تسبب مشروع إعادة تهيئة عمرانية في وسط اسطنبول يشمل بالخصوص إزالة حديقة صغيرة تضم 600 شجرة، في حركة احتجاج سياسي عنيفة تهز منذ يومين العاصمة الاقتصادية للبلاد وحكومتها. ويقضي المشروع بإزالة حديقة جيزي الواقعة في أحد أطراف ساحة تقسيم وسط اسطنبول ليقام محلها مبنى على شكل ثكنة عسكرية قديمة على الطراز العثماني يضم مركزا ثقافيا وربما أيضا مركزا تجاريا. ويهدف المشروع الذي تنفذه بلدية اسطنبول ويقف وراءه حزب العدالة والتنمية المنبثق من التيار الإسلامي والذي يحكم تركيا منذ 2002، إلى جعل ساحة تقسيم منطقة مشاة ووقف حركة السيارات الكارثية في وسط هذه المدينة العملاقة التي يقطنها أكثر من 15 مليون نسمة. ومنذ شهر تشرين نوفمبر تم حفر أنفاق لعبور السيارات وملوثاتها بحسب البلدية وتجميل الساحة وتحسين المنطقة المحيطة بها والتي تعد أهم مقصد للسياح في اسطنبول. لكن هذا المشروع ليس محل إجماع المهندسين والمعماريين وأنصار البيئة الذين يرون فيه مثالا عن إعادة التهيئة العمرانية العشوائية والمصممة في المقام الأول للمستثمرين العقاريين دون أي اهتمام بالبيئة. وأطلقت البلدية والحكومة في الآونة الأخيرة سلسلة مشاريع عملاقة في اسطنبول بينها جسر ثالث على البوسفور ومطار ثالث يريدونه أن يكون الأكبر في العالم سيقام فوق إحدى آخر أجمل المناطق "الخضراء" في المدينة. ويرفض آخرون، لدوافع سياسية، أن يروا ساحة تقسيم المكان التقليدي للتظاهرات، تستقبل واحدا من المراكز التجارية الكثيرة التي فرخت في السنوات العشر الأخيرة في المدينة مستفيدة من النمو الاقتصادي المرتفع في البلاد. لكن رغم الاحتجاجات في اليومين الأخيرين، أكد رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان رغبته في المضي في المشروع وذلك رغم قرار صدر الجمعة من محكمة إدارية باسطنبول بتعليقه. وأكد السبت "سنعيد بناء الثكنة العسكرية".