"إنها روايتي الأهم في تقديري الشخصي، لما بذلته فيها من جهد كبير، ولما أودعته بها من أفكار". هذا ما قاله لنا الكاتب السوداني أمير تاج السر عن روايته "مهر الصياح"، التي صدرت منها طبعتان حديثتان، إحداهما عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة، والثانية عن دار الساقي في بيروت. ويشير تاج السر في حديثه ل"المقهى الثقافي"، إلى أنه كتب هذه الرواية منذ 12 عامًا، ولم تكن الجوائز والاحتفاليات متاحة كما هو الآن، وإلا لنالت احتفاء أيضًا، بحد تعبيره. ويقول: عموما، لقد انتشرتْ الرواية في شبه صمت، وطبعت أربع مرات، وترجمت للإنجليزية، حيث اعتبرها البعض المعادل العربي لرواية "مائة عام من العزلة" لماركيز، وأسعدني كثيرًا بلا شك اقتران اسمي باسم ماركيز. ويوضح صاحب "صائد اليرقات"، و"366"، و"إيبولا"، و"كرمكول"، و"صائد اليرقات"، و"العطر الفرنسي"، و"رعشات الجنوب"، وغيرها من السرديات الباذخة، أنه لا يقلل من قيمة وأهمية رواياته الأخرى التى نالت جوائز، فهي أيضًا أعمال تحمل أفكارًا مهمة في تصوره.. ويقول: لديَّ روايات ساعدت ظروف ما في انتشارها، مثل رواية "إيبولا"، التي تنبأت بانتشار فيروس إيبولا، الذي يرعب الناس هذه الأيام. وعن الزمن وتطويع "تاج السر" له في "مهر الصياح"، يوضح أن الزمن لديه هو ما يحتضن الأحداث ويوزعها، والزمن يمكن أن يكون الآن أو أمس أو ربما غدًا، بحسب فكرة الرواية. ويرى أن "مهر الصياح" لعبت على الزمن أيضًا في تقنيتها، إذ هي تتحدث عن "الآن" بصيغة "الأمس"، وكأنما الرواية كانت تقرأ ما سيحدث، لافتًا أن روايته "أرض السودان الحلو والمر" قد أسهمت أيضًا في وضع زمن مكان زمن، وهكذا. ويقول: عمومًا، أرى أن الكتابة تملك قرون استشعارها، وتصدق كثيرًا. وعن ملامح رؤيته الشاملة ككاتب، يوضح أمير تاج السر أنه لم يصدر "روايات عدة" بالتعبير الدارج البسيط، لكنه كتب "تجربة"، و"مشروعًا" شمل روايات، وسيرة ذاتية، وشعرًا، ولو كان ذلك خارج الوطن العربي، ل"تم الاحتفاء به بصورة لائقة"، بحد قوله. ويشير إلى أنه كتب روايات تاريخية ومعاصرة، وكتب الواقع والأسطورة، وكتب عن مهنته وشخوص صادفهم في الترحال، وأيضًا كتب "عن الكتابة" في "ضغط الكتابة وسكرها"، وبالتالي فإن علاقته بالكتابة عمومًا هي علاقة حميمة للغاية. ويضيف تاج السر: مازلت أكتب حين أجد وقتا لذلك، شخصياتي أعرف معظمها، وبعضها أستلهمه من أشخاص واقعيين التقيتهم في أزمنة وأمكنة مختلفة، وحتم قدرهم أن يُكتبوا في روايات. بالنسبة لوجودي الشخصي، فغالبًا لا أحضر داخل رواياتي، وإنما في كتب السيرة مثل "مرايا ساحلية"، و"قلم زينب".