يستعد النواب البريطانيون للتصويت، بغالبية كبيرة، من أجل المشاركة في الضربات الجوية ضد جهاديي تنظيم "داعش" في العراق، بعد عام على توجيههم صفعة لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون، برفضهم الموافقة على خطته لشن غارات على سوريا. فبعد تردده طويلًا، استفاد رئيس الوزراء المحافظ من منصة الأممالمتحدة، أمس الأربعاء، ليدعو المملكة المتحدة إلى الانضمام للتحالف، بقيادة الولاياتالمتحدة، من أجل "مواجهة "الشر"، ووحشية "تذكر" بالقرون الوسطى". وناشد، من نيويورك، النواب، الذين دعاهم إلى جلسة طارئة، غدًا الجمعة، بألا يتملكهم "الخوف" من فكرة ارتكاب الأخطاء نفسها، كما في عام 2003، عندما سمحوا لتوني بلير بالتدخل في العراق، وهو قرار لا يزال موضع انتقادات شديدة، بعد مرور أحد عشر عامًا. وشدد ديفيد كاميرون، على "أن ذلك يجب ألا يصبح ذريعة لخيار اللامبالاة، وعدم التحرك"، في وجه جهاديين وصفهم ب"المتوحشين" و"المختلين". واعتبر روري ستيوارت رئيس اللجنة البرلمانية الخاصة بمسائل الدفاع، أن تصويت البرلمان بشكل إيجابي أمر "مرجح"، وأضاف: أنه سيكون "من الصعب جدًا" هزم جهاديي تنظيم "داعش". وموافقة النواب من شأنها أن تسمح للطائرات المطاردة القاذفة البريطانية ببدء التحرك بسرعة، بحسب الخبراء العسكريين، وتشارك أصلًا ست طائرات حربية من طراز "تورنادو"، انطلاقًا من "اكروتيري"، قاعدة القوات الجوية الملكية في قبرص، منذ بضعة أسابيع في مهمات مراقبة فوق العراق، وقد تنضم إليها غواصة مجهزة بصواريخ توماهوك. وعلى غرار فرنسا، تعتزم بريطانيا أن تقتصر ضرباتها على الأراضي العراقية فقط، استجابة لطلب رسمي بالمساعدة من جانب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي. أما قصف مواقع لتنظيم "داعش" في سوريا، كما تفعل الولاياتالمتحدة، منذ الثلاثاء، بدعم خمس دول عربية، فسيتطلب تصويتًا جديدًا في البرلمان، وهو أمر غير وارد في الوقت الحاضر، وكذلك بالنسبة لإرسال قوات برية. ويعتبر الخبراء أن المشاركة البريطانية سيكون لها وقع سياسي أكثر منه عسكري. وقال افزال أشرف الباحث في معهد الخدمات الملكية المتحدة، في هذا الصدد لوكالة فرانس برس: "ليس هناك حاجة فعلًا للمملكة المتحدة... فالولاياتالمتحدة تملك القوة اللازمة، وهناك دول أخرى، مثل فرنسا مشاركة.. المسألة تكمن في معرفة ما إذا كان كانت المملكة المتحدة تعتبر أن ذلك سيكون من مسئوليتها". وفي هذا السياق، أكد كاميرون: "أننا نواجه شرًا يجب أن يتحد العالم أجمع ضده.. وبريطانيا ستضطلع بدورها". وقال: إن تنظيم "داعش" يشكل "تهديدًا واضحًا ومباشرًا" للمملكة المتحدة، خصوصا بسبب أكثر من خمسمائة بريطاني يشتبه فى انضمامهم إلى صفوف هذا التنظيم الجهادي المتطرف، وقد يكون عدد كبير منهم عاد إلى البلاد. وقد اعتقلت وحدات مكافحة الإرهاب، اليوم الخميس، تسعة أشخاص في لندن، في إطار مكافحة "الإرهاب الإسلامي". وقد يكون خمسة جهاديين بريطانيين، قد قتلوا في سوريا، بحسب الصحف البريطانية، أحدهم شاب في التاسعة عشرة، منحدر من بريتن. ويبدو ديفيد كاميرون أكثر تصميمًا على التحرك، منذ أن بث تنظيم "داعش" أشرطة فيديو لرهائن بريطانيين، قطع رأس أحدهم، ويدعى ديفيد هينز (44 عامًا)، كما فعلوا بصحافيين أمريكيين اثنين، وبرهينة فرنسي في الجزائر.