انتابت مواطني مدينة الإسكندرية، والمهتمين بالتراث بها، حالة من الغضب، بعد أن استيقظوا على هدم أجزاء من السور التاريخي والأثري للميناء الشرقية، والذي كان يعتبر من التراث السكندري وأحد أهم معالمها الأثرية والتراثية، قبل أن يقرر اللواء طارق مهدي، محافظ المدينة هدم أجزاء منه وإقامة جراجٍ للسيارات خاصًا بمجمع المحاكم والنيابات بمنطقة المنشية. جدير بالذكر، أن سور الميناء الشرقي له قيمة تاريخية عند مواطني المدينة وزوارها حيث يعتبر معلمًا سياحيًا يرتاده الجميع، يتنزهون بجواره قبل أن يذهبوا إلى القلعة، ليشاهدوا ما فيها، كما أنه مدرج بمجلد التراث لمدينة الإسكندرية تحت رقم 122 في المناطق الأثرية. كذلك فإن كورنيش المدينة في المنطقة ما بين قلعة قايتباي والسلسلة مدرج بالكامل كمنطقة حفاظ بالمجلد أيضًا تحت رقم 6002، ومن التوصيات الرئيسية بالمجلد عدم التعرض له بالبناء أو الردم. في بداية حديثه، وصف الدكتور محمد عوض، رئيس لجنة حفظ التراث بالإسكندرية، ما حدث من هدم أجزاء من سور الميناء التاريخي بالكارثة التي حاربت اللجنة أعوامًا لمنعها، قبل أن يأتي اللواء طارق مهدي، مستغلاُ الأوضاع الحالية ويقوم بهدمه، كما تم في وقت سابق إزالة البلاط الرخامى بأرضية كورنيش الميناء الشرقي، مضيفًا، الأمر يأتي في إطار مسلسل هدم العقارات التاريخية بالمدينة وتشويه مظهرها التاريخي. وأشار عوض، خلال تصريحات خاصة ل"بوابة الأهرام"، أنهم بصدد عقد اجتماع عاجل بلجنة التراث بالمدينة لمخاطبة مهدي، بوقف أعمال الهدم وإعادة السور ووقف أعمال الردم بالميناء الشرقية. وقال محمد حسن، أحد أعضاء ما يعرف بحركة "انقذوا الإسكندرية"، إنهم اعترضوا كثيرًا لما كان يتم طرحه سابقًا من هدم أجزاء من الميناء الشرقي لإقامة جراجات لأعضاء النيابة والقضاة، خاصة أن أعمال الردم والهدم سوف تشوه مظهر الميناء الذي كان أحد أسباب اختيار الاسكندر المقدوني هذا الموقع لإقامة مدينته. وأشار حسن، الى أن السور قد تم بناؤه، في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني، عام 1905 حيث كان أحد الأعمال في واحدة من أكبر مشروعات تنمية المدينة في ذلك الوقت والذي تولته في مرحلته الأولى شركة ألاماجا الإيطالية، وراعت أن يكون بنفس طريقة الكورنيش بإيطاليا، لافتًا الى أنه سُمي وقتها منتزه عباس حلمي الثاني. وأوضح حسن، أن ميناء الإسكندرية الشرقي، حظى بأهمية كبيرة خلال بدء من العصر البطلمي ثم الروماني وحتى بداية الفتح العربي وفي العصر الفاطمي كان هو الثغر التجاري الأول في مصر، الى أن تم إنشاء الميناء الغربي والذي يعتبر أصلح من الميناء الشرقي مما شجع على زيادة التبادل التجاري بين الإسكندرية ودول أوروبا، وبعد ذلك أصبح الميناء الغربي هو الميناء الرسمي للإسكندرية وأصبح الميناء الشرقي الآن قاصرًا على مراكب الصيد الصغيرة وعلى السباقات المائية ورياضة اليخوت حيث يطل عليه من ناحية القلعة نادي الصيد ونادي اليخت اللذان يستغلان مياهه في الرياضات المائية المتنوعة، كما يستخدم الصيادون شاطئ الميناء الشرقي لإصلاح وبناء القوارب والسفن الصغيرة.