"الدكتور في البيت وسيتم استدعاؤه.. انتظر قليلا".. "لا يوجد دكتور متخصص.. ممكن تذهب أسيوط".. هذه عبارات تقف حائلًا بين المريض ومحاولة شفائه.. جمل ليست بالجديدة على مرضى الوادي الجديد اعتادوا سماعها من الممرضات والمسئولين بمستشفيات تم بناؤها على طريقة "المنتجعات". معاناة يومية يعيش فيها مواطن الوادي الجديد، حيث سوء الخدمات الطبية بكل مناحى الحياة، ولم تشفع ظروف هذه المحافظة الصحراوية الواقعة في ظروف مناخية وجغرافية صعبة، سواء من درجات الحرارة التي تكسو غالبية أيام السنة، أو بعدها عن أقرب محافظة لها، وهى أسيوط بحوالي 220 كيلو مترًا. المعاناة مكتملة، كما ذكرها المرضى، تبدأ لحظة دخولك الوحدة الصحية أو المستشفى لتلقى العلاج أو الكشف الطبي، عندما تجد الرد من قسم الاستقبال، عن عدم وجود طبيب متخصص، وإن وجد الطبيب المتخصص، يكون الرد أنه في البيت، وسيتم استدعاؤه، ويظل المريض حتى يأتي الفرج من عند الله، والنهاية تكون إما تحويله لمستشفى أسيوط الجامعي، أو "يأخذ المريض بعضه ويروح منزله"، حتى يقوم باكرًا بالذهاب إلى أسيوط. المرضى بالوادي الجديد، أصبحوا يفضلون الذهاب إلى محافظة أسيوط لتلقى الكشف والعلاج، رغم التكاليف المالية والإرهاق وإهدار الوقت، خاصة بعد المصائب التي طالت بعضهم نتيجة سوء الخدمة الطبية بالوادي الجديد، فيذهب رغم أنفه ليحافظ على صحته بعيدًا عن المهاترات التي تقابله في مستشفيات الوادي الجديد. يقول محمد حسن من سكان الخارجة: "عمري 50 عامًا، وحتى الآن أرى مستشفى الخارجة العام في إصلاح مستمر، ولم يستقر العمل به حتى الآن، وآخر هذه الإصلاحات ما به حاليًا، والذي يراه المواطن أنه خراب مش صيانة"، ويتساءل: "هل أعمال الترميم والصيانة، تظل لأكثر من 5 سنوات ولم تكتمل؟". ويتساءل حسن، لماذا كل هذا الإنفاق من مال الدولة على شيء لا يؤدى الخدمة اللازمة للمواطن؟، موضحًا أننا كثيرًا ما نسمع عن اعتمادات مالية من الدولة، ووزارة الصحة بالملايين من الجنيهات، لإقامة منشآت صحية في ربوع الوادي الجديد، دون وجود خدمات طبية، وأطباء، مؤكدًا أن المستشفيات عبارة عن أشباح في الصحراء ليس لها دور بدون أطباء، ولا أجهزة طبية حديثة. ويذكر أحد كبار السن، أنه جاء للمستشفى ليبحث عن طبيب يوقع الكشف عليه، وظل قرابة الساعتين ينتظر طبيبًا ولم يجد أحدًا يساعده، موضحًا أن المستشفى حاله متدهور من الداخل ولا نعرف أي شيء بداخله. وتمتد المعاناة إلى سيارات الإسعاف أيضًا، حيث إن سيارة ربع نقل تفي بالغرض لنقل المريض للمستشفى، فضلًا عن تعامل بعض الوحدات الصحية مع المرضى بطرق غير آدمية. وحول ردود المسئولين بالوادي الجديد لتفسير سوء الخدمات الطبية بالمحافظة لم نجد سوى أذن من طين وأخرى من عجين. ولكن يبقى بصيص أمل بعد أن وافقت جامعة أسيوط مؤخرًا، على فتح كلية للطب والتمريض بالخارجة، وهو السبيل الوحيد القادر على توفير الخدمة الطبية لأهالي الوادي الجديد. .