وسط إجراءات أمنية مشددة, انطلقت أمس فعاليات أكبر مؤتمر دولي حول المناخ في مدينة "لوبورجيه" شمال باريس بحضور زعماء 150 دولة مسؤولة عن نحو 90% من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري, وذلك أملا في التوصل إلي اتفاق تاريخي للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري. ويشارك في المؤتمرعشرة آلاف مندوب ومراقب وصحفي؛ ليكون بذلك أكبر مؤتمر للأمم المتحدة عن المناخ يضم أكبر عدد من قادة الدول خارج الجمعية العامة السنوية للمنظمة الدولية, وأكبر تجمع دبلوماسي في تاريخ فرنسا. ومنذ الصباح الباكر, وصل الرئيس الفرنسي "فرنسوا أولاند", والسكرتير العام للأمم المتحدة "بان كي مون" لاستقبال قادة الدول والحكومات في باحة المعارض في لوبورجيه التي تحولت إلي حصن بعد اعتداءات 13 نوفمبر الدامية التي شهدتها باريس. وفي مستهل فعاليات القمة سلم وزير البيئة في بيرو "مانويل بولجار فيدال" رئاسة مؤتمر الأممالمتحدة ال21 عن المناخ - إلي وزير الخارجية الفرنسي "لوران فابيوس", معتبرا أن "العالم يواجه تهديدين كبيرين, الارهاب والتغير المناخي". ووقف المشاركون دقيقة صمت حدادا علي أرواح ضحايا هجمات باريس الدامية. ومن جهته اعتبر فابيوس في تصريحات لإذاعة "فرانس إنتر" – "أنه مؤتمر الأمل الذي يمكن أن يغير الكثير من الامور". وفي كلمته في افتتاح القمة, دعا "بان كي مون" زعماء العالم إلي تسريع تحركهم لمنع حدوث زيادة خطيرة في درجة حرارة كوكب الأرض. وقال ان التعهدات التي تقدمت بها أكثر من 180 دولة لخفض الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري هي بداية طيبة لكنها ليست كافية لتحقيق السقف المطلوب في الزيادة وهو درجتان مئويتان مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية والذي يقول العلماء انه يمكن ان يجنب العالم عواقب خطيرة. وبحسب الدراسات فإن حرارة الأض تزداد ارتفاعا بسبب الغازات الناتجة عن احتراق مصادر الطاقة الأحفورية, وأيضا بعض أساليب الإنتاج الزراعي وقطع الأشجار بشكل متزايد كل عام. ويقول محللون انه حتي اذا التزم عدد من الدول التي قدمت طوعا تعهدات بخفض انبعاثات الكربون لدعم التوصل إلي اتفاق في باريس, فان درجة حرارة الارض متجهة إلي الارتفاع بمعدل 3 درجات مئوية. ويخشي العلماء إذا ارتفعت حرارة الأرض بأكثر من درجتين مئويتين, فسينعكس اختلال المناخ بشكل كبير علي مناطق بكاملها متسببا بالجفاف وتراجع السواحل أمام البحار وتآكل الجرف القاري نتيجة ارتفاع نسبة الحموضة في المحيطات. وبعد عقود من المفاوضات الشاقة التي شهدت إخفاق قمة سابقة في كوبنهاجن قبل ست سنوات فإن من شبه المؤكد التوصل لشكل ما من الاتفاق التاريخي بحلول منتصف ديسمبر. من جهته اعتبر الرئيس الفرنسي أولاند "إن مستقبل الإنسانية علي المحك في هذا المؤتمر. سيقسو التاريخ في حكمه علي رؤساء الحكومات إذا أضاعوا هذه الفرصة". كما أكد الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" إن التوصل إلي اتفاق دولي يلزم الدول الغنية والنامية بمحاربة الاحتباس الحراري يعني "أن يكون بإمكاننا التأكد من أننا نفعل الصواب من أجل الأجيال القادمة". ويهدف المؤتمر الذي يستمر أسبوعين إلي إعداد الاتفاق الأول الذي تلتزم بموجبه الأسرة الدولية بخفض الانبعاثات الحرارية, من أجل حد ارتفاع حرارة الغلاف الجوي إلي درجتين مئويتن مقارنة بالفترة ما قبل الثورة الصناعية. وعلي وجه الخصوص تهدف المفاوضات إلي إعطاء دفعة سياسية لعملية المفاوضات التي لا تزال صعبة وغير مؤكدة. فجميع الدول لديها حدود لا تريد تجاوزها, فدول الجنوب مثلا تدعو الشمال المسؤول تاريخيا عن ارتفاع حرارة الأرض إلي الوفاء بالتزاماته المالية. وخضعت حركة المرور في العاصمة الفرنسية لقيود مع انتشار 6300 شرطي، كما دعت السلطات السكان إلي تفادي الخروج تحسبا لازدحام خانق في وسائل النقل العام.