تكتسب زيارة الرئيس السوادني عمر البشير الحالية إلى القاهرة ولقاؤه بالرئيس عبد الفتاح السيسي، أهمية كبيرة ليس فقط لأنها الزيارة الأولى للبشير بعد ثورة 30 يونيو، ولكن لأن عددا كبيرا من الملفات المهمة تطرح نفسها بقوة على مباحثات الرئيسين وقد يؤدي استمرار الخلافات في وجهات النظر بشأنها إلى إعاقة التكامل السياسي والاقتصادي بين البلدين. ومن الملفات المهمة التي قد تؤثر على تطور العلاقات بين مصر والسودان، موقف الخرطوم من أزمة سد النهضة الإثيوبي، وموقفها من ليبيا، في ظل تباين وجهات النظر مع القاهرة في التعاطي مع الأحداث الليبية، في ضوء بعض الاتهامات التي توجه للسودان من أطراف ليبية بدعم بعض الجماعات المسلحة هناك، بالإضافة إلى العلاقات السودانية الإيرانية، إضافة إلى المشكلة الثنائية الكبري وهي ملف حلايب وشلاتين. أيمن شبانة أستاذ العلوم السياسية بمعهد الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، رأى أن النظام السوداني حتى الآن يقف موقف المحايد من سد النهضة، وهو الأقرب إلى الموقف الإثيوبي، ورأى شبانة، أن السودان ليست بصدد تغير نوعي في سياساتها تجاه سد النهضة، وأكد أن على مصر أن تضغط على النظام السوادني حتى تعلي من مصالح الشعب السوداني، على البقاء والاستمرار. وعن أزمة حلايب وشلاتين، قال الخبير في الشئون الإفريقية، إن تصريحات عدد من المسئولين السودانيين، مؤخرًا بشأن حلايب وأنها "سودانية" تفتقد إلى اللياقة وفي غير توقيتها وخارج السياق، وخاصة أنها جاءت قبل زيارة البشير بوقت قليل. وتابع شبانة، اعتقد أنه سيتم الاتفاق على تهدئة نبرة الحديث بقضية "حلايب وشلاتين"، وعدم جعلها مادة للتناول الإعلامي أو التصعيد بين البلدين، كما أن مناقشة تلك القضية سيكون في جلسة خاصة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي. أماني الطويل الخبيرة في الشئون الإفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أكدت أن المباحثات الثنائية بين السيسي والبشير ستحرز تقدما في ملف حلايب وشلاتين، ورأت أن حجم الضغوط الخارجية على السوادن كان كبيرًا في الفترة الماضية، مؤكدة أن زيارة البشير للقاهرة تعد بداية دخول السوادن للمحور المصري- الخليجي، بعد أن كانت في محور مضاد وهو المحور القطري التركي. وقالت أماني الطويل، إن الزيارة تعد خطوة هامة سيكون لها انعكاسات على عدد من الملفات المهمة في المنطقة وأهمها الوضع في ليبيا ومشكلة سد النهضة الإثيوبي. وأشارت إلى أن السوادن وجدت أنها لابد أن تميل إلى المحور المصري الخليجي، بعد أن أثبت المحور القطري التركي فشله، ونجحت مصر في تحجيم ذلك الدور القطري التركي في المنطقة. وتوقعت الخبيرة بمركز الأهرام أن تنتج عن زيارة البشير للقاهرة تفاهمات كبيرة بشأن دعم السودان لبعض الجماعات المسلحة في ليبيا، وأنها سوف تقوم بتغيير تلك السياسة، وأن تنخرط بشكل جاد في تحالف دول الجوار، خاصة إن السودان تقوم بتدريب بعض الجماعات في ليبيا، بالإضافة إلى تهريب السلاح لها مثل جماعات "فجر ليبيا". وقال أيمن شبانة إنه يعتقد أن مصر ستطلب من النظام السوادني الانضمام إلى تحالف دول جوار ليبيا، لأن السودان يغرد بمفرده خارج السرب، ويدعم الجماعات التكفيرية في السوادن، ويحاول التسويق لنفسه بأنه قائد الحركة الإسلامية في المنطقة، كما إنه ذو خلفية إخوانية، وعليه أن يكف عن دعم تلك الجماعات لأنها تهدد الاستقرار الإقليمي وليس في ليبيا فقط. وعن تنامي العلاقات السودانية الإيرانية التي تثير حفيظة مصر ودول الخليج العربي أوضح أيمن شبانه، أن تلك العلاقات تمثل عقبة في تطور العلاقات السودانية مع مصر، ولكنها ليست ب"عقبة مانعة"، ولكنها مجرد نوع من التحفظ فالسودان دولة مستقلة ذات سيادة، وطالما أن تلك العلاقات مع طهران ليست ضد مصر. وأكد شبانه أن إغلاق المركز الثقافي الإيراني، وفروعه المنتشرة في السودان، في سبتمبر الماضي، القرار يمثل رسالة للأطراف الخارجية عموما، وللمحور الخليجي السعودي- المصري، بوجه خاص، مفادها أن الخرطوم جادة في تحجيم علاقاتها والتزاماتها إزاء معسكر إيران وحماس، وهى العلاقات التي أسهمت في توتر العلاقات السودانية مع دول الخليج العربي ومصر، في ظل خلفية نظام الخرطوم الإسلامية، وعلاقته مع الدوحة، والتنظيم العالمي للإخوان المسلمين. وقال "إذا ما انعكس ذلك بالإيجاب على المواقف الخليجية- المصرية من السودان، فمن المنتظر أن تمضى الخرطوم قدماً في فك الارتباط مع إيران، وإن كان بشكل تدريجي. فيما عبرت الدكتورة أماني الطويل عن شكوكها بشأن ما يقال عن تدهور العلاقات السودانية الإيرانية، مشيرة إلى أن ما أثير مؤخرًا عن تدهورها "ستثبت الأيام صحته من عدمه".