"حضري مايكك.. ورتبي ورقك.. ولو سألوا مين جاي عندك قوللهم أوبرا وينفري".. في ليلة الوداع الأخيرة للإعلامية الشهيرة أوبرا وينفري لم تكن هناك كلمات أكثر تعبيرا عن الموقف من كلمات أغنية نانسي عجرم، التى غنتها مؤخراً لابنتها ميلا في لحظة استقبال شقيقتها إيللا، فرحيل أوبرا عن تقديم برنامجها الشهير "أوبرا وينفري شو" مع الاستعداد، لتقديم برنامجها الجديد على شاشة شبكتها الخاصة، التى تحمل اسم "أو دبليو إن"، وذلك بعد رحلة عطاء امتدت لما يقرب من 25 عاماً. لم تكن أوبرا إعلامية تقليدية كغيرها من الإعلاميين، الذين لم يستطيعوا أن يحصلوا على نصف ما حققته من شهرة ونجاح، فرغم لون بشرتها الأسمر وجذابيتها المحدودة استطاعت وينفري أن تكون الإعلامية رقم 1 على مستوى العالم، نظراً لجرأتها في طرح أي موضوع أيا كانت حساسيته، وقدرتها على إدارة الحوار بشكل يحمل كثيراً من خفة الظل واللباقة، إضافة إلى بساطتها في الحديث مع أى ضيف من ضيوف برنامجها أيا كانت مراكزهم الهامة في المجتمع، وخير دليل على ذلك اللقاء الذى أجرته مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذى شعر الجمهور فيه أنهم يستمعون إلى مواطن أمريكى عادى مثلهم متحرراً من القيود والضوابط التقليدية، التى غالباً تصاحب الرؤساء. وحتى عندما ظهرت أوبرا في فترة من فترات حياتها بوزن زائد عن الحد المفروض، الذى يجب أن تلتزم به أي إعلامية، بسبب إصابتها بتضخم في الغدة الدرقية، لم ينفر الجمهور من مشاهدتها، بل استمروا في متابعة برنامجها باهتمام بالغ. وخلال 25 عاماً استضافت وينفري ضمن برنامجها "مع أوبرا" العديد من الشخصيات الهامة في المجتمع الأمريكى منهم الرئيس بيل كيلنتون وزوجته هيلارى، وكوندليزا رايس وأيضاً مطرب البوب الشهير مايكل جاكسون، الذى قدمت حلقته عام 1993 من داخل مزرعته ب"نيفر لاند"، وهى الحلقة التى وصل عدد مشاهديها إلى 100 مليون مشاهد على مستوى العالم، مما زاد من شهرتها. وبمرور الوقت أصبح برنامج "أوبرا وينفري شو" نموذجاً إعلامياً هاماً على مستوى العالم، ليتحول إلى جزء أصيل من الثقافة الشعبية الأمريكية. وأوبرا وينفري من مواليد عام 1954، عاشت طفولة فقيرة، حيث كان والدها يعمل حلاقاً بالإضافة إلى تجارته في بعض الأعمال الصغيرة، أما والدتها فكانت تعمل في خدمة البيوت. بدأت وينفري حياتها كمراسلة لإحدى قنوات الراديو وهي في عمر ال19 من عمرها، ثم أكملت دراستها الجامعية في ولاية تينيسي، من خلال منحة تعليمية حصلت عليها، حيث كانت من أوائل الطلاب الأمريكيين ذوي الأصول الإفريقية في الجامعة، الأمر الذى سبب لها صعوبات عديدة في حياتها. لم تكتف وينفري بالعمل الإعلامى بل إنها قامت بتأليف خمسة كتب، إضافة إلى إصدار مؤسستها مجلة تحمل اسمها، حتى أنها أطلقت، منذ فترة طويلة حملة أشبه بما يعرف لدى المصريين ب"بالقراءة للجميع"، ضمن برنامجها من أجل تشجيع السيدات على القراءة. وبلغت ثروة أوبرا عام 2003 مليار دولار، مما وضعها في المرتبة 427 في القائمة، التي تضم 476 مليارديرا، كما احتلت المركز الثاني حسب تصنيف مجلة فوربس لعام 2005 في قائمة أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم، التي ضمت 100 شخصية. لم يكن برنامج "أوبرا شو" مجرد توك شو إعلامى هدفه استضافة بعض الشخصيات اللامعة في المجتمع، بل إنه ساهم في حل مشكلات عديدة للأسر الأمريكية التى تعانى مشاكل معينة في تربية أبنائها، إضافة إلى إسهامها بالتبرع بفساتين زفاف وأثاث منزلى لكثير من الفتيات من أجل مساعدتهن في بداية حياتهن الزوجية. واليوم الأربعاء يسدل الستار عن برنامج "أوبرا شو"، حيث تعرض آخر حلقاتها، التى سجلتها في أحد استوديوهات شركتها "هابرو بروداكشانز" في شيكاغو أمام حشد من جمهورها، لكن هل تستطيع أوبرا تحقيق الجماهيرية الكبيرة، التى حظيت بها على مدار 25 عاماً، بعد انتقالها للعمل في شبكتها الخاصة، خصوصا أن تصريحاتها في الفترة الأخيرة كانت تؤكد دائماً أنها غير راضية عن أدائها؟.