهنئون بالعيد جاءوا بشكل عفوي عشوائي وسرعان ما انتقل الحديث إلي الشأن العام وفي المقدمة منه ترشح أو عدم ترشح الفريق أول عبدالفتاح السيسي لمنصب رئيس الجمهورية. درجة الوعي بين أبناء القرية المتعلم منهم وغير المتعلم تدعو إلي الاحترام الشديد وقد تمثل نوعا من الصدمة( لأفنديات المدن علي حد تعبير الرئيس الراحل أنور السادات) الذين ربما لا يزال البعض منهم ينظر إلي أهل الريف علي أنهم كم مهمل سهل القياد. منطبق الحديث كان عن الشخص الأصلح علي الساحة الآن لتولي منصب الرئاسة استتبع هذا عملية تصفية بالخصم للأسماء التي خاضت إنتخابات الرئاسة الماضية تبقي فيها اسم حمدين صباحي وعبدالمنعم أبو الفتوح وفي تصفية نهائية تم استبعاد أبو الفتوح لعدم وضوح مواقفه وامساكه العصا من المنتصف اضافة إلي اعتقاد البعض انه لا يزال إخوانيا بقي حمدين وإن لم يكن عليه اتفاق بين أغلبية المهنئين بالعيد. قفز اسم السيسي باعتباره الخيار الوحيد الأفضل والاقدر علي قيادة سفينة الوطن وسط الأمواج المتلاطمة. الانقسام يكاد أن يكون رأسيا وبالتساوي بين الذين يؤيدون ترشح السيسي للمنصب وبين الذين يرون ضرورة أن يبقي في منصبه الحالي ولكن بشكل يكفل له أو بمعني أصح للمؤسسة العسكرية أن يكون بمثابة ضامن لمسيرة الوطن وصمام أمان يخفف من حالة الاحتقان التي يمر بها المجتمع. منطلق المؤيدين للترشح والمعارضين له واحد هو الثقة في السيسي والإعجاب به الذين يؤيدون ان يرشح نفسه ينطلقون من حبهم له والذين يريدون له أن يبقي في منصبه الحالي ينطلقون من نفس الحب له. يري المؤيدون للسيسي أن الوطن يمر بمرحلة حرجة وبالغة الخطورة بعد تجربتي المجلس العسكري وحكم الاخوان وأن هناك حاجة إلي قبضة حازمة قادرة علي أن تبسط الأمن وتعيد الاستقرار حتي يمكن للبلاد أن تقوم من كبوتها الاقتصادية وان يتفرغ الناس إلي أكل عيشهم. البعض يري أن تكون هذه الرئاسة إما مؤقتة ومحددة المدة بسنتين أو ثلاث لدورة رئاسية واحدة لا يحق له بعدها الترشح لدورة ثانية الفريقان من المؤيدين لترشح السيسي ينظران إلي الأمر علي أنه مجرد عملية انقاذ تفرضها ظروف طارئة لا أكثر. يري البعض أنه يتعين أيضا ان يحتفظ السيسي بمنصبه كقائد عام للقوات المسلحة ووزير دفاع إلي جانب منصبه كرئيس كيفية الجمع بين الامرين ليست مشكلة هذا البعض لكن( أهو كده وخلاص). الذين يعارضون ترشح السيسي يرون أن البلاد في حاجة إلي قوة من خارج مؤسسة الحكم تكون بمثابة المراقب والحارس والضامن والقادر علي التدخل اذا حدث انحراف أو خرجت الامور عن مسارها وأن السيسي كشخص وباعتبار انه يمثل الجيش كمؤسسة هو الاقدر علي القيام بهذه المهمة. يري هذا البعض أيضا أن تولي السيسي منصب الرئيس سوف يخصم من شعبيته بعد شهور قليلة بسبب المشاكل الكبيرة التي تواجهها البلاد والتي سوف تلقي باللائمة عليه في عدم حلها وأن الهالة التي تحيط به الآن سوف تتلاشي وسوف يتم نسيان الدور الذي قام به في الاستجابة للإرادة الشعبية للتخلص من حكم الاخوان. هؤلاء يرون انه لابد من نص معين يضمن الا يطاح بالسيسي من قبل الرئيس المنتخب أو تخطي دور المراقب والضامن الذي سيوكل للجيش لكن كيفية حدوث ذلك ليست مشكلة هؤلاء لكن( أهو كده وخلاص) بين الفريقين قلة تقدر الدور الذي قام به السيسي وليس لها اعتراض علي ترشحه للرئاسة لكنها تري أن من الضروري ألا يحدث انسياق وراء عاطفة الحب للسيسي وأنه يجب التعامل معه كأي مرشح محتمل للرئاسة بناء علي برنامجه الانتخابي الذي سوف يطرحه كمرشح يوضح فيه توجهاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية حتي يكون الاختيار علي أساس وحتي لا تتكرر تجربة الانسياق وراء المشاعر التي جاءت بالاخوان إلي الحكم. ليس لي في هذا المقال الا دور الناقل وآمل أن أكون أمينا. [email protected] رابط دائم :