حصلت "بوابة الأهرام" على كواليس الحوارات التي دارت بين مؤسسة الرئاسة والحكومة والمجلس الأعلى للصحافة حول التعديل الجديد الصادر اليوم بقرار بقانون من رئيس الجمهورية المستشار عدلي منصور بتعديل بعض أحكام القانون 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة. حيث إنه فور إرسال مجلس الوزراء للتعديل الجديد إلى رئاسة الجمهورية، تساءل الرئيس عدلى منصور عن المعايير التي سيتم على أساسها اختيار رؤساء التحرير ورؤساء مجالس الصحف القومية، لدرء أي شبهات حول وجود مصلحة لدى أعضاء المجلس الأعلى للصحافة في اختيار أسماء بعينها دون أخرى وعدم إتاحة مبدأ تكافؤ الفرص، وأكد الرئيس أن التعديل بصورته التي ذهبت للرئاسة منقوصة ولابد من وضع المعايير وأنه لا يريد أن يتدخل أو يضعها بنفسه ويترك للمجلس الأعلى للصحافة وضع المعايير التي يلتزم بها في القانون. فقامت الرئاسة والحكومة بإبلاغ المجلس الأعلى للصحافة وطالبوه بوضع المعايير بنفسه حتى يصدر القانون بشكل منضبط وتكون عملية اختيار رؤساء التحرير ومجالس الإدارة بشكل شفاف. وحسب مصادر مطلعة فقد حدثت اتصالات بين المستشار علي عوض صالح، المستشار الدستوري للرئيس وبين جلال عارف رئيس المجلس الأعلى للصحافة وضياء رشوان وصلاح عيسى عضوي المجلس حول الأمر، وأبلغهما بأن الرئيس يصر على أن يتم وضع معايير واضحة لعملية الاختيار. ووفقا للمصادر، رفض أعضاء المجلس الأعلى للصحافة وضع معايير بحجة أن التغيير الذي سيقوم به المجلس الحالي سيتم مرة واحدة خلال الفترة الانتقالية ولن يؤثر كثيرا لأن المجلس سينتهي دوره ويتم إلغاؤه بمجرد إقرار الدستور الجديد وإنشاء الهيئة الوطنية للصحافة التي تحل محله في الإشراف على المؤسسات الصحفية القومية. وأكدت المصادر أن أعضاء المجلس الأعلى للصحافة، دخلوا في جدل كبير مع المستشار الدستوري للرئيس وكان مصرا على وجهة نظره ومؤيدا لما طلبه الرئيس، ولكن أعضاء المجلس الأعلى للصحافة أدخلوا الدكتور مصطفى حجازي، المستشار السياسي والإستراتيجي للرئيس في الأمر، وأكدوا عدم منطقية وضع معيير للاختيار بدعوى أن المعايير قد تنطبق على أكثر من شخص في المؤسسة الواحدة، فإذا وقع اختيار المجلس الأعلى على أحدهم فقط فسيطعن الآخرون الذين تنطبق عليهم نفس المعايير ويلغون قرار تعيينه، مما سيقضي على الاستقرار بالمؤسسات الصحفية القومية. وظل الجدل والشد والجذب بين الرئاسة والمجلس الأعلى للصحافة طيلة الأسبوع الحالي، حتى أن المصادر أكدت أن بعض أعضاء المجلس الأعلى للصحافة هددوا بالاستقالة في حالة الإصرار على وضع معايير بالقانون، لأن هذا يشكك في نزاهتهم، ولكن تم التوصل لحل وسط بأن أضافت الرئاسة عبارتين جديدتين على التعديل وهما "وفقا للمعايير الموضوعية التي يحددها المجلس" و"يحظر عليه تعيين أحد أعضائه محل أي من رؤساء مجالس الإدارة ورؤساء التحرير الذين أنهى مدتهم". وقد كان التعديل المرسل في البداية للرئاسة ينص فقط على: "ويمارس المجلس مهامه خلال الفترة الانتقالية الحالية لحين إقرار الدستور الدائم للبلاد وانتخاب مجلس النواب وصدور التشريع اللازم في شأن تنظيم الصحافة، وللمجلس خلال هذه الفترة، و(لمرة واحدة) أن ينهي مدة أي من رؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية القومية ورؤساء تحرير الصحف والمطبوعات الصادرة عنها وأن يعين محلهم من يراه مناسباً لمدة لا تزيد على سنتين من تاريخ شغل الوظيفة". ولكن الرئيس أقر تعديل القانون اليوم، مضيفا إليه العبارتين السابق التنويه عنهما كحل وسط للأزمة وكأفضل من عدم وجود معايير تماما ولقطع الطريق على فكرة تعيين أي من أعضاء المجلس الحالي محل أي رئيس مجلس إدارة أو تحرير من الذين ينهي مدتهم. وشددت المصادر على أن تعديل القانون الجديد، لم يتم مراجعته من قبل مجلس الدولة، كما أنه سيثير لغطا كبيرا لعدم وجود ألية يمكن الاحتكام إليها لحسم أي خلاف قد ينشب بين أعضاء المجلس على اسم معين مقترح لرئاسة تحرير أو إدارة بعض الصحف القومية. ومن جانبها أكدت مصادر قضائية أن التعديل الجديد قاصر وأن الصحف القومية ستواجه عقبات مستقبلا بسبب هذا القصور وذلك أن التعديل حدد فترة عامين فقط لرؤساء التحرير ومجالس الإدارة الذين يتم تعيينهم من قبل المجلس الحالي، ولم ينص على كيفية التصرف في حال انتهاء تلك المدة ويكون المجلس الأعلى للصحافة قد انتهى دوره وتكون الهيئة الوطنية للصحافة التي ستحل محله لم تتشكل بعد. وشددت المصادر على أن هذه الحالة واردة جدا، حيث إن الدستور بفي حالة إقراره، فلا نعلم متى الانتخابات البرلمانية حتى يتكون مجلس النواب الذي سيقر قانون إنشاء الهيئة الوطنية للصحافة وقد نستغرق وقتا طويلا حتى إنشاءها ومن ثم، فقد تنتهي مدد رؤساء التحرير والإدارة الذين يتم تعيينهم من المجلس الحالي ويصبح استمرارهم باطلا وفي نفس الوقت سينتهي دور المجلس الحالي بعد إقرار الدستور الجديد وإذا استمر لحين انشاء الهيئة الوطنية للصحافة فمحظور عليه التغيير إلا لمرة واحدة ولا يستطيع إجراء أي تغيير بعد عامين. وأوضحت المصادر أن المبرر الذي ساقه المجلس الأعلى للصحافة لرفض وضع معايير بالقانون بحجة أنها قد تنطبق على أكثر من شخص فهو مببر غير منطقي ولا يعقل الأخذ به وإلا ما وضعت أي معايير اختيار في أي منصب بدعوى أنها قد تنطبق على أشخاص كثيرين. وأشارت المصادر إلا أنه حتى لو انطبقت المعايير على أكثر من شخص فهناك بالطبع على الأقل اختلاف واحد بينهم مثل أسبقية التقدم أو أسبقية التعيين بالمؤسسة أو التخرج، وإذا لم يوجد أي اختلاف فيحق للمجلس الأعلى أن يستخدم سلطته التقديرية في الاختيار من بين جميع من تنطبق عليهم المعايير وهنا يكون الاختيار عادلا لأنه لم يجامل أحدا بل انطبقت عليه الشروط القانونية.