تواجه الدول المشاركة في الدورة الثالثة عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي المنعقد في تركيا تحت شعار"الوحدة والتضامن من أجل العدالة والسلام" العديد من التحديات بسبب الأوضاع الراهنة في كل من سوريا، اليمن، ليبيا، أفغانستان، الصومال، مالي، جامو وكشمير، البوسنة والهرسك، واعتداءات أرمينيا على أذربيجان، وغيرها من الدول الإسلامية التي تشهد نزاعات وأوضاعًا أمنية غير مستقرة. وتبحث قمة اسطنبول أوضاع المجتمعات المحلية المسلمة في الدول غير الأعضاء، ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف والإسلاموفوبيا، إضافة إلى مواضيع، التنمية المستدامة في الدول الأعضاء، وتعزيز التعاون العلمي في مجالات الصحة والتعليم العالي والبيئة بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وتعزيز التعاون الثقافي والاجتماعي والإعلامي، والوضع الإنساني، والقضاء على الفقر وتطوير البنية التحتية في الدول الأعضاء. الدكتور جهاد الحرازين أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر في غزة قال إن هناك العديد من الملفات التي ستتناولها القمة الإسلامية وعلى رأسها الملف الفلسطيني لأن الكل يعلم بأن القضية الفلسطينية حاضرة، خاصة ما تتعرض له مدينة القدس من اعتداءات وانتهاكات للمقدسات الإسلامية، ولأن هذه المنظمة أنشئت إثر حريق المسجد الأقصى عام 1969 وجاء إنشاء هذه المنظمة للدفاع عن المقدسات الإسلامية، خاصة التي تقع تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي. وأكد أن القضية الفلسطينية ستكون حاضرة في ظل حالة التعنت الإسرائيلي وجمود عملية السلام وإنشغال المجتمع الدولي بقضايا أخرى تبعد الأنظار عن القضية الفلسطينية، لذلك ستعمل هذه القمة لأجل إعادة توجيه الأنظار إلى ما تتعرض إليه المقدسات الإسلامية بمدينة القدس والأراضي الفلسطينية، وما يعانيه الشعب الفلسطيني من اعتداءات وانتهاكات متواصلة من قبل الاحتلال الإسرائيلي. وأضاف الحرازين في تصريحات ل"بوابة الأهرام":"نأمل أن تتغير الأوضاع في القمة الإسلامية لكي تكون إيجابية واتخاذ خطوات عملية نحو الأوضاع الفلسطينية بعيدًا عن بيانات الشجب والإدانة والاستنكار، وأن يكون هناك واقع عملي يتمثل في اتخاذ مجموعة من الإجراءات السياسية والاقتصادية المؤثرة والتي تدفع دولة الاحتلال وبعض الدول المساندة لها للعدول عن مواقفها واحترام الاتفاقيات والمواثيق الدولية والعمل على إنهاء الاحتلال وإعادة الحقوق إلى أصحابها الشرعيين". وتابع أستاذ العلوم السياسية: "الشعب الفلسطيني يتمنى من القمة الإسلامية توفير الدعم اللازم لتعزيز صمود أهالي القدس في مواجهة المخططات التهويدية والاستيطانية الهادفة إلى تفريغ المدينة من محتواها الفلسطيني، بالإضافة إلى توفير الدعم المادي للشعب الفلسطيني والدعم السياسي للقضية الفلسطينة، والخروج بموقف إسلامي مشرف يدعم حالة الاستقرار في الدول العربية والإسلامية، مع خلق أخلاقيات للتعاون المشترك بين الدول الإسلامية ومواجهة الإرهاب والتطرف والعمل على تعزيز التنمية المجتمعية والاقتصادية". وقال نشأت الديهي، المتخصص في الشئون التركية بمركز الأهرام الاستراتيجي، إن مؤتمر القمة الإسلامي الذي سيعقد الفترة المقبلة سينتج عنه ورقة عمل وبيان ختامي لا يحمل أكثر من ثمن الحبر الذي كتب به، مؤكدًا أن محور قضايا المؤتمر والتي تتمثل في التعاون للقضاء على الإرهاب لا ترقى لبرنامج قابل للتصديق. وأشار الديهي، إلى أن تلك القمة وأعضاءها لا توجد لديهم إرادة حقيقية للقضاء على الإرهاب، خصوصًا أن تركيا نفسها تدعم الإرهاب وتفتح له أبوابها، موضحًا أنه لا يوجد تعريف واضح ومتفق عليه للإرهاب. وعن القضية الفلسطينية، قال الديهي "في تقديري لن يتم جديد في القضية