جاء نبأ مغادرة الرئيس اليمني علي عبدالله صالح أمس الي السعودية؛ لتلقي العلاج بعد إصابته في قصف صاروخي لقصره الرئاسي، ليفتح الباب أمام العديد من المحللين العسكريين والسياسيين للبحث في مستقبل رئاسة صالح ومدى قدرته على تجاوز الوضع الراهن. وبينما ترى المعارضة اليمنية والثوار اليمنيين استحالة عودة الرئيس اليمني إلى البلاد مرة أخري على خلفية اتفاقية مع دول الخليج على ترك الرئاسة لنائبه، فإن بعض المحللين ينظرون إلى هذه الخطوة في إطار ولادة يمن جديدة مع هبوب رياح التغيير العربي فيما عرف باسم "الربيع العربي" الذي غطي معظم المنطقة العرية لينهي سنين من الصراعات بين النظم الحاكمة في تلك المناطق والتيارات والحركات المعارضة علي اختلاف ألوانها السايسية وايديولوجيتها الفكرية. من هو علي عبد الله صالح؟ هو الرئيس الأول للجمهورية اليمنية منذ قيام الوحدة عام 1990. وكان قبلها رئيس الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي) منذ 1978 إلى 1990. وتعد فترة حكمه أطول فترة حكم لرئيس في اليمن، كما أنه صاحب ثالث أطول فترة حكم من بين الحكام العرب الحاليين . ولد علي عبدالله صالح في 21 مارس 1942 في قرية بيت الأحمر، محافظة صنعاء، لأسرة فقيرة، وعانى من مشقة العيش بعد وفاة والده (وفي روايات أخرى "بعد طلاق والديه") في سن مبكرة. عمل راعيًا للأغنام، وتلقى تعليمه الأولي في (كُتَّاب) القرية، ثم ترك القرية عام 1958 ليلتحق بالجيش في سن السادسة عشرة. وحسب رواية الرئيس اليمني نفسه، فإنه وإخوته كانوا جنودًا منذ يفاعتهم حيث كان الجيش مهربًا من الفقر وسوء المعاملة. وقد التحق صالح بمدرسة صف ضباط القوات المسلحة في 1960. وفي 1963 رقي إلى رتبة ملازم ثان، وشارك مع الثوار في الدفاع عن الثورة أثناء حصار السبعين "إحدي الثورات اليمنية ضد النظام الملكي اليمني في ذلك الوقت"، بعدها التحق بمدرسة المدرعات في 1964 ليتخصص في حرب المدرعات، ويتولى بعدها مهمات قيادية في مجال القتال بالمدرعات. بعد توليه مسئولية قائد لواء تعز عاصمة الإمام أحمد بن يحيى حميد الدين، وثاني أكبر محافظات الجمهورية اليمنية، أصبح علي عبدالله صالح معروفًا لدى القادة والمشائخ في اليمن الشمالي، وارتبط بعلاقة قوية مع شيوخ القبائل أصحاب النفوذ القوي في الدولة كالشيخ عبدالله الأحمر رئيس مجلس النواب اليمني السابق. في 1974 وصل إبراهيم الحمدي إلى السلطة بأجندة ثورية جديدة رافعًا مبادئ مختلفة تنحو منحى قويًا نحو التصالح مع النظام الحاكم في جنوب اليمن، وتبني رؤى اشتراكية للتنمية في اليمن الشمالي، والدفع في اتجاه الوحدة اليمنية، مما أدى إلى تقارب كبير مع النظام الجنوبي، والمد القومي العربي، كما أدى إلى ارتفاع شعبية الحمدي في الشارع اليمني الذي شعر بأن الحمدي يدفع اليمن نحو تنمية حقيقية تنعكس على المواطن العادي. وقد ساعده في ذلك طفرة النفط وارتفاع عائدات المغتربين في السعودية والخليج. وقد كان نظام الحمدي ضربة حقيقية لنظام المشائخ القبلي في اليمن هددت باقتلاعة في فترة قياسية. في 11 أكتوبر 1977، حدثت جريمة اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي وشقيقه عشية سفره إلى الجنوب لأجل توقيع اتفاقية بشأن الوحدة اليمنية، وسُجلت القضية ضد مجهول. خلف أحمد الغشمي الراحل إبراهيم الحمدي في رئاسةاليمن لأقل من سنة واحدة، ومن ثُم قُتل هو بدوره في مؤامرة غير واضحة الأبعاد بانفجار حقيبة مفخخة أوصلها له مبعوث الرئيس الجنوبي سالم ربيع علي، والذي أعدم بعد عدة أشهر في الجنوب. وبعد أقل من شهر من مقتل الغشمي، أصبح علي عبدالله صالح عضو مجلس الرئاسة رئيس الجمهورية العربية اليمنية بعد أن انتخبه مجلس الرئاسة بالإجماع ليكون الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية في 17 يوليو 1978.
