بمقتله طويت واحدة من أهم صفحات حزب "البعث" فى العراق، بعد سقوط نظام صدام حسين، إثر الغزو الأمريكي عام 2003، إنه عزت الدوري، نائب الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، ورفيق دربه منذ الاشتغال بالعملية السياسية فى بلاد الرافدين، وحتى تربعه على قمة هرم السلطة إثر الإطاحة بالرئيس العراقي الأسبق أحمد حسن البكر فى 16 يوليو 1979. ولد الدوري في الأول من يوليو من عام 1942 لعشيرة المواشط ذات النزعة الصوفية فى قضاء الدور بمحافظة صلاح الدين، ليفشل فى إتمام دراسته، ويبدأ حياته بائعًا متجولًا للثلج بين أسواق بغداد وشوارعها، قبل أن يلتحق كعضو فاعل في حزب البعث، ليظهر على شاشات التليفزيون إثر انقلاب صدام، بوصفه نائب رئيس مجلس قيادة الثورة، حيث إنه كان ملازمًا لصدام، مثل ظله منذ اندلاع ثورة 17 يوليو 1968، وحتى يوم أسر صدام حسين. وقد أسندت للدوري عدة مهام منها النائب العام لقائد القوات المسلحة بعد غزو الكويت، وكان وزيرًا للزراعة، ويعرف عن الدوري، أنه كان ثالث الأشخاص الذين خططوا مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين لاستيلاء حزب "البعث" على السلطة في انقلاب 1968، وكان من كبار القادة البعثيين الذين شاركوا في إخماد الانتفاضة التي اندلعت في العراق بعد حرب الكويت عام 1991. وبعد غزو العراق 2003، وسقوط نظام صدام حسين، أردجه الأمريكيون على قائمة المطلوبين، وهو السادس في تلك اللائحة، إلا أن عزت الدوري تمكن من الفرار من ملاحقة القوات الأمريكية برغم أنهم رصدوا مبلغ 10 ملايين دولار لمن يقدم معلومات تساعد في إلقاء القبض على الرجل البالغ 60 عامًا حينها، والمصاب بسرطان الدم. وفى مخبأه الذى ظل مجهولًا لأكثر من عشرة أعوام فى تكريت، نصب الدوري من نفسه المتحدث الرسمى باسم ما تبقى من حزب "البعث" المنحل، وظل يبعث برسائله التى طالما أكد فيها وجود "البعث"، وضرورة مواصلة الحرب ضد الحكومة والأمريكان على حد سواء، وآخر هذه الرسائل كان الدوري قد وجهها فى السادس من أبريل الحالي بمناسبة ذكرى مرور 68 عامًا على تأسيس حزب البعث المحظور، فأعلن تأييده للعمليات العسكرية ضد الحوثيين، والذى وصفهم ب"أذناب الفرس" باليمن، كما حذر الدول العربية من "طوفان فارسي" قادم، ودعا الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى ترك السلطة، كما وصف رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، بأنه أسوأ من سلفه نوري المالكي. واليوم وبعد مرور أحد عشر يومًا من آخر رسالة وجهها الدوري، أعلن رائد الجبوري محافظ صلاح الدين مقتل الدوري إثر عملية عسكرية شنتها القوات الأمنية على أوكار داعش بتكريت، مؤكدًا أن مقتله ضربة قاصمة للتنظيم الذى كان يمتثل لأوامره، واصفًا إياه بالعقل المدبر للتنظيم الإرهابى الذى بسط نفوذه على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا من يونيو الماضى قبل الإعلان عن خلافته المزعومة.