هل قابلت عاشقًا للفن من قبل؟..هل خجلت من نفسك عندما تجلس مع قامة ثقافية لا تستطيع مجاراتها طوال الوقت من كثرة تبحرها وتعمقها في قراءة تفاصيل خاصة ومتعددة في شئون الحياة على كل المستويات؟. هل توحدت بجسدك وانفعلت مع الشخصية التي تجسد أمامك على الشاشة؟..فالأسئلة كثيرة لكن إجابتها واحدة كلمة سر، و"شفرة" عنوانها النجم الكبير نور الشريف، الذي يحتفي به مهرجان دبي السينمائي في افتتاح دورته ال 11، مساء اليوم الأربعاء بتكريم خاص له عن مجمل مشواره الفني الحافل، حيث يمنح جائزة "تكريم إنجازات الفنانين". نور الشريف النجم الذي يسير على مدار مشواره الفني يغرد منفرداً، لا تستطيع أن تصنفه في إطار معين، فهو المتجدد دائمًا، بل إنه نجح على مدار مشواره الفني الطويل أن يخلق لنفسه مدرسة تمثيلية خاصة تعلمت منها أجيال بعدأخري من الذين شاركوه في السنوات الأخيرة عددًامن أعماله الفنية. كلما ارتدى النجم الكبير عباءة شخصية أيا كانت صعوبتها، تجده متلاحمًا معها لدرجة تجبرك على أن تصدق أنه الشخصية ذاتها التي يقدمها وليس مجرد دور يلعبه مقابل بعض الشهرة والأموال، ليصبح نور الشريف واحدًا من الفنانين القلائل الذين نجحوا في خلق وصناعة علاقة ذات خصوصية مع جمهوره، الذي أصبح ينتظر إطلالته السينمائية في زمن كان هو فيه نجم السينما الذهبي، واستمروا في انتظار بعد ذلك في رمضان من كل عام من خلال أعماله الدرامية التي يفاجئهم بها في كل عام. تتذكر ذلك الفتي ذاالجسد النحيل، الذي بدأ ظهوره في ثلاثية نجيب محفوظ الشهير، حيث عمله بفيلم "قصر الشوق"، تلاها ظهوره بالمسلسل صاحب الشعبية الأكبر في ذلك الوقت "القاهرة والناس" مع الفنان أشرف عبد الغفور، وهو من الأعمال التي كانت تحرص الأسرة المصرية على متابعتها في ذلك الحين. تنطلق رحلة النجم الكبير، يبدأ في مداعبة جمهوره بأدوار وشخصيات جديدة على الشاشة، تتنوع بين الكوميديا الشابية في أفلام أشبه ب "الفانتزيا"، والدراما التي تحمل معها أوجاع العشق، وصناعة الشر، والتعمق في موضوعات أكثر تعمق في المجتمع على بمختلف مراحله. لعلها إحدى العلامات الفارقة أيضًا في مشوار النجم الكبير، تتلخص في تعاون مثمر جمع بينه وبين المخرج الراحل عاطف الطيب، الثنائي الذي بدا على الشاشة وكأنهما شخص واحد يعمل بآلية الممثل والمخرج معًا، وانطبع ذلك في الأعمال التي قدماها معاً وأحدثت تغييراً في مسار السينما المصرية في وقت ألقي بظلاله أيضاً على تغييرات المجتمع، بل إن الاثنين معًا نجحا في التغلب على تيار السينما السائد في فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي"سينما المقاولات"، وقدما نماذج متعمقة في قلب ونبض الشارع المصري، وكانت أهم الأعمال التي لمع فيها الاثنان "سواق الأتوبيس"، و"ليلة ساخنة" و"كتيبة الإعدام" هذا بالإضافة إلى أفلام قلب الليل، والزمار، دماء على الأسفلت، وناجي العلي. تستمر رحلة نور الشريف ليقدم سلسلة من الأعمال الدينية الناجحة، يتقمص فيها أدوارًا لشخصيات مؤثرة في التاريخ الإسلامي مثل هارون الرشيد، رجل الأقدار ،والذي قدم خلاله شخصية عمرو بن العاص، عمر بن عبد العزيز بل إنه يعد الجمهور من مختلف الفئات العمرية حتى الشباب منهم لمتابعة مثل هذه الأعمال. حلقة تواصل خلقها نور الشريف بينه وبين أجيال مختلفة بداية من مرحلة التسعينيات وإطلاقه عددًامن الشباب الذين أصبحوا نجومًا في أعماله بالوقت الحالي ،بداية من محمد رياض وحنان ترك في "لن أعيش في جلباب أبي"، وحلا شيحة، وأحمد زاهر ،اللذين ظهرا معه في مسلسل "الرجل الآخر"، وفيلم "أولي ثانوى" عندما ظهر بمجموعة من الوجوه الصغيرة معه، مروراً بأعمال "الدالي"، و"متخافوش"، و"عرفة البحر" وغيرها. ولم تنته أو تتوقف رحلة العطاء والتواصل مع الأجيال الجديدة، ليفاجئنا بدور مميز ومختلف في فيلم "مسجون ترانزيت" مع الفنان أحمد عز، ومع مني زكي بفيلم "دم الغزال". بل يفاجئنا النجم الكبير بتألقه مع نجوم جيله بعد سنوات ابتعد فيها عن السينما وذلك من خلال دوره بفيلمه "عمارة يعقوبيان" مع صديقه عمره النجم عادل إمام، ومع محمود عبد العزيز في فيلم "ليلة البيبي دول". ثنائي فريد يختلف عن أي نجمان "رجل وامرأة" شاهدتهما على الشاشة من قبل، "بوسي ونور الشريف" اسمان لا يمكن أن تسقط أعمالهم سهواً من ذاكرتك، فقد استطاع النجمان معاً أن ينقلا حالة الحب الذي جمع بينهما في الحياة على الشاشة، من خلال أدوار مال بعضها للرومانسية وأخرى جسدت الشر والانتقام، ولعل النجمين بقيا مخلدين دائمًا بواحد من أشهر أعمالهما الذى قدماه معاً وهو "حبيبي دائماً" العمل الذي عاش لأجيال متواصلة تنتظره ولا تمل من مشاهدته طوال الوقت. يعود نور الشريف إلى جمهوره بعد غياب سنوات تعرض في بعضها لهجمات شرسة من أقلام الصحافة، ودخل بعدها في رحلة علاج طويلة كانت دعوات الجميع تحاصره بها، يحضر بقوته على الشاشة من جديد من خلال فيلمه "بتوقيت القاهرة" الذي انتهي من تصويره مؤخرًا، ويعرض عرضه الأول بمهرجان دبي أيضاً الذي يفتتح اليوم، ويشاركه البطولة فيه النجمة ميرفت أمين. رحلة العطاء لدي النجم لن تنتهي..والتكريم هو إحدى العلامات البارزة التي تخلد لنجوميته ومشواره الكبير الذي أمتع ومازال يمتع الجميع به.