أتت ردود الأفعال من جانب القوى السياسية والثورية على دعوة جماعة الإخوان لمليونية الجمعة 19 أبريل للحفاظ على الثورة من القوى المضادة وتطهير القضاء، كاشفة للهوة المتزايدة بين التيارين الإسلامي والمدني، وصعوبة التوافق السياسي. ورفضت جبهة الإنقاذ الوطني في اجتماعها مساء الخميس المشاركة بتلك المليونية، وحذر البيان الذي أصدرته الجبهة، مما أسمته الهجمة الشرسة الجديدة على السلطة القضائية، والتي بدأ التمهيد لها بالدعوة لمليونية الجمعة 19 أبريل التي تدعمها جماعة الإخوان أمام مكتب النائب العام، وأكدت الجبهة أنها ستقف مع كل القوى الوطنية الشريفة ضد المذبحة التي تدل الشواهد على أن سلطة الإخوان تعد لها سعيًا لإخضاع القضاء لهيمنتها. وينسجم هذا التوجه مع الموقف الذي بدا أنه متساهلًا تجاه أحكام البراءة التي نالها رموز النظام السابق بما فيه مبارك نفسه. ولذا لم تأت مواقف القوى الحزبية التي تتشكل منها الجبهة معبرة عن هذا الموقف العام، حيث رفض حزب الدستور المشاركة بالمليونية، معربًا عن بالغ قلقة، كما أكد بيانه الصادر صباح اليوم من تلك الدعوة والتظاهر أمام مكتب النائب العام، ووصفها بكونها تمهيدًا واضحًا لتمرير تشريعات غير متوافق عليها من خلال مجلس تشريعي، مجلس الشورى مطعون في شرعيته، بهدف التخلص من عدد لا يستهان به من رموز القضاء المصري وشيوخه، وسعيًا لإخضاع مؤسسة القضاء لقوى سياسية بعينها تسعى إلى إحكام سيطرتها على جميع مفاصل الدولة؛ لخدمة أغراضها الخاصة في خرق صريح لأحكام الدستور والقانون. كما استنكر الحزب ما سماه بمحاولات التذرع بأسباب مختلقة للمساس باستقلال القضاء، والسعي لاختراق منظومته المؤسسية سعيا لخدمة أهداف سياسية، وقال بيان الحزب إن المصريين وقواهم الوطنية والثورية لطالما طالبت بأهمية إصلاح المنظومة القضائية كجزء لا يتجزأ من تحقيق أهداف الثورة الرامية لدعم دولة المؤسسات التي تعلى المصلحة الوطنية وتضمن حماية واحترام الحقوق والحريات. وفي الوقت نفسه التمسك بضرورة دعم استقلال القضاء وحمايته من أي تأثيرات سياسية أو عقائدية يمكن أن تؤثر على تحقيق العدالة وإعلاء كلمة القانون. كما أكد الحزب وقوفه في صف القضاء المصري وشرفائه المدافعين عن استقلاله وحيدته، وطالب القوى السياسية الداعية للتظاهرة بعدم جر البلاد إلى صراع سياسي جديد حول القضاء، من شأنه أن يعمق حالة الاستقطاب المتصاعدة داخل المجتمع المصري، ويزيد من حدة المأزق السياسي الذي يواجه جميع أطراف المشهد السياسي الراهن. كما يؤكد الحزب أن أي جهد حقيقي لإصلاح المنظومة القضائية لابد أن يبدأ بترك النائب العام الحالي لمنصبه، وتعيين نائب عام جديد مستقل ترشحه السلطة القضائية؛ وفقًا لقواعدها الراسخة وتحت إشراف شيوخها. موقف الدستور عكس إجماعًا عامًا داخل القوى السياسية على رفض المشاركة، إلا أن هذا الإجماع افتقد في موقف القوى الثورية الشبابية. حيث تباينت المواقف ما بين مؤيد ومعارض، حيث تتزامن المليونية الإسلامية من حيث الزمان والمكان مع المظاهرة التي دعت إليها الجبهة الحرة للتغيير السلمي أمام مكتب النائب العام، وفي ميدان التحرير للتعبير عن رفضها استمرار احتجاز النشطاء السياسيين، بالإضافة لقرار الإفراج عن مبارك. إذ أيد الاتحاد العام للثورة المشاركة في مظاهرة الغد، فيما انسحبت من المشاركة حركة شباب 6 أبريل، وحزب 6 أبريل، واتحاد شباب الثورة، وحركة الغضب الثانية، وتحالف القوى الثورية، رغم اتفاقهم مع الشعارات التي ترفعها مليونية الإسلاميين، أو مظاهرة الجبهة الحرة. فقد أيد مصطفى يونس النجمي المتحدث الرسمي للاتحاد العام للثورة مليونية تطهير القضاء بميدان التحرير ومختلف ميادين مصر، مؤكدًا أنه لا خلاف على استقلالية القضاء واحترامه، وعدم التعليق على أحكامه، ولكن تطهير القضاء يُعد مطلبًا ثوريًا ضمن المطالب التي تم رفعها الميدان. وقال النجمي: نحن ضد أي محاولة للتأثير على القضاء أو النيل من قيمته وشموخه وضد محاولات أخونة الدولة، ولكن هناك بالفعل أذناب لذيول النظام السابق تعمل ضد الثورة، وتحاول