فرص عمل جديدة بمحافظة القليوبية.. اعرف التفاصيل    جامعة القناة تنظم برنامجًا تدريبيًا للطلاب لتعزيز التعليم التطبيقي (صور)    رغم امتلاء بحيرة سد النهضة، إثيوبيا تواصل تعنتها وتخفض تدفق المياه من المفيض    "حقوق الإنسان فى مصر بين استراتيجية وطنية وواقع حقيقى"، مائدة مستديرة بحزب العدل اليوم    وزيرة التنمية المحلية: النهوض بموظفي المحليات ورفع مهاراتهم لجذب الاستثمارات    وزير الكهرباء: بدء تشغيل محطة الضبعة عام 2029    رئيس الوزراء يتفقد محطة مياه العدوة ضمن مشروعات مبادرة «حياة كريمة»    عاجل| لا زيادة في أسعار البنزين لمدة 6 أشهر    سفير تركيا بالقاهرة يعلن عن 25 ألف فرصة عمل مرتقبة بالعاصمة الإدارية    وزير الكهرباء: سارقو التيار يستخدمون تكنولوجيا حديثة لا نمتلكها    مقتل إسرائيلي وإصابة 14 آخرين إثر سقوط صاروخ في منطقة عكا المحتلة    حزب الله يعلن قصف مدينة صفد في شمال إسرائيل بالصواريخ    أفريقية النواب: كلمة الرئيس السيسي أمام البريكس بعثت رسالة طمأنة للمستثمر الأجنبي    السوبر المصري.. عمر جابر يحضر المؤتمر الصحفي قبل لقاء بيراميدز والزمالك    لاعب الزمالك مطلوب في بتروجت على سبيل الإعارة    مرموش ضمن قائمة أكثر اللاعبين تسجيلًا للأهداف بالدوريات الخمسة الكبرى    حقق فائضا 550 ألف جنيه.. وزير الرياضة يتفقد نادي الرحلات بالبحر الأحمر    دفاع المتهم بالتعدي على فتاة التجمع: اعترضت على الأجرة واتهمت موكلي بالتحرش    أمن القاهرة يضبط عاطل بحوزته مبلغ مالى ومشغولات ذهبية قام بسرقتها من أحد المساكن    تأجيل محاكمة تاجر فاكهة لاتهامه بإنهاء حياة شخص بالقليوبية    ضبط كهربائى بالدقهلية يتلاعب فى عدادات الكهرباء بإضافة أرصدة وهمية    خريف القلب، تفاصيل أول مسلسل سعودي مقتبس من الدراما التركية    «كلب» على قمة الهرم.. رحلة الصعود والهبوط تبهر العالم    رئيس الوزراء: لا زيادة جديدة في أسعار الوقود لمدة 6 أشهر قادمة    الحكومة: تشغيل مستشفى العدوة المركزي تجريبياً خلال شهر لخدمة أهالي المنيا    فرق المتابعة تواصل المرور على الوحدات الصحية لمتابعة الانضباط الإداري بالزرقا بدمياط    عميد طب الأزهر بأسيوط: الإخلاص والعمل بروح الفريق سر نجاحنا وتألقنا في المنظومة الصحية    مؤتمر سلوت: أنت تقللون من لاعبينا.. ولست الشحص الذي يتفاوض مع الوكلاء    رئيس مياه المنيا يتفقد محطتي مياه بني مزار الجديدة والعدوة الجديدة لمتابعة حسن سير العمل    شرطة طوكيو: هجوم بالقنابل يستهدف مقر الحزب الحاكم في اليابان واعتقال مشتبه به    أستاذ اقتصاد: الجودة كلمة السر في قصة نجاح الصادرات الزراعية    6 غيابات تضرب يوفنتوس أمام لاتسيو.. وعودة فاجيولي وويا    ضبط 3 طلاب تحرشوا بسيدة أجنبية في القاهرة    الرئيس السيسي لوفد النواب الأمريكي: يجب وضع حد للحرب في غزة ولبنان    «آثار أبوسمبل» تستعد للاحتفال بتعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني    أفشة: مباراة سيراميكا صعبة| وتعاهدنا على الفوز باللقب    الأوقاف: انعقاد مجلس الحديث الثاني لقراءة كتاب "صحيح البخاري" بمسجد الحسين    الداخلية تستعيد 11 مليون جنيه في ضربة قوية لتجار العملة    جولات ميدانية لمتابعة تطبيق الأجرة الجديدة في المنوفية.. صور    بالاسم .. الصحة تدشن موقعاً إلكترونياً لمعرفة المثائل و البدائل للادوية الهامة    داعية بالأوقاف: الانشغال بالرزق قد يبعدنا عن ما طلبه الله منا    ارتدوا الملابس الخريفية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة خلال الأيام المقبلة (تفاصيل)    مصر تشدد على ضرورة إيقاف العدوان الإسرائيلي وفك الحصار عن قطاع غزة    14 عبادة مهجورة تجلب السعادة .. عالم أزهري يكشف عنها    خيري الكمار يكتب : رسالة إلى وزير الثقافة .. المهرجانات فى خطر    التصرف الشرعي لمسافر أدرك صلاة الجماعة خلف إمام يصلي 4 ركعات    الشيخ أحمد كريمة يوجه رسالة لمطرب المهرجانات عمر كمال    حزب الله يُعلن استهداف جنود ومواقع إسرائيلية    المخرج عمرو سلامة لمتسابقة «كاستنج»: مبسوط بكِ    رغم اعتراض ترامب.. قاضية تُفرج عن وثائق فى قضية انتخابات 2020    بسبب الأجرة.. ضبط سائق تاكسي استولى على هاتف سيدة في القاهرة (تفاصيل)    تامر عاشور ومدحت صالح.. تفاصيل الليلة الثامنة من فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    الصور الأولى من حفل خطوبة منة عدلي القيعي    عمرو أديب: المتحف المصري الكبير أسطوري ولا يضاهيه شيء    ليلة لا تُنسى.. ياسين التهامي يقدم وصلة إنشادية مبهرة في مولد السيد البدوي -فيديو وصور    كرة يد - فلاورز البنيني يتأهل لنهائي إفريقيا ويضرب موعدا مع الأهلي    ستاندرد آند بورز تعلن أسباب الإبقاء على نظرة مستقبلية إيجابية لمصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبناء قرية "البيضا" السورية شهود عيان لأسوأ مذابح الحرب السورية
نشر في بوابة الأهرام يوم 28 - 05 - 2013

استيقظ أحمد على صوت الرصاص واستطاع أن يسمع أصوات المسلحين وهم يطرقون باب أخيه وألسنتهم تطلق الشتائم وتصف أفراد الأسرة بأنهم كلاب.
قالت زوجة أخيه إن المسلحين أمروا زوجها بان ينحني للرئيس بشار الأسد. ثم جر المسلحون الزوج والزوجة وابنيهما الصبيين إلى ساحة القرية.
وقال أحمد "أبلغتني بأن ركبة ابنها كانت تدمي لأنهم ركلوه وجروه."
وعندما انتهت اعمال العنف تجرأ أحمد وخرج من مخبئه بغرفة علوية. في أقل من ساعتين أصبحت "البيضا" وهي قرية قريبة من البحر المتوسط مسرحًا لواحدة من أسوأ المذابح في الحرب المستمرة في سوريا منذ أكثر من عامين.
مع تفكك البلاد تحت وطأة الحرب الأهلية حققت قوات الأسد مكاسب ضد مقاتلي المعارضة في هجوم مضاد لتأمين ممر يربط العاصمة دمشق بمعقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس على الساحل.
وكانت البيضا وهي جيب صغير للمتعاطفين مع مقاتلي المعارضة تحيط بها قرى مؤيدة للأسد مكانًا مثاليًا للحكومة لتوصيل رسالة قاسية.
وعلى بعد خطوات من منزله في مكان ما قرب ساحة القرية الرئيسية عثر أحمد على جثة أخيه.
وقال وهو يقرأ من مذكراته الشخصية لما رأه "كان مجردًا من ملابسه." توقف برهة وتمالك نفسه. وقال "ضرب بالرصاص في رأسه وتركت الرصاصة فتحة في حجم الكف. نزف دمه على الأرض."
وعلى مدى 90 دقيقة تقريبًا وصف أحمد كيف عثر على جثث متفحمة وعلى أدلة تثبت وقوع مذابح : في إحدى الحالات 30 رجلًا وفي حالة أخرى 20 امرأة وطفلًا كانوا مختبئين في غرفة صغيرة.
وقرأ أسماء القتلى ووظائفهم وأعمارهم وعلاقاتهم ببعضهم البعض والأوضاع التي شاهد الجثث عليها.
ترك الهجوم العشرات من أقاربه وجيرانه قتلى. وسجل أحمد كل تفاصيله حتى يصدر التاريخ حكمه.
كان اليوم الثاني من مايو .. يوم خميس وبداية عطلة تستمر ستة أيام. عاد كثير من التلاميذ إلى بيوتهم ولم يكن لدى رجال القرية أي خطط للمجازفة والخروج إلى شاطئ البحر لبيع محصول الخضراوات مثلما يفعل كثيرون دائما، لم يكن يوم دراسي للأطفال.
صاحت الديوك عندما دخل الرجال المسلحون البيضا وهي قرية تتكون من شبكة أزقة ضيقة كان يسكنها نحو 5000 نسمة معظمهم من السنة، وكانت البيضا التي يمكن مشاهدتها من القرى العلوية المحيطة بها تعيش في سلام مع جاراتها قبل الحرب وتقع خارج بلدة بانياس الصغيرة التي تطل على الخط الساحلي السوري من التلال.
ووفقا لناشطين من المعارضة ما حدث بعد ذلك كان حمام دم طائفيًا أعقبه آخر في قرية رأس النبع المجاورة.
جاء الهجوم على البيضا بعد وقت قصير من مهاجمة حافلة تقل أفراد ميليشيا موالية للأسد قتل فيه ستة أشخاص.
