لم يكن من قبيل المصادفة أن تذكر مصر في القرآن الكريم باسمها علي غير عادة ذكر أسماء بعض البلاد والتي لم يذكر منها إلا المدن فمثلا لم يذكرت من شبه الجزيرة العربية إلا مكة والمدينة, ولم يذكر من اليمن سوي سبأ, ولم يذكر من العراق سوي بابل, وذكرت أرض الشام علي إطلاقها ولم تحدد مدنها وهكذا, أما مصر فذكرت بكل نجوعها وقراها ومدنها ومحافظاتها, لمكانتها عند الله فهي تتقدم علي كل البلاد. فمصر دوما كانت موحدة ومسلمة, فعاش فيها مصرايم بن حام ابن نوح عليه السلام, ودخلها إبراهيم عليه السلام داعيا إلي الحنفية والي وحدانية الله سبحانه وتعالي في العهد الفرعوني لمصر وعلي أثر دعوته دخل الكثير من المصريين الاسلام قبل نبوة موسي وعيسي عليهما السلام قال تعالي( ما كان إبراهيم يهوديا ولانصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وماكان من المشركين) آل عمران67 ومن مصر تزوج ابراهيم عليه السلام من هاجر المصرية عليها السلام ومنها أنجب سيدنا إسماعيل عليه الصلاة والسلام وخرج بها هي وطفلها إسماعيل الرضيع إلي مكةالمكرمة حيث لازرع فيها ولا ماء, وفي هذا البلد الحرام وضعت السيدة هاجر قواعد ومناسك العمرة والحج من السعي بين الصفا والمروة ورمي الجمرات إلي الأضحية وغيرها. وعندما شب اسماعيل عليه السلام عن الطوق واصبح فتي يافعا شارك اباه ابراهيم عليه الصلاة والسلام في بناء الكعبة المشرفة, فرفع معه القواعد من البيت حتي أتم وأكمل بناءه. وعاش وتزوج سيدنا اسماعيل عليه السلام من قبيلة جرهوم التي عاشت مع هاجر وابنها اسماعيل منذ الرضاعة, بعد أن تعرفا علي وجودهما في وادي مكة عن طريق الطيور التي كانت تحوم حول وادي مكة, فتعرفا علي بعضهم البعض, وعاشوا معا. ويري أصحاب الأنساب أن كلمة هاجر تعني في اللغة المصرية القديمة زهرة اللوتس المصرية, ف ها تعني زهرة اللوتس, و جر تعني مصري, أما كلمة جرهوم فتتكون من جر وهما نفس الحرفين التي انتهت بهما هاجر والتي تعني مصري في اللغة المصرية القديمة, أما هوم فمعناها السيد أو الحاج, ومعني هذا أن قبيلة جرهوم هي أيضا قبيلة مصرية كانت من الفراعنة الموحدين الذين هاجروا خارج مصر خوفا من كهنة المعبد الفرعوني بعد أن اشتعلت بينهما الحروب والتي علي أثرها تركت قبيلة جرهوم مصر إلي شبه الجزيرة العربية ومنها إلي مكة. ومعني هذا أن عدنان إبن سيدنا إسماعيل عليه الصلاة والسلام, وجد سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم هو من اصول مصرية خالصة, ولاننسي أن عبدمناف الجد الاقرب للرسول صلي الله عليه وسلم, سمي بعبد مناف نسبة إلي مدينة منف المصرية, واعتقادا من آبيه أن أصولهم مصرية. ومن هنا نجد أن مصر هي الحاضر الغائب في كل مناسك الحج, وذكر اسمها في القرآن الكريم خمس مرات, دليل علي ذلك, في الوقت الذي ذكرت فيه مكةالمكرمة مرتين فقط, وهذا معناه عظم ومنزله مصر عند الله وفي الاسلام. ومن هنا نجد أنه لولا مصر ماكانت هاجر ولاجرهوم, ولولا هاجر وجرهوم ماكان اسماعيل ولا محمد عليهما الصلاة والسلام, ولولا هما ما كان الإسلام, ولذلك نجد أن كل الذين يقللون من شأن مصر يقللون من شأن الاسلام والمسلمين.