الفلسطينية"، لافتًا إلى أن الأمة الإسلامية تمر بأسوأ فترة على مر التاريخ حيث تمر بفترة ضعف وتفتت شديد". وتعليقًا على موقف الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن حضوره المؤتمر من عدمه، أكد الديهى أن الخلافات المصرية التركية قديمة وتشتد حدة وعمقًا، وأن الخلافات ستتجدد رغم التدخل السعودي لحل الأزمة، إلا أنه لا تغيير في الموقف والنتائج ستكون محدودة. وأوضح الديهي أن الوضع خطير ويحتاج لآلية عمل غير تقليدية، وإرادة حقيقية من زعماء حقيقيين وذلك يأتي من الشعب، مشيرًا إلى وجود انفصال بين الزعماء والشعوب، وأن ذلك يحتاج لكيان جديد أكثر فاعلية، مؤكدًا أن المؤسسات الدولية فقدت مصداقيتها وفاعليتها. كما قال السفير علي جاروش، مدير الشئون العربية السابق بجامعة الدول العربية، إن عدم حضور الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤتمر القمة الإسلامي المقام باسطنبول، هو رد فعل للموقف التركي، مؤكدًا أن الموقف التركي من ثورة 30 يونيو موقف سلبي، وأن مصر لا تسعى لقطيعة تركيا، ولكنها تحاول الدفاع عن مصالحها، وهذا ما أوصلنا إلى عدم حضور الرئيس، المؤتمر. وعن رؤيته للمؤتمر، قال جاروش، إن عنوان المؤتمر وطريقة الدعوى للانعقاد تقليدية ومن ثم سيكون مؤتمرًا تقليديًا بلا جدوى، مثله مثل سائر المؤتمرات، وتابع "ولكن لدي أمل أن الاتصالات التي ستحدث على هامش المؤتمر ستؤدي إلى ترطيب العلاقات والخلافات بين بعض الدول". وعن القضايا التي ستناقشها القمة بشأن الدول الإفريقية الإسلامية، قالت الدكتورة هبة البشبيشي، خبيرة الشئون الإفريقية، إن القمة ستحاول إيجاد حلول لإرهاب الجماعات المتطرفة في نيجيرياوالصومال مثل بوكو حرام وجماعة الشباب. وأضافت البشبيشي في تصريحات ل"بوابة الأهرام" :"القمة ستتطرق إلى مناقشة قضايا البيئة في الدول الإفريقية والنزاعات على المناطق الحدودية"، مشيرة إلى أن هناك بعض القضايا التي من المستبعد تناولها لأبعاد سياسية، مثل مسألة سد النهضة. فيما قال السفير رخا السيد حسن، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن القمة ستناقش عدة قضايا، ومن أهمها "ظاهرة الإرهاب" وهناك بعض الدول الإسلامية طرف في هذا الصراع، منها تركيا الدولة المضيفة. وأضاف حسن في تصريحات خاصة ل"بوابة الأهرام":"من المفترض أن تناقش الدول المشاركة في القمة مقاومة الإرهاب من جانبه الفكري، وستركز الدول على عمليات التنمية الاقتصادية وحقوق المرأة وفض المنازعات في الدول الإسلامية". وتوقع الدكتور عبدالمطلب النقيب، أستاذ العلاقات الدولية العراقي، أن القمة لن تتطرق بشكل كبير للأوضاع في العراق بسبب الصراع بين المملكة العربية السعودية وإيران، مشيرًا إلى أن التركيز سيكون على الوضع في سوريا واليمن. وأضاف النقيب في تصريحات ل"بوابة الأهرام":"الوضع في العراق مازال متأزمًا للغاية، لاسيما بعد رفض بعض التعديلات التي قدمها حيدر العبادي لمجلس النواب والتدخلات من جانب الأعضاء في تعيينات الوزراء". يذكر أن منظمة التعاون الإسلامي تعتبر ثاني أكبر منظمة حكومية دولية بعد الأممالمتحدة، وتضم في عضويتها سبعًا وخمسين دولة، عضوًا، موزعة على أربع قارات. وتعتبر المنظمة الصوت الجماعي للعالم الإسلامي وتسعى لصون مصالحه والتعبير عنها، تعزيزًا للسلم والتناغم الدوليين بين مختلف شعوب العالم. وقد أنشئت المنظمة بقرار صادر عن القمة التاريخية التي عقدت في الرباط بالمملكة المغربية في سبتمبر 1969 ردًا على جريمة إحراق المسجد الأقصى في القدسالمحتلة. وعَقد في عام 1970 أول مؤتمر إسلامي لوزراء الخارجية في جدة وقرر إنشاء أمانة عامة يكون مقرها في جدة ويرأسها أمين عام للمنظمة، ويعتبر إياد أمين مدني عاشر أمين عام، وقد تولى هذا المنصب في يناير 2014.