ما يحدث في قضية هجرة الأطفال غير الشرعية أمر خطير للغاية، فمن حين إلى آخر يتم ضبط مراكب عليها مصريون خرجوا من البلاد بشكل غير شرعي، وقد يغرق المركب فيلقى كل من فيه حتفهم، وبينهم أطفال، فالحقيقة أن أهالي هؤلاء الأطفال هم الذين يبيعونهم إلى السماسرة نظير مبلغ من المال، ويوقع أهل كل طفل لهم "شيكات على بياض" لضمان عدم الإبلاغ عنهم، ولذلك تضطر هذه الأسر إلى نشر شائعات عن اختفاء أبنائهم قسريًا، في حين أنهم راحوا ضحايا الهجرة غير الشرعية، والطمع والجشع. وقد كشفت نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج عن الكثير من الخبايا فى هذا الصدد، ومنها أن إيطاليا تستقبل الأطفال القصر، وتوفر لهم مراكز إيواء وتعلمهم الحِرَف، وقالت: "أحاول عن طريق علاقاتي السابقة خلال فترة خدمتي بإيطاليا، التواصل مع العاملين المصريين بمراكز الإيواء، لحصر المصريين المهاجرين بطرق غير شرعية في الخارج". وأكدت أن مسئولية رعاية المهاجرين إلى الخارج ليست مسئولية وزارة الهجرة وحدها، ولكنها مسئولية مشتركة بين العديد من الوزارات، مع ضرورة تغيير الخطاب الديني، واستغلال تمسك المصريين بالدين، في حث الأسر على رعاية أولادها، وعدم تشجيعهم على الهجرة، قائلة: "حرام أن تضيع الأسر عيالها في الهجرة". وللأسف فإنه لا يلتفت أحد إلى أن من يهاجرون بهذه الطريقة يتعرضون للاتجار بالبشر، وربما يتم تجنيدهم في الجماعات الإرهابية، وليست لهم أي حقوق، وإذا وقع عليهم ضرر بالخارج لا يستطيعون الذهاب إلى الجهات الحكومية لإثبات ذلك، خوفا من أن يتم ترحيلهم مرة أخرى. والحقيقة أن التصدي لهذه الظاهرة يتطلب توعية الأسر بمخاطرها، وفرض الرقابة على جميع المنافذ، وتشريع عقوبات جديدة، فالعقوبة الحالية هي حبس سنة للمهرب، ويتم اعتبار الشاب الذي يحاول السفر بطريقة غير شرعية "ضحية"، ومن ثم نحتاج إلى ثورة تشريعية في مجلس النواب لتشديد العقوبات على المهربين وأصحاب المراكب التي يسافر عن طريقها الشباب، وأصحاب الشقق المفروشة التي يتم انتظارهم فيها، وأيضا أصحاب العربات التي تقلهم إلى المراكب. ومن المهم أيضا إقامة مشروعات لاستيعاب الشباب، والتعاون الدولي فيما يتعلق بخطوط السير والثغرات التي ينفذ منها هؤلاء، ومن ثم القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة.