قالت الدكتورة آمال مظهر، إن النقد الحديث إبان عقود الأربعينيات والخمسينيات والستينيات اقتصر على تحليل النواحي الجمالية وتناول القضايا التي يطرحها شكسبير كما لو أنها قضايا مُقدسة ثابتة غير مطروحة للمناقشة، قام على تحليل النص المسرحي كنص قائم بذاته دون أي اعتبار لأي اعتبارات سياسية أو خاصة بوضع النساء أو اعتبارات اجتماعية أو اقتصادية. وقد شهدت الدراسات الخاصة بمسرح شكسبير طفرة هائلة وتحولًا نوعيًا مواكبًا لثورة النقد في سبعينيات القرن العشرين، التي جاءت مناهضة لمدرسة النقد الحديث وكان من أهم ما تمخض عنه، اعتبار أن أي نص منتج ثقافي يجب أن يحلل من هذا المنظور، مما أدى إلى إطلاق طوفان "التحليلات النقدية الخاصة بشكسبير". وأضافت مظهر، في دراستها البحثية بعنوان "اتجاهات حديثة في مسرح شكسبير"، خلال احتفالية "نحن وشكسبير"، بمناسبة مرور 400 عام على رحيله، بالمجلس الأعلى للثقافة، أمس الأربعاء، أن النقد النسوي الذي حلل شكسبير، رأى أنه لم يعط الشخصيات النسائية أدورًا محورية ولكنهن كن دائمًا يعانين من التنميط والتسطيح والتهميش، كما لاحظت الناقدات النسويات أن تلك الشخصيات إما كن رموزا سلبية للغواية أو رمز الفضيلة المطلقة، ففي كل الأحوال المرأة لا تصور على أنها كائنات متكاملات بنفس القدر الذي يصور به الرجال. وأشارت مظهر إلى أن الاتجاهات الجديدة لدراسة شكسبير أثارت ردود أفعال مختلفة، ف"بعض النقاد اعتبرها بمثابة إعادة اكتشاف جوانب لما كان شكسبير يرمي إليه أو بما كان قائمًا في عصره، بينما اعترض آخرون على تشويه أيقونة الأدب والمسرح والفكر عبر الزمان، فكل هذة الردود قد أتاحها لنا شكسبير ذو الألف وجه، ولكن، كما تقول إحدى الناقدات الأمريكيات (باربارا هودجون)، "إن كل عصر يأخذ من شكسبير ما يناسبه". وقدمت الدكتورة مروة مختار، ورقة بحثية بعنوان "شكسبير في ميزان العقاد"، حول كتاب "التعريف بشكسبير"، للكاتب الراحل عباس العقاد، وقسمت الكتاب إلى خمسة محاور، المحور الأول يدور حول عصر شكسبير، والشعر والمسرح، وأسرة شكسبير، والمحور الثاني عن شكسبير الرجل والفنان والمؤلف والشاعر، والثالث؛ الخصائص والمزايا، والرابع والخامس؛ مصادر الروايات وتراث شكسبير. ورأت مختار أن العقاد آمن بشكسبير إلى درجة لا توصف ف"قد قال إن أسرة شكسبير الريفية تتطلع كأية أسرة للستر والوجاهة ولا تطمح لأكثر من ذلك، وأكد أن كل شأن صغر أو كبر في حياة شكسبير سيفسر الكثير مما يحسبه المترجمون ألغازا في حياته، لو تأملناه وتوقفنا عنده"، مشيرة إلى أن العقاد آمن أيضًا بشعرية شكسبير مقارنة بنثره، لا لتفضيل فن على آخر ولكن نظرة لصلة الشعر بالجمهور. وعرّج الناقد الدكتور محمود الضبع على شكسبير عند الشعراء العرب، موضحًا أن شكسبير حظي باهتمام كبير في الأدب العربي، سواء بإستلهام نصوصه المسرحية وإعادة إنتاجها، أو باستلهام شخصياته ونماذجه البشرية ودواخلها النفسية والاستعانة بها في النصوص الأدبية العربية، أو بالدراسات النقدية المحللة لأعماله ومنجزه الأدبي. ورصد الضبع في دراسته حضور شكسبير في الشعر العربي عبر مراحله بدء بأمير الشعراء أحمد شوقي في مسرحيتيه؛ "مجنون ليلى"، و"مصرع كليوباترا"، ومرورًا بمراحل التحول إلى الشعر التفعيلي (الشعر الحر)، حيث اتسع الباب على مصراعيه لاستلهام واستيعاب الآخر والتناص معه في الشعرية العربية وبخاصة الشعراء: صلاح عبدالصبور، وسعد الله ونوس ومحمد الماغوط ومحمد إبراهيم أبو سنة وغيرهم. ورأى "الضبع" أن شكسبير تناول قضايا إنسانية عامة، كما استخدم الاسقاط السياسي الرمزي، والقدرة على النزول باللغة إلى العامة، موضحًا أن التاريخ العربي يعج بقامات مثل شكسبير تستحق الدراسة والبحث، وتسليط الضوء عليهم. ورأت الدكتورة كرمة سامي، في بحثها بعنوان "تضاريس المملكة الشكسبيرية المتحدة.. شكسبير والنقد الثقافي"، أن الكاتب الإنجليزي شكسبير تجاوز حدود جزيرته وتحول إلى مملكة مستقلة تصدر بها المشهد الثقافي بامتداداته في الزمان والمكان متخطيًا بنصوصه حدود الجغرافية والتاريخ، وتنوع تأثر الإبداع البشري بشعبيته النخبوية والشعبية، فقد كتب للأمراء والقصر والملك والشعب أيضًا. وأخيرًا، قدّم الدكتور عبدالرحيم الكردي، مُدير الجلسة، ورقة بحثية بعنوان "نقد الواقع بين شكسبير والشهاب الخفاجي"، مستعرضًا الظواهر المشتركة التي ظهر أثرها واضحًا في نتاج كل من شكسبير ومعاصره الشهاب الخفاجي، والظروف التي جمعت بينهما رغم اختلاف العصور.