تلعب المشروعات الصغيرة والمتوسطة دورًا رئيسيًا في توفير فرص عمل حقيقية تسهم ولو جزئيًا في مواجهة شبح البطالة، الذي يهدد الكثير من الشباب وتعمل في الوقت نفسه على الحد من الطلب المتزايد على الوظائف الحكومية، مما يساعد الدول التي تعانى وفرة العمالة وندرة في رأس المال على مواجهة هذه المشكلة الكئود بأقل التكاليف، حيث توفر هذه المشروعات فرص عمل عديدة لكثير من الفئات لاسيما النازحين من المناطق الريفية من غير المؤهّلين للانضمام إلى المشروعات الكبيرة والقطاع المُنظّم بصفة عامة. السؤال المهم الذى يفرض نفسه: هل يمكن أن تستمر المشروعات الصغيرة أو المتناهية الصغر في ظل الركود والمستجدات الأخيرة التى تشهدها مصر، وتؤدي لإخراج عشرات المشروعات الكبيرة والمتوسطة من السوق كل يوم؟. وهل بات هناك مستقبل لهذه المشروعات في ظل عدم الاستقرار السياسى والاجتماعى والاقتصادى والأمنى؟. جاءت موجة الاحتجاجات والإضرابات الأخيرة لتعزز من الأصوات المطالبة بدعم تلك المشروعات وإزالة كل العقبات التى تعترض طريقة تقدمها. يقول سلطان صادق السمان عضو جمعية مستثمرى الكوثر بسوهاج أن الاحتجاجات والإضرابات أدت إلى توقف عدد كبير من المشروعات الصغيرة والمتوسطة نتيجة صعوبة وصول المادة الخام من بعض المحافظات كالبحيرة على سبيل المثال، التى يعتمد عليها فى ورق الكرتون.. الأمر الذي يفرض ضرورة تعويض المنشآت الصغيرة والمتوسطة وإزالة جميع العقبات التى تعترض طريق استمرارها مطالبًا بخفض قيمة الفائدة على القروض الخاصة أو إلغاء الفوائد من الأصل. يشير السمان إلى ضرورة حل مشكلة التمويل بعيدا عن الدولة وقيام البنوك الإسلامية بدور فعال، خاصة أن هذه المشروعات لاتحتاج إلى تمويل كبير. ويقول إن تشجيع المشروعات الصغيرة وتوفير المعلومات والبيانات عن قطاع المشروعات الصغيرة، ووضع سياسة واضحة ومحددة الأهداف، عبر التنسيق بين مختلف الجهات المعنية بالمشروعات الصغيرة، وتقديم التمويل الكافي من خلال تحفيز البنوك على الإقراض بفترات سماح مقبولة وأسعار فائدة مميزة، مع ضرورة توفير غطاء تنظيمى قانونى حاضن لهذه المنشآت يمكنها من التعامل السريع مع المشاكلات التى تواجهها وتوفير الحماية اللازمة من خلال اجراءات نظامية وقانونية خاصة. وطالب بأن تقدم الحكومة الحوافز المناسبة لأصحاب المنشآت فى هذه الصناعات لتشغيل الشباب بشرط توفير المنشآت فرص عمل للشباب وتدريب الكوادر العاملة في هذه المشروعات بصورة مميزة تشجيعها على الابتكار بما يحسن من القدرة التسويقية لهذه المشروعات. يشير أحمد الرفاعى أحد المستثمرين بكفر الشيخ إلى توقف أكثر من 250 مشروعًا بسبب نقص المواد الخام فى صناعات كثيرة فضلا عن عدم وجود السيولة اللازمة نتيجة لتوقف البنوك المصرية فترة طويلة، وكذلك توقف بعض الجهات التى تحتاجها تلك المشروعات قائلا إن أغلبية المشروعات الصغيرة والمتوسطة بمحافظة كفر الشيخ تتخصص فى الإنتاج الحيوانى والحاصلات الزراعية المعروفة بسرعة التلف، الأمر الذي أدى إلى تسريح العمالة ويكبد خسائر مالية كبيرة. وطالب بضرورة إعادة هيكلة المنظومة الخاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة وإزالة جميع العقبات وربط هذه المشروعات بعدة جهات مختلفة كوزارة الصناعة والتجارة والاتحاد