أقبل الناخبون في جنوب أفريقيا بكثافة أمس الأربعاء على صناديق الاقتراع للمشاركة في أول انتخابات تشريعية منذ وفاة نلسون مانديلا، والخامسة منذ الإطاحة بنظام الفصل العنصري ويبدو حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم منذ 1994 الأوفر حظا للفوز بها رغم موجات غضب اجتماعي تشهدها البلاد منذ أشهر. وهذه أول انتخابات تشهدها البلاد منذ وفاة نيلسون مانديلا أول رئيس أسود لها، وهي أيضا أول انتخابات يشارك فيها الجيل الذي يطلق عليه جيل "من ولدوا أحرارا" أي من ولدوا بعد زوال نظام الميز العنصري في 1994. وبدأت النتائج الأولية تصل بشكل بطيء إلى مقر اللجنة الانتخابية لكن يتعين الانتظار حتى مساء الخميس للحصول على صورة صحيحة لموازين القوى، ولا يتوقع صدور النتائج النهائية قبل مساء الجمعة. ورغم عدم صدور أي رقم رسمي فان بعض وسائل الأعلام أشارت إلى مشاركة شبيهة أو أعلى من المشاركة في انتخابات 2009، حين صوت 77,3 بالمئة من الناخبين. وقالت اللجنة الانتخابية عند الساعة 15,00 أي قبل أربع ساعات من موعد الإغلاق الرسمي لمكاتب الاقتراع أن "المشاركة مرتفعة جدا". وكان لا يزال هناك العديد من الناخبين ينتظرون أمام بعض مكاتب التصويت بعد الساعة 21,00، ويتعين أن تبقى تلك المكاتب مفتوحة حتى تمكين جميع من دخل من التصويت. وقالت رئيسة اللجنة الانتخابية بانسي تلاكولا "أن ديمقراطيتنا تظل قوية وحيوية"، ويعد الإقبال الكثيف على التصويت مؤشرا على تعبئة المعارضة وقد يكون مؤذنا بنتيجة أدنى من المتوقع بالنسبة لحزب المؤتمر الحاكم، بحسب توقعات معهد أبسوس. وقد تتقاسم عدة أحزاب من المعارضة بينها التحالف الديمقراطي الذي يستهدف الحصول على ما يزيد عن 20 بالمئة، المكاسب، كما يتوقع أن يستفيد من ارتفاع نسبة المشاركة حزب المكافحين من اجل الحرية الاقتصادية بزعامة يوليسو ماليما. وفي الأيام الأخيرة التي سبقت الاقتراع منحت استطلاعات الرأي المؤتمر الحاكم أقل من 60 بالمئة من نوايا التصويت، واتهمت المعارضة حزب المؤتمر بالفساد وعدم الكفاءة لكنه يبقى الحزب المفضل لملايين المواطنين الذين يرونه حزب مانديلا المدينون له بحريتهم. وبين جيل "الذين ولدوا أحرارا" الذين التقاهم مراسلو وكالة فرانس برس في سويتو معقل مكافحة التمييز العنصري سابقا سادت مشاعر الوفاء لحزب المؤتمر. وقال الطالب كاتليغو مافيريكا (19 عاما) "صوت لحزب المؤتمر لأنه هو الذي قدم غالبية الناس الذين ضحوا بحياتهم من اجل الحرية ودخلوا السجون وعملوا بلا كلل من أجل تحرير بلادنا". وإجمالا بدأ الناخب التقليدي لحزب المؤتمر اقل تاثرا بالفضائح التي شهدتها الولاية الاولى للرئيس زوما، وآخرها كان تجديد مقر إقامته الخاصة بنفقات بلغت 15 مليون يورو. كما أن رئيس الدولة يداه ملطختان بالدماء منذ أن أطلقت الشرطة النار على مضربين في منجم شمال البلاد ما خلف 34 قتيلا، والبعض على غرار الاسقف ديزموند توتو قال منذ فترة بعيدة أنه لن يصوت للحزب الحاكم، لكن الجميع مرتاح لتمكنه من القيام بحق ظل طويلا محروما منه. وقال توتو حائز نوبل للسلام عند إدلائه بصوته "أنا سعيد جدا لتمكني من التصويت أفكر في أوكرانيا، وجنوب السودان وكل ما يجري هناك ونحن هنا يمكننا التصويت بسلام، هذا رائع". ويتوقع أن يفوز جاكوب زوما (72 سنة) الذي يحكم البلاد منذ 2009، بولاية ثانية من خمس سنوات، ونظمت الانتخابات في أجواء هادئة رغم أن الأسابيع التي سبقت موعد الاقتراع تخللتها العديد من حوادث العنف في إحياء الصفيح والأحياء الأشد فقرا. وكان محرك تلك التظاهرات التي تتحول أى أعمال عنف سوء الخدمات خصوصا خدمات الماء والكهرباء.