إعادة إنتاج النظام السابق، الأمر الذي لا نقبله على الإطلاق، وسوف نتصدى له حتى نعبر من هذه المرحلة العصيبة التي تولدت نتيجة عدم فهم الإخوان والنظام الحالي لطبيعة المصريين، وإدارة أمور الدولة وتهميش الشباب. وفي الوقت الذي أعلنت فيه حركة 6 أبريل أنها مع تطهير القضاء، إلا أنها ربطت تلك العملية بعدم المساس باستقلاله، وأن تتم تلك العملية من داخل مؤسسة القضاء بعيدًا عن تدخل السلطة التنفيذية للحفاظ على ما سمته عدم تلونه بأي لون سياسي أو عقائدي. وأكدت الحركة في بيان لها أنها كانت من أوائل القوى التي طالبت منذ ثورة يناير قضاة مصر الوطنيين بتطهير المؤسسة القضائية من أصحاب المصالح والمنتفعين، وبقايا النظام المخلوع، والآن نطالبهم بتطهيرها من القضاة الموالين للسلطة السابقة والحالية على السواء. وأكد خالد المصري مدير المكتب الإعلامي، أن الحركة لن تشارك بجمعة تطهير القضاء لعدم وضوح الرؤية والآلية لتطهير القضاء، وقال: نحن ضد اتخاذ أي إجراءات استثنائية من السلطة التنفيذية من شأنها إدخال البلاد في أزمات سياسية جديدة. ونؤكد دوماً أنه لابد من تعيين نائب عام جديد بواسطة المجلس الأعلى للقضاء؛ لإنهاء هذه أزمة النائب العام، فمازال المصريون في انتظار الأدلة الجديدة وتعديل الادعاء بقضايا الثورة التي وعد بها الرئيس بعد قيامه بتشكيل لجنة تقصى الحقائق بنيابة الثورة. وأضاف كنا نتمنى الاستجابة لدعوات تطهير واستقلال القضاء التى أطلقناها بعد الثورة مباشرة؛ ولكون دعوات اليوم أتت متأخرة سنتين، ومن أصحاب أعلى سلطة تنفيذية، وأصحاب أغلبية المجلس التشريعي، الذين بإمكانهم تحقيق جميع أهداف الثورة من خلال وجودهم بالسلطة بشقيها التنفيذي والتشريعي إذا كانت لديهم الإرادة الحقيقية. ومن جانبها أعلنت الجبهة الحرة للتغير السلمي إلغاء المسيرة التي دعت إليها أمام مكتب النائب العام؛ نظرًا لما سمته تواري الإخوان المسلمين وراء النداءات الثورية ومحاولتهم المكشوفة للاندساس بين صفوف الثوار الحقيقيين مرة أخري. وقال عصام الشريف منسق الجبهة: إن قرار الجبهة أتى بعد انعقاد مكتبها السياسي، لكي تتضح أمام المصريين متاجرة الإخوان بأهداف الثورة ومستقبلنا، وحقيقة تحركاتهم التي لا تمس الثورة من قريب أو بعيد، بالإضافة لحقن دماء الشباب المصري التي ثبت بالدليل أن النظام الحاكم لا يقيم لها وزنًا. في الوقت ذاته دعت الجبهة المصريين للمشاركة في الوقفة الاحتجاجية التي دعا إليها تحالف القوى الثورية أمام السفارة القطرية يوم السبت 20 أبريل 2013 بالساعة الخامسة عصرًا, للتعبير عن رفضهم الإساءات المستمرة من بعض الجهات في قطر بحق مصر، وتأكيدًا علي أن مصر أكبر من تنال منها أصوات الأقزام. ومشددين على أن مصر مهما اشتدت بها الأزمات لن تركع، ولن تقبل أن تكون دولة تابعة سنظل أبد الدهر السند والأخ الأكبر لهذه الأمة العربية، ودرعها وسيفها، ولن يباع تراب الوطن. وأن تلك الوقفة ستأتي متواكبة مع وقفة احتجاجية مماثلة من رفاق الدرب وأشقاء الثورة في تونس ضد العبث القطري في بلادهم. وأكد الموقف نفسه عمرو حامد المتحدث باسم اتحاد شباب الثورة قال: لن نشارك في المسرحية الهزلية لتظاهرات الإخوان ضد أنفسهم، والتي تهدف لسيطرة الإخوان على القضاء وليس تطهيره، فجماعة الإخوان تحاول أن تمثل دور المعارضة، رغم كونهم في السلطة الحاكمة، وأن تستغل قرار إخلاء سبيل مبارك المسئول عنه النائب العام طلعت عبدالله الذي عينته جماعة الإخوان؛ لكي تسيطر علي القضاء المصري، وبقانون تفصيل إخواني، ويصبح قضاء الإخوان بديلا عن قضاء النظام السابق، وأن القوي الثورية خرجت في مئات التظاهرات ضد تطهير القضاء، ورفض البرلمان الإخواني عام 2011 قانون السلطة القضائية، رغم تلك التظاهرات وكانوا يؤيدون المحاكمات الهزلية لرموز النظام السابق، وكانوا يدعمونها، وحاولوا مواجهة وتخوين الثوار الذين يطالبون باستقلال القضاء، واعتصام 8 يوليو أكبر دليل علي ذلك، فعندما هاجمت الإخوان وخونت المعتصمين الذين يطالبون باستقلال القضاء، ونزلت في تظاهرات ضدنا.