العام للحرفيين والغرف الزراعية والصناعية والتجارية والجمعيات التعاونية للحرفيين والغرف الزراعية والصناعية والتجارية والجمعيات التعاونية والبلديات، حتي تكون هناك رؤية شاملة حول مصير هذه المشروعات. وبصفة عامة تشير التقديرات إلى أن نسبة 40% إلى 60% من تكلفة القيام بالأعمال في مصر، تأتي من القيود الإجرائية، حيث تكثر الشكاوى من اضطرار المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى التعامل مع المسئولين الحكوميين والمكاتب الحكومية المركزية والمحلية وعدم توافر المعلومات وعدم الرغبة في تقديم المساعدة. وأشار الرفاعى إلى أن العلاقة بين البنوك والمشروعات الصغيرة والمتوسطة فيها الكثير من الإشكالات فيما يتعلق بالضمانات وفترات السداد والإجراءات البيروقراطية. وقال إن أحدث تقارير البنك الدولي عن مناخ الاستثمار في مصر، أشار إلي صعوبة الحصول على التمويل وارتفاع تكلفته أمام المشروعات الصغيرة، حيث يتم تمويل 56% من المشروعات القائمة ذاتيا، بينما تمثل مساهمة البنوك في تمويلها أقل من 40% منها 13% للبنوك العامة و26% للبنوك الخاصة. وتقول الأرقام إن 78% من المشروعات الصغيرة لم تتقدم مطلقا للحصول علي قروض بنكية، وإن نسبة 92% من المشروعات الصغيرة التي تقدمت للحصول على تمويل بنكي تم رفضها. وفى دمياط أكد محمد الزينى، رئيس غرفة دمياط، تأثر عدد كبير من المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالمحافظة بالركود بسبب الأحداث الأخيرة نتيجة توقف حركة النقل. وأشار إلى التباين الشديد في أسعار المواد الأولية، والارتفاع المفاجئ في أسعارها بسبب عوامل السوق أديا إلى ارتفاع التكاليف وعدم القدرة على المنافسة ، وضعف القدرة الرأسمالية اللازمة للترويج والمشاركة في المعارض والمهرجانات التسوقية في الداخل والخارج . من جانبه نفي مصدر مسئول فى مركز تحديث الصناعة تأثر المشروعات الصغيرة والمتوسطة بمحافظات الصعيد مقارنة بالمحافظات القريبة بأحداث كما يدعى البعض. موضحًا أن عدد المشروعات الصغيرة والمتوسطة بمحافظات الصعيد يصل إلى 1000 مشروع رسمى طبقا لبيانات مركز تحديث الصناعة وهناك خسائر طفيفة يمكن تداركها. ولفت المصدر إلى أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تعانى الركود وعدم القدرة على التسويق وأمور أخرى عديدة ترتبط بالناحية القانونية والعلاقة بالبنوك وشدد على ضرورة استقرار الأمن السياسى والاقتصادى والاجتماعى لضمان استمرارية هذة المشروعات. تمثل المشروعات الصغيرة نحو 90% من إجمالى الشركات فى معظم اقتصاديات العالم وتوفر من 40 إلى 80%من إجمالى فرص العمل ونحو80% من إجمالى القيمة المضافة التى ينتجها القطاع الخاص ويعمل بها ثلثا القوة العاملة، وحوالي ثلثي قوة العمل بالقطاع الخاص ككل، وحوالي ثلاثة أرباع قوة العمل بالقطاع الخاص غير الزراعي. إلا أن نسبة مساهمتها في إجمالي الصادرات المصرية لا يكاد يتجاوز 4% فقط مقارنة ب 60% في الصين، 56% في تايوان، 70% في هونج كونج و43% في كوريا. وفي مصر يقصد بالمنشأة الصغيرة كل شركة أو منشأة فردية تمارس نشاطًا اقتصاديًا إنتاجيًا أو تجاريًا أو خدميًا ولا يقل رأسمالها المدفوع عن خمسين ألف جنيه ولا يجاوز المليون جنيه، ولا يزيد عدد العاملين فيها على خمسين عاملا.