ويقول المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض ومقره بريطانيا أن 300 شخص على الأقل قتلوا في البيضا ورأس النبع. ويقول ناشطون ان الضحايا دفنوا في مقابر جماعية وان آلاف الاشخاص لاذوا بالفرار.
ولا يمكن للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي التي تنظر جرائم الحرب ان تحقق في سوريا ما لم تتسلم احالة من مجلس الامن التابع للأمم المتحدة وهو شيء عرقلته روسيا والصين.
ولزمت الحكومة السورية الصمت بشأن البيضا. لكن ضابط مخابرات سوري طلب عدم الكشف عن هويته اعترف بأن المرتكبين موالون للحكومة وبينهم البعض من القرى العلوية المحيطة.
وانحازت البيضا ورأس النبع اللتان يسكنهما سنة الى المعارضة مما وضعهما في موقف خطير وسط القري العلوية الموالية بقوة للحكومة التي تحيط بها.
وأصبحت البيضا ورأس النبع ملاذا آمنا للعديد من المنشقين من الجيش كما انضم كثير من الشباب الى الجيش السوري الحر.
والآن أصبحت البيضا مثل رأس النبع مدينة اشباح. المنازل أحرقت ولم يبق أي نساء وبقي عدد صغير فقط من الرجال. وباستثناء عدد صغير من الدواجن اختفت معظم الدواجن والماشية.
والطريق الوحيد لكي يدخل غريب البيضا التي تخضع لرقابة أمنية حكومية صارمة هو طريق خلفي مترب يتعرج وسط التلال. وقامت رويترز بهذه الرحلة لجمع أقوال شهود عيان.
وقال أحمد في منزله المتواضع والمرتب للغاية "استيقظت على أصوات الطلقات قبل السابعة صباحا." وأحضر من غرفة اخرى مذكرة سجل فيها بخط منمق كل شيء شاهده.
وحجب أحمد اسمه الكامل وعمله في القطاع العام خوفا من الانتقام.
وقال وهو يقرأ من مذكراته "لم يعرف أحد بيننا ما كان يجري. لم يكن بإمكاننا أن نعرف أين تسقط القذائف."
واختبأت زوجته وأطفاله في البدروم وذهب أحمد الى بيت أخيه الذي يقع في الطابق الأول من منزل العائلة المكون من طابقين. وعندما اصبح صوت اطلاق النار يقترب أكثر حثت والدة أحمد ابنيها على الاختباء.
وخلال العامين الماضيين وعندما كانت قوات الامن الحكومية تداهم القرية كان يتم اعتقال الرجال الذين يشتبه في علاقتهم بالمعارضة فقط. وكانت النساء والاطفال تترك وشأنها.
لكن هذه المرة شيء ما ألح على أحمد للاختباء رغم انه لم يرتكب اي خطأ. ذهب الى غرفة علوية لكن أخيه بقي ودخل في جدل مع امهما.
وتذكر أحمد "أخذ يقول لها (ولماذا يجب ان أهرب؟ لم أرتكب أي خطأ. من الافضل ان أبقى بالمنزل. ليس لديهم شيء ضدي)."
وشملت قائمة الضحايا نساء وأطفالا رضع ومسنين وشخصيات كبيرة. ومحمد طه البالغ من العمر 90 عاما كان صانع الاحذية بالقرية على مدى عشرات السنين حتى بعد ان فقد ساقا في حادث سيارة.
وهناك الشيخ عمر البياسي (62 عاما) الذي عثر أحمد على جثته بجوار زوجة الشيخ التي قتلت وابنهما حمزة طالب الطب.
كان الشيخ البياسي امام القرية لمدة 30 عاما. كان مواليا للحكومة ابتعد بآرائه السياسية عن السكان المحليين قبل ان يستقيل قبل عامين.
وقال أحمد "رغم انه عارض الاحتجاجات دائما الا انهم قتلوه."
ومنيت عائلة البياسي بأكبر خسائر ولها 36 حالة وفاة موثقة. وعثر أحمد على جثث لأفراد من العائلة في غرفة صغيرة .. أم وبناتها الثلاثة وابن صغير كان في مدرسة القرية مع أطفال أحمد.
وتذكر أحمد "كانوا يتكئون على بعضهم البعض."
وقبل حلول الظلام اصطدم أحمد بمشهد مروع آخر. ثلاث جثث متفحمة ترقد على بعضها البعض.
وقال "كان الدخان مازال يتصاعد منهم."
وتم التعرف على هوياتهم في اليوم التالي عندما جاء الهلال الاحمر مع مسئول حكومي. كان أحد الضحايا المتفحمين هو ابراهيم الشقاري (69 عاما) الذي كان معوقا ذهنيا.
وعمليات إراقة الدماء جعلت كثيرين يتساءلون أن كانت الحكومة السورية تعد لدولة علوية على الشريط الساحلي.
ويقيم في الشريط الساحلي غالبية من الطائفة العلوية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.