شهدت تظاهرات إحياء ذكرى محمد محمود العديد من الأحداث المؤسفة التي تستحق وقفة مع النفس لإعادة تقييم ما يمكن توصيفه بالمسار الثوري والدخلاء عليه، بقصد تشويهه سواء بسوء نية أو بحسنها، فالدوافع هنا مفتوحة على كل الاحتمالات بما فيها تصفية هذا المسار برمته ومن قاده. ما حدث كان سابقة خطيرة لا يجب أن تمر دون محاسبة سياسية وقانونية، حينما قام بعض المحتجين بحرق العلم المصري أمام مبنى جامعة الدول العربية عقب أحداث العنف السياسي التي آلت إليه إحياء تلك القوى الثورية للذكرى بشكل غير مبرر مساء يوم 19 نوفمبر. ولقيت تلك السابقة إدانة واستنكارًا شديدين من جانب القوى الوطنية والسياسية، مؤكدة أن من قاموا بذلك العملية بمثابة خونه وعملاء لا ينتمون بأي ولاء لهذا الوطن. فمن جهته أكد السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق ورئيس حزب المؤتمر، أن من قام بحرق علم مصر فئة مأجورة لا تمت بصلة للوطن. وقال العرابي في تصريحات لبوابة الأهرام، إن علم مصر رمز للدولة وإهانته بمثابة إهانة مباشرة لمصر وللشعب. وأضاف العرابي، إننا لم نشاهد يومًا شعبًا أحرق علم بلاده كما حدث هنا في خلال إحياء ذكرى محمد محمود، فالعلم في أي دولة له احترامه وقدسيته الشديدة، مشيرًا إلى أن من قام بحرق العلم المصري شباب فوضوي يريدون نشر الفوضى داخل مصر، وإعطاء صورة سلبية للخارج عن تطور الوضع في مصر. كما استنكر العرابي محاولة بعض المتظاهرين اقتحام مبنى جامعة الدول العربية متسائلاً: ما علاقة مبنى الجامعة بما يحدث من خلافات داخل مصر، أو حتى إحياء ذكرى محمد محمود..؟ مشيرًا إلى ضرورة مواجهة تلك الأعمال التخريبية بكل حسم وحزم حتى لا تتكرر. ومن جهته أكد عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبي لبوابة الأهرام، أن حرق العلم المصري نوع من أنواع البلطجة والاستهتار من مجموعة وصفها ب "المندسة" بين المتظاهرين، ومعدومة الولاء للوطن، أو لديها شعور بالانتماء السياسي. وأضاف شكر للبوابة، أنه لا يمكن أن ننسب هؤلاء الشباب إلى الثورة والثوار، فالثائر الحقيقي لا يفعل ذلك أبدًا، مؤكدًا أن الثوار الحقيقيين كانوا في شارع محمد محمود يحيون ذكرى الشهداء في تظاهرة سلمية، وقاموا بفض التظاهر في تمام الساعة الثامنة والنصف من مساء أمس، كما وعدوا فقد غادروا الشارع والميدان بعد هذا التوقيت. أما هؤلاء الذين أحرقوا العلم ومارسوا الشغب حتى ساعة متأخرة من الليل، فهناك الكثير من علامات الاستفهام حولهم..! ومن الذي دفع بهم وما هو هدفهم من ذلك مشيرًا إلي أن ما حدث موقف غريب ومريب في نفس الوقت، يحتاج إلى تفسير. ومن ناحيته أكد فؤاد بدراوي السكرتير العام لحزب الوفد أن من الحرق العلم شباب مغيب لا ينتمون لهذا الوطن. وقال بدراوي لبوابة الأهرام: إن مشهد حرق العلم أحزن الشعب المصري كله مشيرًا إلي أنه أيًا كانت الخلافات في الرؤى ووجهات النظر بين شرائح المجتمع المصري، فإن هناك ثوابت وطنية لا يجب المساس بها مهما كانت الظروف، منها العلم رمز الدولة. أما الدكتور شوقي السيد الفقيه الدستوري فأكد أن من أقدم على حرق علم بلده فهو خائن لوطنه ولشعبه. وقال السيد في تصريحات لبوابة الأهرام: إن من فعل ذلك لا يستحق الحياة تحت سماء مصر ولا أن يتنسم من هوائها أو يشرب من مائها فهو خائن ويقع على رأس أعداء الوطن. وأضاف: هذه المجموعة تعمل لصالح جهات داخلية وخارجية تريد نشر الفوضى داخل مصر. وقال الفقيه الدستوري إن حرق علم مصر جريمة من جرائم الخيانة حسب مضامين الباب الأول من قانون العقوبات الخاص بجرائم إهانة الدولة من الداخل موضحًا أن هذه الجريمة تقع على قمة جرائم خيانة الوطن وأمن الدولة. كما استنكر شوقي السيد عدم قيام الشرطة بالقبض على هؤلاء الشباب بعد حرقهم لعلم البلاد مشددًا على ضرورة مواجهة تلك الفوضى بالحسم والحزم والقانون كفيل بهذا.