صدر حديثا عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة دراسة نقدية بعنوان: "الاتجاه الوجداني في الشعر العربي بمنطقة الخليج" للدكتورعادل نيل أستاذ الأدب والنقد بجامعة الأزهر. حيث رصد المؤلف في دراسته مقومات هذا الاتجاه الشعري ومظاهره التي تجلت في هموم الذات التي لا تنفصل في أغلبها عن تجارب شعراء هذا الاتجاه بالقصيدة العربية،التي ظهرت في التعبير عن الشكوى والإحساس بالألم على اختلاف بواعثه وأدوات التعبير عنه، وفكرة الموت التي شكَّلت مدخلًا لاستبطان الشاعر مع هذا المصير الإنساني، وارتبطت هذه الفكرة بمعانٍ وجدانية، في مقدمتها أحاسيس الفقد والفراق، والتعبير عن روح التشاؤم، واليأس، والقلق، وهي معانٍ تسربت إلى قصائد بعض الشباب. ومن مظاهرالاتجاه الذي أبرزته الدراسة اللجوء إلى الطبيعة في تعبير شعراء تلك البيئة الأدبية عن معانيهم الوجدانية، من خلال توظيفها في كشف انفعالاتهم الشعورية، والذي تجلى في مظاهر التعبير عن الواقع النفسي، والتأمل الوجداني، والحنين إلى مراتع الذكريات، والتغني بالجمال، وتشكيل معادل موضوعي، وهي مظاهر كشفت جميعها عن مدى اندماجهم مع طبيعتهم الجغرافية الخاصة. وتناول الكتاب أساليب الشعراء في التعبير عن عاطفة الحب ومفهومها لديهم، إذ لم يكتفِ بعضهم بتقديم مفهوم تلك العاطفة من خلال ما يمكن استشفافه من دلالات التعبير، وإنما وضعوا لها مفهومًا شعريًّا دقيقًا يعبر عن قيمتها لديهم، إلى جانب رصد أبرز الملامح التعبيرية التي شكلت قصائد التعبير عن الحب في التعبير الحسي، وتكثيف خيالات الرؤى والأطياف، والنزعة الصوفية، والمغالاة في التعبير عن تقديس تلك العاطفة لدى البعض. ومن الملامح الأساسية التي استعرضتها الدراسة الانشغال بالهمِّ القومي الذي امتزج لديهم بشعور ذاتي خالص، يجسد معه قيم الانتماء، وبواعث الاعتداد بمقومات هويتهم، وقد أظهرت قصائدهم انكسارات الهزيمة ومرارة واقع انهزامي ضعيف أهله، وتنوعت همومهم القومية بين النكسة وانكسارات العدوان، والهمِّ الفلسطيني، والهمِّ اللبناني، والهمِّ الكويتي، فضلًا عن نصوص مفتوحة على مطلق الهمِّ العربي دون الارتباط بإقليم بعينه. وأوضح الدكتور عادل نيل في تصريح ل "بوابة الأهرام" أنه استعرض من خلال الدراسة مقومات هذا الاتجاه الوجداني في القصيدة الإماراتية بوصفها نموذجًا دقيقاً لتلك البيئة الأدبية التي ارتبطت نهضتها بمتغيرات مرحلة ما بعد النفط، والانفتاح الذي شهدته المنطقة بعد عزلة طويلة فرضها الاستعمار وظروف الحياة الاجتماعية، وهي تحولات كانت في الوقت ذاته جزءًا من تكوين وجدان الشاعر الذي أخذته أحاسيس اغتراب في مجتمع بات يجد فيه نفسه بعيدًا عن كثير من ملامح ماضي آبائه وثوابته، وسبق ذلك اندماجُه مع قضاياه القومية وانكسارات الذات العربية التي شكلت رافدًا من روافد تجاربه الوجدانية.