يقدم الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطاب اليوم الأربعاء، الاتفاق حول الملف النووي الإيراني على اعتبار أنه أهم قرار اتخذته الولاياتالمتحدة بشأن سياستها الخارجية منذ غزو العراق، وذلك في مسعى جديد للدفاع عن الاتفاق الذي أبرم مع طهران. وسيلقي أوباما خطابه في الجامعة الأمريكية في واشنطن في محاولة منه لكسب الدعم لهذا الاتفاق المثير للجدل في واشنطن والذي من المفترض أن يصوت عليه الكونجرس الأمريكي بغالبيته من الجمهوريين المعارضين له. وسيؤكد أوباما أن قرار المشرعين سيكون "المهم" منذ دعم الكونجرس في العام 2002 لسلفه جورج بوش في غزو العراق، وفق ما قال مسئول في البيت الأبيض. ولطالما اعتبر أوباما أن التصويت لصالح غزو العراق، كان خطأ فادحًا أدخل الولاياتالمتحدة في حرب عبثية استمرت ثماني سنوات وسفكت فيها الكثير من الدماء. وقال المسئول في البيت الأبيض إن أوباما "سيشير إلى أن الأشخاص ذاتهم الذين دعموا حرب العراق يعارضون اليوم الدبلوماسية مع إيران، وأن تفويت هذه الفرصة سيكون خطأ تاريخياً". وإذا كان الرئيس الأمريكي سيستخدم حرب العراق التي يعارضها الرأي العام بشكل واسع للتدليل على الخيار الواجب اتباعه في مسألة الاتفاق مع إيران، فهو لن يتوانى كذلك عن الاستشهاد بجهود الرئيس الراحل جون كينيدي للحد من التجارب النووية. وفي خطاب في العام 1963 في الجامعة ذاتها، وقبل بضعة أشهر من اغتياله، دعا كينيدي إلى السلام مع الاتحاد السوفيتي في مواجهة المخاوف من اندلاع حرب نووية. وأعلن كينيدي وقتها عن جهود دبلوماسية لمراجعة "واحد من أكثر المخاطر التي تواجهها البشرية في العام 1963، وهي استمرار انتشار السلاح النووي". وينص الاتفاق النووي على رفع العقوبات عن إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي، الذي كان الغرب يشتبه بأنه مجرد غطاء لمساعي طهران من أجل حيازة القنبلة النووية. وسبق لأوباما وأن أكد مرارًا أن البديل عن الاتفاق الحالي مع إيران هو عمل عسكري ضدها، اللأمر الذي ندد به معارضوه على اعتبار أنه معادلة غير صحيحة، بل إن البديل بنظرهم هو اتفاق أفضل مع إيران لا ينص فقط على تفتيش مواقعها وتحديد قدرتها على التخصيب بل يفكك تمامًا برنامج طهران النووي. والجدل الدائر حول البرنامج النووي الإيراني خلق انقسامًا بين الحزبين داخل الكونجرس حيث يواجه معارضة شديدة من الجمهوريين الذين يسيطرون على المجلسين. ويحتاج أوباما إلى دعم الديموقراطيين لتفادي إطاحة المشرعين بهذا الاتفاق. وإن كان التاريخ يمكن أن يدعم قضية أوباما عبر التذكير بحقبة سلفه كينيدي، فإنه في الوقت ذاته قد يشكل عقبة أمامه بالعودة إلى سنوات الخلاف بين واشنطنوطهران. وقطعت الدولتان علاقتهما الدبلوماسية بعد الثورة الإسلامية في العام 1979 وعملية احتجاز 52 أمريكيًا رهائن في سفارة واشنطن في طهران لمدة 444 يومًا. إلى ذلك فإن العداء الإيراني للولايات المتحدة وإسرائيل في آن واحد، فضلا عن سياستها في الشرق الأوسط ساهما في تردد الكثير من المشرعين الأمريكيين، حتى أن بعض الديموقراطيين قرروا رفض الاتفاق.