انتقدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، موافقة مجلس الوزراء على تعديل قانون تنظيم الجامعات الذي يتيح لرئيس الجامعة عزل أعضاء هيئة التدريس من وظائفهم من خلال توجيه اتهامات لهم بالتظاهر، والتحريض على العنف وتعطيل العملية التعليمية. وقالت المؤسسة، فى بيان اليوم، إن التعديل المقترح يهدف إلى إضافة فقرة جديدة إلى المادة 104 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972م تنص على أنه "لا يجوز لأي عضو من أعضاء هيئة التدريس ارتكاب أي من المخالفات الآتية: الاشتراك في مظاهرات تؤدي إلى عرقلة العملية التعليمية أو تعطيل الدراسة، أو منع أداء الامتحانات أو التأثير عليها أو التحريض أو المساعدة على ذلك، وإدخال أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو أي أدوات من شأنها أن تستعمل في إثارة الشغب والتخريب، والإضرار العمدي بالمنشآت الجامعية أو المباني التابعة لها أو ممتلكات الجامعة، والتحريض على العنف وممارسة أعمال الشغب في الجامعة. ويشمل التعديل كذلك المادة 110 المتعلقة بالجزاءات التأديبية التي توقع على أعضاء هيئة التدريس، إذ يمنح رئيس الجامعة الحق في عزل أعضاء هيئة التدريس مباشرة بقرار منه بناءً على الاتهامات التي توجد بالمواد 103 و104 من قانون تنظيم الجامعات. واعتبرت المؤسسة مناقشة هذا المقترح والموافقة عليه داخل مجلس الوزراء اعتداءً جسيمًا على استقلال الجامعة من قبل السلطة التنفيذية، فالجامعة مؤسسة تعليمية مستقلة عن الدولة وغيرها من قوى المجتمع تعمل على صنع القرارات المتعلقة بسير العمل الداخلي والشئون المالية والإدارية بداخلها، وإقرار سياساتها للتعليم والبحث وغيرها من الأنشطة ذات الصلة. وأكدت المؤسسة أن المناقشة الصحيحة لأي من القضايا المتعلقة بالجامعات يجب أن تتم أولاً بين أعضاء المجتمع الأكاديمي في مجالس الأقسام والكليات والجامعات، لا من خلال قرارات ومقترحات فوقية من السلطة التنفيذية، تهدر استقلال الجامعة وكفاءتها في الإنتاج المعرفي والأكاديمي وتأتي هذه الخطوة مخالفة لنص المادة 21 من الدستور المصري التي تلزم الدولة أن تكفل استقلال الجامعات. وأدانت المؤسسة بشدة مقترح عزل الأساتذة بقرار من رئيس الجامعة لما له من أثر شديد السوء يتمثل في انتهاك الحرية الأكاديمية لأعضاء هيئة التدريس ومخالفته للمواثيق الدولية ذات الصلة، فقد نص إعلان ليما بشأن الحرية الأكاديمية واستقلال مؤسسات التعليم العالي عام 1988م على أنه لا يفصل أي عضو من المجتمع الأكاديمي دون تحقيق عادل أمام هيئة من المجتمع الأكاديمي المنتخبة ديمقراطيًا. وأضافت المؤسسة، وتنص المادة 8 من إعلان كامبالا بشأن الحرية الفكرية والمسئولية الاجتماعية عام 1990م على أنه "يكون لأعضاء هيئة التدريس والبحث في المجتمع الفكري والأكاديمي ضمان التثبيت في وظائفهم، ولا يطردون من أعمالهم إلا لأسباب سوء السلوك الفادح أو ثبوت عدم الكفاءة أو الإهمال الذي يتعارض مع المهنة الأكاديمية، وتكون إجراءات الفصل التأديبية القائمة على الأسس المذكورة في هذه المادة وفقاً للإجراءات الموضوعة والتي تشترط جلسة استماع عادلة أمام هيئة منتخبة بشكل ديمقراطي للمجتمع الأكاديمي". وأكدت المؤسسة أن المقترح السابق ذكره يتجاوز هذه المعايير الدولية من حيث إهدار حقوق أعضاء هيئة التدريس في نظام تأديبي عادل ومنصف تقوم عليه لجنة أكاديمية متخصصة ويوفر لهم حق الدفاع عن أنفسهم، ويستبدل بهذه المعايير منح رئيس الجامعة سلطة مطلقة في عزل أعضاء هيئة التدريس دون أدنى ضمانات للنظام التأديبي، ما يجعل قرارات رئيس الجامعة سيفاً مسلطاً على رقاب أعضاء هيئة التدريس، الذين يجب أن يتمتعوا بالأمان الوظيفي حتى يتمكنوا من أداء دورهم في البحث والتدريس والتفكير والمناقشة بحرية داخل الجامعة، كما أن مضمون المقترح جاء مخالفًا لمبدأ تدرج العقوبة واستنفاد الإجراءات القانونية للتأديب، التي ينص عليها قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972م. وحذرت المؤسسة أنه من شأن هذا المقترح أن يحول رؤساء الجامعات إلى أداة لتقييد الحرية الأكاديمية داخل الجامعة بالتضييق على الآراء الأكاديمية وعلى أعضاء هيئة التدريس بهدف إخضاع الأساتذة للالتزام بحدود معينة في التعبير والفكر والبحث. ورأت المؤسسة أن التعديل التشريعي المقترح على المواد المرتبطة بالنظام التأديبي لأعضاء هيئة التدريس غير دستوريٍ من عدة جوانب، حيث يؤدي إلى انتهاك مبدأ سيادة القانون المنصوص عليه في المادة 94 من الدستور وذلك بوضعه سلطة العزل في يد رئيس الجامعة بعدما كانت مخولة لمجلس التأديب، أيضاً فإن التعديل المقترح ينتهك مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات المنصوص عليه بموجب المادة 95 من الدستور والتي مفادها أن الجزاء بأنواعه، سواء كان جنائيًا أو تأديبيًا يجب لتوقيعه التيقن من حصول الشخص المنسوب إليه الفعل المؤثم قانونًا على حقه في محاكمة عادلة ومنصفة، سواء كان ذلك أمام هيئة قضائية أم أمام إحدى هيئات التأديب الإداري. وقالت إنه لا تستطيع مؤسسة حرية الفكر والتعبير فهم هذا المقترح الذي يمنح رؤساء الجامعات سلطة مطلقة في عزل أعضاء هئة التدريس والتنكيل بهم، إلا في سياق تدخلات السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية الذي يقوم بتعيين رؤساء الجامعات، فهذا المقترح يعكس مزيدًا من السلطوية والنفوذ لرئيس الجمهورية داخل الجامعات وعلى أعضاء هيئة التدريس والمجتمع الأكاديمي، ويفتح الباب على مصراعيه لاعتبار أي أستاذ جامعي مختلف مع توجهات النظام السياسي أو يعبر عن رأيه ويمارس حقوقه داخل الجامعة متهماً بالتحريض على العنف وتعطيل الدراسة. ودعت حرية الفكر والتعبير مجلس الوزراء إلى التراجع فورًا عن هذا المقترح، والتوقف عن التدخل في شئون الجامعات، وتقييد الحرية الأكاديمية، وتحذر المؤسسة من خطورة حزمة القرارات الأخيرة التي تستهدف حريات وحقوق الأساتذة والطلاب على كفاءة الجامعة وإنتاجها المعرفي والأكاديمي.