يرى عبود الزمر، القيادي البارز وعضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية أن الرئيس مرسي، يستمع جيدًا للنصائح، لكنه تسلم مهمة صعبة، حيث إن هناك مقاومة من الداخل والخارج معًا، وسوف تعيقه عن تحقيق وعوده؛ لأنها تريد "خراب البلد"، ويدافع الزمر، في حواره مع "بوابة الأهرام" عن الإخوان المسلمين.. معتبرًا أن الحديث عن سيطرتها على "الرئاسة" أمر مغالٍ فيه. ورأى الزمر أن جماعة الإخوان تقدم مقترحاتها، وقد يأخذ بها الرئيس أو لا يأخذ بها، لكنه يرى في الوقت نفسه أنها تمثل عبئًا على الرئيس بتصريحاتها المستقبلية، كما يدافع أيضًا عن حق "الفلول" في ممارسة العمل السياسي، مادام لم تصدر بحقهم أي أحكام قضائية.. وفيما يلي نص الحوار: - ماهو تقييمك لما يحدث بالشارع المصري؟ هل هو استمرار للثورة؟ استمرار الثورة في البناء والتعمير وتشييد الدولة؛ لأننا أزلنا النظام البائد السابق، وبالتالي لابد أن نهتم بالبناء، ولدينا الآن آليات للاعتراض، وآليات لتغيير الدستور من خلال مجلس الشعب، والحصول على الأغلبية، ولو فيه اعتراض على قرار للرئيس، فالاعتراض يكون بشكل إداري أو من خلال التظاهر السلمي، و"اللا كل واحد يجيب شوية عصابة ويقطع الطرق وخلاص". - لماذا لم يطبق التيار الإسلامي وجهة نظرك، حين تمت محاصرة المحكمة الدستورية في أثناء الحكم الخاص باللجنة التأسيسية لوضع الدستور؟ الناس هتفت قدام المحكمة الدستورية لكي تبين أن تفكيك تلك المؤسسات –اللجنة التأسيسية لوضع الدستور والبرلمان- هتنهار الدولة، والمحكمة تم فتحها وإعادة العمل بها، وأنا لست من أنصار الضغط على القاضي "عصبيا"، ولكن أريد أن يحكم في وضع طبيعي، دون الانحياز لأي من الأطراف، وهذا لا ينفي أن المحكمة الدستورية كان بها تسييس واضح، وهو الأمر الذي جعل الناس تشعر بأننا لن نتقدم بالمسار الثوري، خاصة أنها كانت ترفض كل قرار يتخذه الرئيس، فهي كانت كارهة وجود مرسي، في الحكم ووجود التيار الإسلامي بشكل عام. - وماذا عن أزمة النائب العام الحالي، لماذا لا يستجيب الرئيس للمطالب التي ترى أن تعيينه تسييسًا للمنصب؟ المرحلة الماضية انتهت بوصول النائب العام الحالي، والدستور عندما تم التصديق عليه من الشعب أصبح الآن ليس من سلطات الرئيس عزل النائب العام، ولا يصح أن نضغط على الرئيس في ذلك، ولكن أدبيًا يمكن أن تأتي تلك الخطوة من النائب العام نفسه، ويترك الاختيار للمجلس الأعلى للقضاء طبقًا للدستور، والآن لا ينفع أن نضغط على الرئيس أن يأخذ قرارًا ليس من اختصاصه. - وهل من الممكن أن يستقيل النائب العام الحالي؟ من الوارد ذلك حتى يحل الأزمة الحالية، وأنا واحد من الناس لو كنت قاضيًا، ورأيت أناسًا لا ترضى بي حكمًا هرفع أيدي وأمشي. - ما هو الحل لحالة الاستقطاب التي نعيشها الآن؟ الجماعة الإسلامية تقدمت بمبادرة لحل تلك الأزمة؛ أولها الدخول في الحوار الوطني، بالإضافة إلى الاهتمام بقضية المصالحة الوطنية، وأنا من أنصار أن يتم العزل السياسي بطريقة شعبية، وليست قانونية، وهنا ألفت إلى أن من صدر ضده حكم قضائي فقط هو من نعتبره في وضع العزل السياسي. - هل يرجع رأيك ذلك إلى ما عانته الجماعة الإسلامية من عزل سياسي خلال النظام الماضي؟ هي قواعد العدل العامة في الإسلام، "ولا تَزِرُ وازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى"، ونحن عانينا من الإقصاء بلا ذنب من قبل النظام السابق، والإنسان عندما يعاني من المظالم ويخرج بعدها إلى المجتمع يجد أنه لا يستقيم الملك إلا بالعدل والعفو، لذا وجبت المصالحة الوطنية، وليس كل منتم إلى الحزب الوطني هو "فلول" وفاسد، فهناك أناس كانت منضمة إلى الحزب الوطني لظروف عملها. - معني ذلك أنك كنت مع ترشح عمرو موسى، وأحمد شفيق لرئاسة الجمهورية؟ أي شخص من حقه الترشح والشعب يقرر. - ولكن تصريحاتكم وقتها وصفتهم ب"الفلول"؟ هم النخبة السياسية التي كانت تقود المجتمع وقت سيطرة الحزب الوطني، وكانوا في موقع قيادة، وشهدوا الفساد ولم يقاوموه، وما زال هناك أناس تريد أن تخرب مصر، فالآن هناك "يد تبني ويد تخرب". - من يريد تخريب مصر؟ كل من له مصلحة في عودة النظام السابق وعدم استمرار مرسي في الحكم. - الإحساس العام لدى الناس هو أن الإخوان المسلمين تتدخل في عمل الرئاسة؟ الأمر مغالى فيه تمامًا، فالإخوان تتقدم باقتراحاتها، وقد تأخذ بها الرئاسة أو لا تأخذ، والرئيس جهة مستقلة، وجميع الأحزاب على مسافة واحدة منه، وما نقوله هو أن الإخوان عليها أن تشعر بوجود مشكلة، وهي أن الناس تظن أنها تستأثر، ولذا لابد أن تسعى إلى دعم الرئيس، لا أن تكون عبئًا عليه. - الظاهر أن الإخوان تستأثر بذلك حتى على باقي أطراف الإسلام السياسي؟ نعم هذا هو الظاهر، ولذا على الإخوان مثلا أن تكف عن كل تصريح مستقبلي؛ لأنها ليست في وضع المسئولية، وعليها ألا تمثل عبئًا بتصريحاتها حتى لا يظهر الرئيس بأنه تابع للإخوان المسلمين. - يرى البعض أن الأزمة بين حزب النور والرئاسة "مفتعلة"، ونوع من تصفية الحسابات لمصلحة الإخوان، فما رأيك؟ الإخوان حاليًا يتعرضون لضغط كبير جدًا، ونقد واسع النطاق، وليس من الحكمة أن تكثر من عدد منتقديها، لذا فالأزمة ليست مفتعلة، ومن يفتعل يكون في موقف قوة واستقرار، أما الأوضاع الحالية فتحتاج إلى تهدئة الخواطر ولم الشمل، ولا تحتاج إلى افتعال مواقف جديدة تصعّب عليه الأمر أكثر مما هو عليه. - وكيف ترى الحل لتلك الأزمة؟ في الحقيقة المسألة يسهل حلها، وكنت أرى أن التريث أفضل، وترك الموضوع للتحقيق، وإطلاع حزب النور على نتائج التحقيق، وإن كانت المسألة قانونية يحال إلى التحقيق. - ليس من مصلحة الإخوان أن تزيد منتقديها، حسب قولك، ورغم ذلك يتصاعد الغضب الشعبي ضدها، فكيف ترى ذلك؟ بالطبع ليس من مصلحة الإخوان أن تتصاعد المعارضة ضدهم، لكن الفرصة السانحة لإحتواء الموقف الشعبي ككل فاتت، وكانت عقب ثورة 25 يناير مباشرة، والأزمة الاقتصادية صعبة، ومن تسلم البلد تسلمها "مهلهلة"، وكانت عملية صعبة على أي من يتولى قيادة البلد، ولا شك أن الأخطاء التي وقعت فيها الرئاسة، جعلت هناك جبهة من القوى ضدها، وجمعت بين الفرقاء، مثل القرارات التي تم الرجوعى فيها، وقرارات ظهر فيها عدم رعاية مصالح المواطنين بشكل كاف. - هل زاد من تلك الأزمة عدم شعور المواطن بتحقيق الوعود الرئاسية والخاصة بحل الأزمة الاقتصادية حتى الآن؟ الوعود الانتخابية، كان وقتها مرسي يتحدث من خارج المنصب، وكان المفترض آلا يقدم إلا الوعود التي في قدراته، ومثله في ذلك مثل الرجل الذي ذهب للزواج فيقول لعروسته أنا "هجيب وهجيب وهجيب.. وهو مأمن على أشياء معينة مثل بيع أرض أو قرض أو ما إلى ذلك"، وهو الأمر نفسه بالنسبة للرئاسة، فقد فكر مرسي، بحسن نية كدعاية انتخابية، لكنه وجد قوة مقاومة في الداخل والخارج. - وإلى متى تستمر هذه المرحلة؟ يمكن أن ننجح إذا دخل جميع القوى السياسية في الحوار الوطني، وإذا تحركنا جميعًا تجاه البناء. - كيف نتحرك إلى البناء، وهناك تصريحات تنسب لعدد من رموز الجماعة الإسلامية بمثابة ضوء أخضر لممارسة العنف؟ لم يعد هناك مبرر لممارسة العنف، فقد مارسته الجماعة الإسلامية ضد أنظمة سابقة من باب رد الفعل. - هل من المقبول أن تخرج فئات من الشعب اليوم لممارسة العنف كرد فعل؟ بالفعل هذا مقبول، في حال انسداد الطرق الشرعية للمعارضة، كاللجوء إلى القضاء والبرلمان والتظاهر السلمي، ولكن نحن الآن نفتح الباب، ولا يمكن أن تغلق الطرق، لذا لا أرى أي ضرورة للخروج العنيف على النظام بل يجب الوقوف بجانبه ومساندته. - تقييمك للدكتور محمد مرسي كرئيس، وقد ذكرت أنك التقيت به عن قرب؟ أحسبه من الصالحين، وقد التقيت به أكثر من مرة، وهو على المستوى الشخصي محترم جدًا، ويحب بلده وشعبه، وغير متحيز للإخوان، و"نفسه يخدم البلد"، وتلك حقيقة لابد وأن أشهد بها أمام الله، لكن المشكلة أن الدولة صعبة الانقياد، وأي حد جاء مكانه كان سيجد صعوبات لا تقل عما يجده الآن، بالإضافة إلى أن ظروف البلد صعبة، وأنا قلت "إللي هيمسك مصر هروح أعزيه وهذا ما حدث، فأنا أعزي الرئيس في الوظيفة التي تولاها، فأي رئيس كان سيأتي بعد الثورة كان سيتعرض إلى الهجوم والنقد المستمر؛ لأن الشعب "ثائر وساخن". - تقييمك للرئيس محمد مرسي.. تعطيه أي درجة من 1 إلى 10؟ هو الآن في المرحلة قبل رقم واحد، فلازال في مرحلة انتشال المجتمع الغاطس تحت الأرض، فالأداء الحالي هو إنقاذ من الغرق، ومعدله "ماشي كويس"، ولكن به معوقات. هل يأخذ الرئيس مرسي، بما يقدم له من نصائح؟ الرئيس مستمع جيد للنصائح، وأنصحه بفتح باب الحوار الوطني والمصالحة الوطنية، وتوسيع دائرة مستشاريه، وترتيب القضايا بما يخدم الوطن، والابتعاد عن القرارات التي تلقى معارضة كبيرة، ومحاولة مراضاة الغاضبين وحل مشكلاتهم.