كرمها الله سبحانه وتعالي كما لم يكرم أحدا من نساء العالمين حين اختص نفسه بعملها وجعله شعيرة من شعائره يتعبد بها إليه عباده المؤمنون. واختلف بشأنها الرواة يهودا ومسلمين كما لم يختلف أحد. لم يذكر القرآن اسمها. وحدها مريم هي التي ذكرت بالاسم. لم يشر القرآن الي قصتها مع ابنها وزوجها. أشار دون ذكر أسماء إلي أم موسي وامرأة فرعون وزوجتي نوح ولوط وغيرهما. لكنها وحدها هي التي قرن الله سعيها باسمه وجعله شعيرة من شعائره حيث قال( ان الصفا والمروة من شعائر الله.) مئات ملايين البشر من الحجاج والمعتمرين منذ نزلت هذه الآية يسعون بين الصفا والمروة تكريما لسعي هاجر المصرية بين الجبلين بحثا عن ماء لرضيعها الذي أضر به العطش. ومئات ملايين البشر حجاجا ومعتمرين سوف يسعون حتي يرث الله الارض ومن عليها. باستثناء حقائق ثلاث هي أنها مصرية وأنها زوجة لابراهيم وأم لاسماعيل تتضارب الأقاويل والروايات وكلها علي احسن الفروض اجتهادات بشر ليس لها سند من حقيقة. فليس في التاريخ المكتوب ما يروي الغلة عن هاجر.. من هي وفي أي زمن عاشت وما قصتها مع الخليل ومع زوجته الاولي سارة ومتي جاء ابراهيم الي مصر وفي زمن حكم أي من الفراعنة. والكتب السماوية ليست كتب تاريخ فما يرد فيها من ذكر لأشخاص وأحداث يرد علي سبيل العظة والاعتبار. والتاريخ المكتوب فيما يتعلق بهاجر مستقي في معظمه من المراجع والمصادر اليهودية وكان جهد المؤرخين المسلمين الاوائل هو النقل عن هذه المصادر أو الاستناد الي روايات أقرب ما تكون الي الحكايات. التوراة كتبت بعد موسي عليه السلام بعدة مئات من السنين. غير اليهود عند اليهود هم الأغيار وهم أدني منهم مرتبة في السلم الانساني. وقصة بني إسرائيل في عهد موسي مع المصريين تضيف الي هذا البعد العنصري عند اليهود ابعادا أخري. فالمصريون ليسوا فقط من الاغيار وليسوا فقط من الاعداء ولكنهم أعدي الأعداء. هل يؤسس هذا لموقف يهودي من المصريين ومنهم هاجر ومن ابنها اسماعيل ونسله من العرب.؟ الرواية الشائعة أن هاجر جارية مصرية أهديث إلي سارة أو ابراهيم خلال زيارتهما لمصر وتحفل الرواية التوراتية بتفاصيل عديدة نقلها المؤرخون المسلمون كما هي. بعض الروايات تقول إن هاجر كانت أميرة مصرية وأنها كانت ابنة لفرعون مصر وتقول روايات أنها من نسل الكنعانيين أو العماليق الذين حكموا مصر قبل الفراعنة وانها بنت زعيمهم الذي قتله فرعون وتبني هاجر. لم يحكم الكنعانيون أو العماليق مصر لكنها تعرضت لغزو الهكسوس بعد الاسرة الثالثة عشر حوالي عام1730 قبل الميلاد وليس ما يثبت تاريخيا ان الهكسوس كانوا كنعانيين أو عماليق لكنهم كانوا رعاة من آسيا الصغري. لفظ جارية في اللغة العربية يحمل معني الامة من الرقيق كما يحمل معني الفتيات من النساء من غير الرقيق. لكن ما تقوله بعض الكتابات اليهودية وما انساق اليه كثير من المؤرخين المسلمين يشير الي أن هاجر كانت أمة لسارة. هنا يثور السؤال.. هل عرف المجتمع المصري القديم الرق بين المصريين أم أن الرق كان مقصورا علي الاسري في الحروب التي كان يخوضها المصريون ؟ ليس في ما بين أيدينا ما يشير إلي وجود عبيد وإماء من المصريين. كان هناك خدم رجالا ونساء من الطبقات الفقيرة لكنهم كما يقول بيير مونتيه في كتابه( الحياة اليومية في مصر) كانوا( خدما أحرارا بمعني أنه كان بمقدورهم ترك خدمة سيدهم إذا ما أرادوا ذلك.) ربما لم يظهر الرقيق الا في عصر الدولة الحديثة بعد طرد الهكسوس. يقول مونتيه عنهم( وفي أغلب الأحيان ان لم يكن دائما كان هؤلاء العبيد من أصل أجنبي وقعوا في الأسر نتيجة حملة انتصر فيها المصريون في بلاد النوبة أو ليبيا أو الصحراء الشرقية أو سوريا.) المؤرخون المسلمون كغيرهم اصطنعوا تاريخا منذ آدم حتي الرسول عليه السلام مستقي في معظمه من حكايات أهل الكتاب. بسبب سيرهم وراء الروايات اليهودية وقعوا في مأزق.. إذا كانت هاجر مصرية فهي بالقطع ليست من الكنعانيين او العماليق الذين زعموا أنهم حكموا مصر قبل الفراعنة وهو مالم يحدث تاريخيا. وإذا كانت هاجر مصرية فهي بالقطع لم تكن جارية بمعني الأمة لأن الرق لم ينطبق علي المصريين والمصريات. واذا كانت ابنة فرعون فلا سبيل لأن تكون أمة. هأجر إمرأة مصرية حرة عاشت في عصر لا يمكن الجزم بتاريخه تزوجت من ابراهيم وأنجبت له ابنه البكر اسماعيل أب العرب جميعا. كرمها الله تعالي لايمانها الذي لم يتزعزع ولم يهتز في قدرته سبحانه منذ سألت زوجها وهو يتهيأ للرحيل عنها وعن رضيعها تاركا اياهما بواد غير ذي زرع قائلة( الله أمرك بهذا ؟) وعندما أجابها بالايجاب قالت له( إذن لن يضيعنا.) ولم يضيعها المولي بل جعل سعيها أمرا يتعبد به اليه عباده المؤمنون. في اللغة الهيروغليفية يتكون اسم هاجر من مقطعين... ها بمعني زهرة اللوتس.. وجر بمعني أرض جبت او مصر.. أي زهرة اللوتس المصرية. زهرة اللوتس المصرية.. عليك السلام كلما اعتمر معتمر او حج حاج. رابط دائم :