يبدو أن الشرخ التاريخي بين بلدان الجنوب والشمال ما زال كبيرًا في مؤتمر الأممالمتحدة حول المناخ في باريس وسيتعين على وزراء 195 دولة تجاوزه إن أرادوا التوصل الجمعة كما هو مقرر إلى اتفاق عالمي لإنقاذ الكوكب من الكوارث المناخية. فقبل ساعات على الاستحقاق ما زال التوافق على اتفاق لاحتواء ارتفاع حرارة الكوكب يبدو صعب المنال بسبب بروز توترات بين بلدان الشمال والجنوب. وقبل بدء ليلة من المفاوضات أكدت دول نامية مجددًا مساء أمس الأربعاء وبقوة أنها لا تريد وضعها على قدم المساواة مع دول الشمال المسؤولة تاريخيًا عن ارتفاع حرارة الارض وتملك مزيدًا من الوسائل لمواجهة ذلك. وقال براكاش جفاديكار وزير بيئة الهند البلد الأساسي في المفاوضات إنه "لا يمكن إعداد اتفاق دائم مع تخفيف المسؤوليات التاريخية وبوضع الملوثين والضحايا في المستوى نفسه". واعتبر الوزير الماليزي غورديال سينغ نيجار الذي تحدث باسم نحو عشرين دولة نامية أن النص يشير إلى المسؤولية المشتركة لكنها مختلفة" عن اتفاقية الأممالمتحدة المتعلقة بالمناخ في 1992 التي تنص على أن التحرك المناخي يقع في الدرجة الأولى على البلدان المتطورة. وقال محذرًا "إن حاولتم بصورة مباشرة وغير مباشرة أو بأي شكل آخر" التخلي عن "هذه النقطة الأساسية (...) لن يكون أمامنا أي خيار آخر سوى المقاومة". وإن كان هناك إجماع حتى الآن على الإشادة بتنظيم جلسات النقاش من قبل فرنسا، فان المحادثات كانت مضنية حول المواضيع السياسية مثل مساعدة بلدان الجنوب والجهود لتقليص انبعاثات الغازات السامة المسؤولة عن ظاهرة الاحتباس الحراري في العالم. ومسألة التمييز تطغى على هذين الموضوعين، فالشمال يريد أن تسهم البلدان الناشئة في التمويل فيما يطالب الجنوب بأن لا يعوق تقليص انبعاثات غازات الدفيئة تنميتها، ما يؤدي إلى مطالبة الدول المتطورة بتحرك أكبر. ولتفادي خطر الكوارث في حال ارتفاع حرارة الكوكب بشكل غير مضبوط، ينبغي ان يتيح الاتفاق تسريع نمو الطاقات المتجددة والتخلي التدريجي عن الطاقات الاحفورية، مثل الفحم والنفط والغاز، المسؤولة عن سخونة المناخ. والهدف هو الحد من ارتفاع ميزان الحرارة العالمي بدرجتين مئويتين أو أقل بغية تفادي التبعات الأكثر كارثية للاختلال المناخي الذي بات ملحوظًا مثل تزايد الفيضانات وموجات الجفاف وذوبان الكتل الجليدية ما يشكل خطورة على الإنتاج الزراعي والثروات البحرية في العديد من المناطق. وأعلن دنيس لوي وزير البيئة في باربادوس في جلسة موسعة "لن نوقع أي اتفاق يعني انقراضًا محتومًا لشعبنا". ودعا لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي ورئيس مؤتمر الأممالمتحدة حول المناخ رؤساء الوفود إلى "الاستفادة من هذه الليلة لإحراز تقدم حول النقاط السياسية". وقال فابيوس ان الهدف هو التوصل "اليوم الخميس مع بداية بعد الظهر إلى صيغة جديدة للنص" بغية التوصل إلى تبني نهائي للاتفاق بحلول الجمعة في الساعة 17,00 بتوقيت غرينتش. وذلك يفترض أن يكون بحسب قوله "النص ما قبل النهائي" أي قبل نص الاتفاق النهائي. وقد قدمت الأربعاء مسودة اتفاق جديدة صاغتها فرق الرئاسة الفرنسية في المؤتمر ونحو عشرين وزيرًا ساعدوا في تسهيل هذه المهمة. وكانت المنظمات غير الحكومية حذرت من خطر عدم التوصل إلى توافق على أصغر عامل مشترك، لا سيما وأن مشروع النص يتضمن "خيارات طموحة جدًا وأخرى أقل طموحًا". وقال المتحدث باسم مجموعة أفريقيا سيني نافو لوكالة فرانس برس "إنه نص وسيط، (...) سنمضي طوال الليل في دراسته وسنرى غدًا أي نص آخر سنتمكن من انتاجه". وفي ليل الأربعاء الخميس كان على الوزراء "التركيز قبل كل شيء على الاختلاف، طموح الاتفاق والتمويلات" بحسب فابيوس مشيرًا إلى النقاط الصعبة في المحادثات. وفي ما يتعلق بالمساعدة المالية لبلدان الجنوب هناك أسئلة عديدة: كيفية احتسابها (قروض، هبات)، أي دول يتوجب أن تسهم فيها، وكيفية توزيعها بين التكيف مع الاختلال المناخي (سدود، بذور زراعية، نظام انذار للارصاد الجوية...) وخفض انبعاثات الغازات السامة. وباسم مجموعة 77 والصين (134 دولة ناشئة ونامية) عبرت وزيرة البيئة الجنوب افريقية ادنا موليوا عن أسفها لأن النص لا يضمن في هذه المرحلة "أي رؤية وأي زيادة كبيرة في التمويلات".